عبدالله الأعرج

لأنها مكة..

الاثنين - 30 يوليو 2018

Mon - 30 Jul 2018

بالأمس القريب صدر المرسوم الملكي الكريم بإنشاء الهيئة الملكية لمدينة مكة والمشاعر المقدسة، والذي جاء في وقت يشهد فيه الوطن حراكا تنمويا حثيثا في كل الاتجاهات لتحقيق رؤية الوطن والمواطن.

ولأنها مكة المتكئة قدرا وشرفا في فؤاد الراعي والرعية، فإن عناصر الدين والديموغرافيا والحياة بكل أشكالها ستطل على ترابها الطاهر بشكل جديد يأخذ من نماذج التجارب السابقة ومكتسبات العصر الحديث، مرتكزا على أحداث نقلة مضاعفة لتنمية البلد الحرام وراحة ساكنيه وقاصديه.

ولما كانت مكة من المدن ذات الكثافة السكانية المرتفعة High Density city فإنني متفائل بأن مزيدا من الخطط الخلاقة ستأخذ هذا العنصر الأبرز في الحسبان ليكون مرجعا أوليا لحسابات التخطيط للجامع والشارع والمسكن والصحة والأمن والخدمات الاجتماعية والتعليمية والأعمال التطوعية على حد سواء.

عامل إدارة الحشود والجموع ربما كان محورا آخر ضمن محاور مكة الجديدة، ولأننا نعلم جميعا أن الدولة بكل أجهزتها تبذل جهدا مضنيا في سبيل راحة الجموع حجاجا ومعتمرين فإنني متفائل أيضا بأن مزيدا من التسهيلات لما يمكن تسميته الإدارة الالكترونية لمناطق الحشود E- management of crowded areas سيتضح جليا من خلال الهيئة الجديدة ليقابل الرؤية الطموحة التي تطمح للقفز بعدد قاصدي البيت الحرام حجا وعمرة إلى نحو 30 مليونا بحلول 2030م، والذي يستوجب توسعا في توظيف التكنولوجيا وتسريع الأداء وأتمتة الإجراءات.

الهيئة الملكية لمكة والمشاعر بتقديري ستستفيد كثيرا من التجارب السابقة لتطوير أفكار خلاقة تلامس نواحي عدة، منها على سبيل العرض لا الحصر:

الجانب الاقتصادي، حيث أتوقع أن يكون هناك دخل اقتصادي متين من خلال مزيد من الاستغلال للموارد التي تمتلكها المدن الأكثر ازدحاما في العالم، كأجور المواصلات الحديثة، النزل الفندقية المعدة بأحدث وسائل الراحة، زيارات المعالم السياحية البارزة، الترفيه التعليمي، برامج الحاج والمعتمر، الإرشاد السياحي، صناعة التذكار وتخليد الزيارة، برامج عيش مكة، وغيرها كثير.

الجانبان التعليمي والتدريبي كما أعتقد سيحظيان كذلك بمزيد من التطوير، حيث أتوقع أن يكون للهيئة لمسة فيما يتعلق باستحداث مقررات دراسية تخص ثقافة المدن المزدحمة وخصائص المدن الدينية وثقافة خدمة الوافدين إليها.

الهيئة ربما تنظر لقطاع التدريب أيضا من زاوية مهمة جدا، بحيث يكون هنالك مساهمة بشكل أكبر من قطاعات التدريب التقني في تدريب الشباب تدريبا تخصصيا technical training يشمل صيانة وسائل التنقل ما بين قطارات ومترو وحافلات المناطق المركزية والمشاعر، وتدريبا ناعما soft training يشمل تأهيل شبان وشابات المجتمع المكي على بروتوكولات استقبال الضيوف وخدمات الحجاج والتثقيف الصحي الأساسي والتطوع المنظم والتكامل بين القطاعات.

الأفكار التي أتمنى أن تتبناها الهيئة الملكية لمكة والمشاعر كثيرة، والدولة أعزها الله تعي تماما أن البلد الحرام بعبق أصالته سيمضي نحو آفاق أكثر ازدهارا ليواكب طموحات الوطن العريضة، وذلك من خلال إبداعات القائمين على هذا المشروع الميمون، ليضيف بإذن الله مزيدا من سجلات الفخر والشرف لخدمة مكة وقاصديها عبر التاريخ السعودي التليد.

dralaaraj@