تركي سعد الحربي

زامر الحي لا يطرب التلفزيون!

الجمعة - 03 أغسطس 2018

Fri - 03 Aug 2018

من نهاية السبعينات الميلادية إلى بداية التسعينات قدمت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مسرحيات سعودية فكاهية واجتماعية، شارك فيها رواد التمثيل بالمسرح والدراما السعودية، وجميع الكادر المسرحي من التأليف والإخراج والتصوير والإضاءة والديكور والموسيقى والغناء، كلها مواهب فنية سعودية خالصة.

وهؤلاء هم رواد المسرح والدراما السعودية، فقد قدموا أعمالا مسرحية خالدة ذات قيمة فنية وثقافية واجتماعية كبيرة، كما أنهم التزموا بعرض وتقديم المسرح كأب للفنون شاملا لمعظمها.

لذا استحقت هذه المسرحيات بكل جدارة أن يطلق عليها «مسرح سعودي» لأن الكادر مواهب وطنية، ومحتواها ومضامينها طرحت وعالجت قضايا محلية، وأدواتها قدمت اللهجة والثقافة والتراث والشكل السعودي بخامته الأصلية، وليس المسعودة! والتي رأيناها لاحقا بالدراما التلفزيونية.

أغلب تلك المسرحيات عرضت قبل ما يزيد على ثلاثة عقود، إلا أنك تتابعها الآن وتضحك من القلب على الكوميديا التي صنع مواقفها روائيون مبدعون، تعاون معهم ممثلون موهوبون، كانوا هم جيل ريادة المسرح والدراما السعودية من أمثال: محمد العلي ومحمد المفرح وعبدالرحمن الخريجي وعبدالعزيز الحماد وبكر الشدي رحمهم الله، وأيضا سعد خضر ومحمد الطويان وعبدالرحمن الخطيب وعلي المدفع وعلي إبراهيم والباقين حفظهم الله جميعا.

أما على صعيد كتاب المسرح نذكر من رحل عن الدنيا قبل بضعة أسابيع وهو أحد المبدعين بالمسرح الأستاذ محمد العثيم رحمه الله الذي كان من بين رواد المسرح السعودي، والذين وضعوا حجر الأساس في بناء المسرح السعودي وساهموا في نهضته وتألقه.

ومن المحزن أن هؤلاء الرواد لم يتم تكريمهم، ولا حتى الاستفادة من خبراتهم الفنية، وهم الرعيل الأول للموهبة الفنية السعودية، والتي يجب أن تخلد لتكون أساس وتاريخ كل موهبة فنية سعودية قادمة.

وكي تخلد هذه الأعمال الفنية يجب أن تعرض بالتلفزيون أو في أي منبر اجتماعي، لذا فإنني أعتب على التلفزيون السعودي لعدم عرض هذه المسرحيات السعودية مع أنها موجودة بأرشيف التلفزيون كما ذكر لي بعض الممثلين المخضرمين.

وكل عيد وكل إجازة يعرض لنا تلفزيون السعودية مسرحيات عربية وخليجية محددة، واستمر على هذا المنوال لمدة طويلة، حتى إني أكاد أجزم أن الكثيرين يحفظون عن ظهر قلب حوارات مسرحيات مثل: شاهد ما شفش حاجه، والعيال كبرت، والمتزوجون، ومدرسة المشاغبين، وهذا من كثرة إعادتها بالتلفزيون، كأنه لا يوجد لديهم غيرها!

وعندما أحس التلفزيون أنه «زودها حبتين» وشعر بتذمر المشاهدين من كثرة إعادة المسرحيات، قرر التغيير مواكبا للتطور والتجديد، وبدأ تلفزيوننا العزيز بعهد جديد، أوقف فيه إعادة المسرحيات «إياها» وأتانا بالجديد، و»ليتنا من حجنا سالمين»!

والجديد هو عبارة عن بعض من العبث الخليجي الذي سمي زورا وبهتانا بمسرح فكاهي ساخر! وحقيقة الأمر أنهم فعلا يقفون على خشبة مسرح، لكن لا يعرض عليها مسرح! بل تعرض تفاهة وسخافة، بعضها فيه انتقاص من شكل الإنسان أو من ثقافة شعوب معينة.

يا هيئة الإذاعة والتلفزيون، بدل أن نغرب ونشرق، قدموا لنا بالقنوات السعودية مسرحيات سعودية، بالأخص المسرحيات التي عرضت بالثمانينات الميلادية، فأنا من الذين يراهنون على أن المسرح السعودي أفضل من العبث الخليجي والكلاسيكيات العربية بألف مرة! من ناحية المحتوى والرسالة والكوميديا وأداء الممثلين العالي، وإخراج المسرحية بصورتها العامة.

وهنالك اجتهاد فردي قام برفع بعض هذه المسرحيات على اليوتيوب، صحيح أن وضوح الصورة والصوت ليس جيدا، لكن يكفي أننا عرفنا أن المسرح السعودي فيه مسرحيات غير مسرحية «تحت الكراسي» مثل مسرحية «ثلاثة النكد» ومسرحية «عويس التاسع عشر» ومسرحية «المهابيل» ومسرحية «ولد الديرة» ومسرحية «للسعوديين فقط»

وهذه المسرحيات هي أمثلة فقط، وإلا فإن العدد أكثر مما ذكرت، ونتمنى من أرشيف التلفزيون أن يرفعها لنا على شبكة الانترنت، لتكون المشاهدة سهلة ومتناولة للجميع.

ولكل مهتم بالمسرح الاجتماعي والفكاهي، تابع المسرحيات السعودية، لترى وتعرف أن بعض الدعاية التي نالها مسرح بعض الأشقاء! كان إعلانا ليس في محله.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال