ناصر الهزاني

الصين والعالم العربي.. الدخول عبر القوة الناعمة

الأربعاء - 18 يوليو 2018

Wed - 18 Jul 2018

منذ سنوات عدة والصين تسعى إلى الدخول للعالم العربي وتطوير العلاقات الصينية العربية على أساس اقتصادي، محاولة الابتعاد عن أي مواجهة سياسية مع الغرب، وقد جاء مشروع «الحزام والطريق» وفق استراتيجية تعمل عليها بكين لتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع عدد من الدول العربية.

الصعود الاقتصادي القوي للصين في السنوات الأخيرة مهد كي تقدم نفسها كأنموذج جديد يجمع بين الصعود المتزن الهادئ والتنمية الاقتصادية، وتكلل هذا بإطلاق مبادرة طريق الحرير كأنموذج لاستعمال الصين لقوتها الناعمة لمحاولة الدخول للعالم العربي، مع تجنب أي مواجهات أو مصادمات مع دول كبرى لها مصالحها في المنطقة.

الولايات المتحدة بدورها أدركت هذه القوة الاقتصادية الكبيرة للصين وتمدد شراكاتها، لذا سعت إلى التوجه نحو آسيا إدراكا منها بضرورة حضورها لكيلا تفاجئها بكين بعد سنوات بسيطرتها على هذه المنطقة الحيوية، وهو ما يمهد الطريق لتفقد أمريكا صدارتها للعالم.

تشكل العلاقات العربية الصينية بشكل عام إطارا جيدا للشراكة مع الصين، حيث تتمتع بكين بعلاقات ممتازة مع بعض الدول العربية، كما لا تنسى الصين أهمية المنطقة العربية عموما ودول الخليج العربي خصوصا، لاعتمادها بشكل أساس على استيراد أكثر من 50% من النفط من الدول العربية، خاصة الخليجية، لما تتمتع به المنطقة من احتياطات ضخمة من البترول الذي تحتاجه بكين لضمان استمرار صعودها الاقتصادي. كما أن المنتجات الصينية حاضرة وبقوة في كثير من الأسواق العربية وبمواصفات مختلفة، إضافة إلى وجود الشركات الصينية في بعض دول المنطقة، والتي تساهم في إنجاز مشاريع البنية التحتية بمختلف مجالاتها.

حظيت مبادرة بكين في تقديم مشروعها «طريق الحرير البري والبحري» تعاطيا إيجابيا من بعض الدول العربية، لتكمل الصين بذلك ما بدأته منذ سنوات من خلال توقيعها اتفاقيات في مجالات الاقتصاد والمال والثقافة.

إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الصين في مارس 2017 جاءت لتعمل على توثيق العلاقات الاقتصادية المشتركة وزيادة فعاليتها، ولا سيما أن حجم التبادل التجاري بين بكين والعالم العربي بلغ في عام 2015 نحو 202 مليار دولار، 70 % منها مع دول الخليج العربي. وتسعى الصين إلى رفع مستوى التبادل التجاري ليصل إلى 600 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة.

رغم ما قدمته بكين من مبررات لمشروعها طريق الحرير إلا أن هناك بعض التحفظات عليه، خاصة ما يتعلق بتأثيره على دور قناة السويس المحوري، ولكن مسؤولين مصريين قللوا من حجم تأثيره على القناة، ولعل واحدة من أهم العقبات التي تجعل بعض الدول العربية مترددة ومتحفظة تجاه هذا المشروع عدم وجود إجراءات وترتيبات أمنية تضمن سلامة مساره وعدم تعرضه لأخطار مستقبلية تؤثر على حركة التجارة والنقل.

وفي كل الأحوال تبقى الصين قوة اقتصادية واعدة وصاعدة ومهمة في ذات الوقت للعالم العربي وللمنطقة. ومن المهم توطيد العلاقات معها وتوسيع دائرة الشراكة الاقتصادية، لأن هذا سيسهم في تنويع آفاق الاقتصاد وفتح المجال أمام أسواق جديدة تستفيد منها المنطقة.