زيارتي لطائفة الأميش

الجمعة - 29 يونيو 2018

Fri - 29 Jun 2018

ساعتان تقريبا المدة التي احتجتها للانتقال من منهاتن بولاية نيويورك إلى لانكستر بولاية بنسلفانيا. مسافة لا تذكر ولكنها تفصل مجتمع منهاتن بثرائه وأعماله عن مجتمع بسيط منعزل لا يزال يعيش كأجداده منذ 200 سنة وأكثر. إنه مجتمع الأميش المسيحي.

مكثت في تلك المنطقة ثلاثة أيام استطعت خلالها معرفة جميع الأجوبة الوافية عن أسئلتي، عبر المشاركة في جولات سياحية والتعرف على إحدى العائلات، والتجول في مزرعة ومصنع نجارة للأثاث لعوائل مختلفة. تعجبت من جمال بلدتهم وروعة ألوان منازلهم ونظافة حدائقهم، كذلك بشاشتهم وصفاء بشرتهم وسلامة أبدانهم وصحتهم وسعة صدورهم. معظمهم يتحدثون ثلاث لغات، هي لغة الدتش القريبة من الألمانية لصلواتهم، ولغة بنسلفانيا داتش التي يستخدمونها في المنزل، واللغة الإنجليزية التي يتعلمونها في المدرسة. يستخدمون كلمة «إنجليزي» لمناداة أي شخص مهما كانت جنسيته ودينه لا ينتمي لهم فكنا جميعا English في معيارهم.

معدل الجريمة صفر، والأمراض شبه نادرة بينهم، حياتهم بسيطة، فقد قالت لي إحدى السيدات «أستيقظ فجرا لأحلب 41 بقرة، ومن ثم أجهز الطعام لنفطر جميعا، بعدها يذهب زوجي للعمل في النجارة والأبناء للمدرسة، وأنشغل في تنظيف المنزل والحديقة وحظائر الأبقار. بعدها أجهز الغداء لنأكل سويا بعد عودة الجميع. وقبل مغيب الشمس بساعتين أحلب الأبقار مرة أخرى، ويتجه البقية إلى المزرعة لحراثة الأرض أو جمع حصاد محصول الذرة. وبعدها نتناول العشاء سويا وننام».

في الشوارع رأينا العربات التي تجرها الأحصنة كوسيلة للتنقل، انتبهنا إلى أن أسطوانات الغاز في المنازل يستخدمونها لتشغيل الثلاجات والأفران وغسالات الملابس. سمحت لهم الحكومة الأمريكية بمدارس خاصة تناسب معتقداتهم، حيث يتعلمون حتى سن الـ 14 وينصرفون بعدها لتعلم المهن اليدوية. التكافل الاجتماعي لديهم أغناهم عن التأمين الصحي، فقد ذكر لي أب لثمانية أطفال عن تعاونه مع البقية لبناء مخزن مزرعة جاره خلال خمسة أيام فقط. أما عن السياسة فهي لا تهمهم، ولكن تعد الانتخابات الأخيرة هي أكثر الانتخابات التي شاركوا فيها كي لا تفوز هيلاري كلينتون برئاسة البلاد، كون ذلك يخالف دينهم.

خلاصة الأمر أن طائفة الأميش كغيرها من طوائف ومجتمعات تختلف عنا، وأفضل طريقة لمعرفتهم هي مزج السياحة بالثقافة والتعرف عليهم بنفسك مثل زيارة محميات هنود الحمر، وقبيلة المساي في كينيا، ويهود الحسيديم في بروكلين.

من هم الأميش:

بين المزارع والمسطحات الخضراء تعيش آلاف الأسر الأمريكية المعروفة بالأميش، وهم بالأصل نتاج حركة مسيحية أوروبية نادت بالإصلاح الديني في منتصف القرن الـ 16، فتم تكفيرهم من قبل الكاثوليك والبروتستانت، وبعد سنوات من الاضطهاد الديني تمكنوا من الهجرة إلى أمريكا بعد دعوة حاكم بنسلفانيا لهم مع ضمان الحرية الدينية.

المحرمات الدينية:

الكهرباء، السيارات والطائرات، التكنولوجيا، الإنترنت، التأمين الصحي، التصوير (عرائس الأطفال بلا ملامح وجه)، الموسيقى، أدوات الزينة والحلي، التعليم العالي، قيادة المرأة للعربة أو توليها مناصب قيادية، وكثير من الأمور التي أدت إلى انعزالهم داخل مناطقهم.

ReaderRiy@