ربيع رغم أنف المغالطين

يستشهد البعض بما آلت إليه الأوضاع من حرب وقتل وتشريد ودمار في بعض دول الربيع العربي كليبيا وسوريا واليمن، ليبرهن على صحة ادعائه بأن حركات الربيع العربي تلك إنما

يستشهد البعض بما آلت إليه الأوضاع من حرب وقتل وتشريد ودمار في بعض دول الربيع العربي كليبيا وسوريا واليمن، ليبرهن على صحة ادعائه بأن حركات الربيع العربي تلك إنما

الثلاثاء - 10 نوفمبر 2015

Tue - 10 Nov 2015



يستشهد البعض بما آلت إليه الأوضاع من حرب وقتل وتشريد ودمار في بعض دول الربيع العربي كليبيا وسوريا واليمن، ليبرهن على صحة ادعائه بأن حركات الربيع العربي تلك إنما هي السبب في كل ما حصل ويحصل الآن في تلك الدول، وأنه لولا الربيع العربي لكان الليبيون والسوريون واليمنيون يعيشون في خير وأمان، ولما لحق بهم وببلدانهم كل ذلك الخراب والدمار.. ولا ينظر هؤلاء لدول أخرى قامت فيها حركات الربيع العربي ولم يحصل لها شيء من ذلك، بل على العكس تخلصوا من طغاة وديكتاتوريين كتونس في المقام الأول ومصر بشكل أو بآخر..

والحقيقة هي أن ما حدث من خراب وبلاء في ليبيا وسوريا واليمن بعد حركات الربيع العربي هو ما يؤكد صحة تلك الحركات وضرورتها ووجوبها وأهميتها.. فما حدث ليس سببه مطالبات شعب وتطلعات مواطنين، وإنما هو ظلم حاكم وقهره واستبداده بشعبه.. ليس الربيع العربي هو ما أدى إلى الخراب والدمار والقتل والتشريد في ليبيا وسوريا واليمن، وإنما غطرسة القذافي وجبروت الأسد وفرعنة صالح.. فلو لم يطأ العسكر والسياسيون بأقدامهم على رؤوس أبناء الشعب في تلك الدول لما حصل ما حصل.. ولو لم يقابل القذافي والأسد وصالح حركات الربيع العربي بالقمع والحل الدموي لما حصل ما حصل.. ولو تفهم أولئك مطالب شعوبهم وحاجاتهم لما حصل ما حصل.. ولو تعامل كل من أولئك المستبدين مع شعبه بشفافية وأمانة وصدق لما حصل ما حصل.. ولو قاموا على خدمة شعوبهم ومواطنيهم وتحقيق رفاههم وتقدمهم وتأمين العيش الكريم لهم كما يزعمون ويدعون ويرددون في كل محفل لما حصل ما حصل..

كيف نلوم شعبا على مطالبه وعلى رأسه حاكم هذا حاله وهذا جوابه على مطالب شعبه بأن يدمر البلد ويحرقه ويقتل أهله ويشرد أبناءه ويجعل عاليه سافله؟ متى أصبحت المطالبة بالحق رذيلة؟ ومتى كان الصمت على الظلم والباطل فضيلة؟ كيف يفكر البعض عندما يضعون اللوم - كل اللوم - على شعب مطحون تحرك سلميا للمطالبة بحقوقه من طاغية جثم على صدره لعقود، ولا ينظرون لرد فعل ذلك الديكتاتور وصنيعه ببلده وأبناء وطنه؟ كيف يوجهون اللوم لليبيين والسوريين واليمنيين على ما حدث ويحدث في بلدانهم، ويتشدقون بأنه لو لا مطالباتهم وتحركهم وربيعهم العربي لما حصل ما حصل، ولا يدركون أن كل ذلك سببه الحاكم الجائر المستبد وبطشه وجبروته وقهره لشعبه؟

إن من حق الشعب المظلوم والمواطن المطحون أن يطالب بحقوقه، ومن واجب الحاكم الظالم أن يرعوي ويعود عن غيه وينزل عند مطالب شعبه.. وعندما لا يفعل ويقتل الشعب ويدمر البلد فليس من البصيرة في شيء أن نلقي اللوم على المظلوم تبريرا لجرم الظالم.. وليس من الإنصاف بحال أن يردد البعض حكمهم المتخاذل الخانع على أبناء ليبيا وسوريا واليمن وأنهم بتحركهم جلبوا الدمار لأنفسهم، فهم أصحاب حق وتحركهم ربيع وسيظل ربيعا وسيصبح ربيعا رغم أنف المغالطين..