أكثر الدول العالمية تطبيقا للدين الإسلامي

تدور بين هواتفنا رسالة واتس اب تشير إلى وجود دراسة من جامعة جورج واشنطن تحدد أكثر الدول تطبيقا للدين الإسلامي في العالم، حيث حصلت على المرتبة الأولى نيوزيلندا، وتلتها اليابان، وكانت الكويت في المرتبة 48، بينما حلت السعودية في المرتبة 131!.

تدور بين هواتفنا رسالة واتس اب تشير إلى وجود دراسة من جامعة جورج واشنطن تحدد أكثر الدول تطبيقا للدين الإسلامي في العالم، حيث حصلت على المرتبة الأولى نيوزيلندا، وتلتها اليابان، وكانت الكويت في المرتبة 48، بينما حلت السعودية في المرتبة 131!.

الجمعة - 30 أكتوبر 2015

Fri - 30 Oct 2015



تدور بين هواتفنا رسالة واتس اب تشير إلى وجود دراسة من جامعة جورج واشنطن تحدد أكثر الدول تطبيقا للدين الإسلامي في العالم، حيث حصلت على المرتبة الأولى نيوزيلندا، وتلتها اليابان، وكانت الكويت في المرتبة 48، بينما حلت السعودية في المرتبة 131!.

وتؤكد الرسالة على أن القياس تم من خلال انعكاس القيم الدينية على سلوك الناس ومعاملاتهم، وليس على أساس العبادة، والتي هي شأن خاص بين العبد وربه، ويصعب قياسه.

وقد أكدت الرسالة على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

كما حددت الرسالة أسباب حصول اليابان على المراتب الأولى بثلاثة أسباب:

1. تدريس مادة «الطريق إلى الأخلاق» في المرحلة الابتدائية باليابان.

2. لا يوجد باليابان رسوب في مرحلتي الابتدائي والمتوسطة، بهدف غرس المفاهيم والقيم الاجتماعية، وبناء الشخصية، وليس فقط التعليم والتلقين.

3. اليابانيون، رغم ثرائهم، ليس لديهم خدم، والكل يشارك بدوره في الأسرة.

وحقيقة أني قد عدت للدراسة المذكورة، ووجدت أنها كانت عبارة عن ورقة بحثية قدمت لجامعة جورج واشنطن، وتم نشرها في مجلة الاقتصاد العالمي بتاريخ 2010، من قبل الإيرانيين: حسين العسكري، وشهرزاد الرحمن.

ومن عجب فإن الدراسة مختلفة كليا في محتواها ومغزاها عن الترجمة المتداولة بيننا، فكأن من قام بالترجمة قد استغل المسمى لإثبات شيء في نفسه لم تتناوله الدراسة كليا.

وملاحظاتي في عجالة على الدراسة:

1. أنها كانت تعنى بقياس التعاملات التجارية والاقتصادية في الدول العالمية، ومستوى المعيشة، ومدى التزام الحكومات بالدين المعلن لديها.

2. ذكرت الدراسة أنها اعتمدت على 113 نقطة للمقارنة، وللأسف فإنه لم يتم تبيان تلك النقاط.

3. قيام صاحب الدراسة باعتماد الدين الإسلامي كمؤشر للدول الإسلامية، واستخدام المسيحية بقسميها، واليهودية، والشيوعية، مقياسا للدول التي تطبقها، وكأنه يشير إلى معنى التدين، وليس للإسلام بعينه.

4. على فرض أنه حدد الإسلام كقاعدة لدراسته، فإنه لم يحدد أي إسلام يقصد، السني، أم الشيعي، أو الأصولي، أو المتطرف، أو الحداثي.

5. لم تذكر الدراسة هل تم القياس على أساس الزكاة، أو الخمس، أو العبودية، أو الربا، أو البنوك الإسلامية، التي تكون في غالبها التفاف على النصوص بفتاوى مدفوعة الثمن.

6. حددت الدراسة أن الدول الإسلامية غير ملتزمة بتعاليم الدين، مما جعلها تقبع في مؤخرة الدول العالمية تنمويا واقتصاديا.

7. لم تتطرق الدراسة لأحوال الجهل والفقر والأمراض والحروب، والتي تسبب التخلف الاقتصادي والتنموي.

8. قامت الدراسة بالتعميم في طغيان القدرية، والشخصانية، والكسل، وعدم الوثوق بالعلم، وانتشار الخرافات في الدول المسلمة كأسباب للتخلف الاقتصادي.

9. الدراسة تحتوي على عدد كبير من ملخصات دراسات قديمة كانت تتكلم عن مختلف الأديان، وعلاقاتها بالاقتصاد.

الخلاصة: أن هذه الدراسة ركيكية، فلا أسس علمية واضحة لها، وهي تبحث في مجال واسع يحتاج لدراسة أعمق وأشمل، دون الدمج بين معنى الإسلام، والتدين على عمومه.

ونصيحة لنا جميعا بأن نكف عن جلد ذاتنا بتداول الرسائل المريضة بيننا، وبما لا ينطبق مع العقل، ولا يمكن التحقق من مصداقيته.. ويكفينا ما فينا من هموم.



[email protected]