الحج عاما بعد عام

ودعنا بكل أحاسيسنا وعواطفنا جموع الحجيج الذين من الله عليهم بحج بيته وأكرمهم بعد حجهم بزيارة مأرز الإيمان ومهاجر النبي المدينة الطيبة المباركة ومسجدها الآمن وزيارة معالم الإسلام وآثار النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام

ودعنا بكل أحاسيسنا وعواطفنا جموع الحجيج الذين من الله عليهم بحج بيته وأكرمهم بعد حجهم بزيارة مأرز الإيمان ومهاجر النبي المدينة الطيبة المباركة ومسجدها الآمن وزيارة معالم الإسلام وآثار النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام

الثلاثاء - 06 أكتوبر 2015

Tue - 06 Oct 2015



ودعنا بكل أحاسيسنا وعواطفنا جموع الحجيج الذين من الله عليهم بحج بيته وأكرمهم بعد حجهم بزيارة مأرز الإيمان ومهاجر النبي المدينة الطيبة المباركة ومسجدها الآمن وزيارة معالم الإسلام وآثار النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

وللحج في التاريخ قصة طويلة بدأت منذ الجاهلية الأولى، قصة مع الحجاج وقصص كثيرة مع القائمين على خدمتهم في الأماكن المقدسة وقصص أكثر مع تقلب الحقب والأحوال.

بدأت قصة الحج الأولى ببناء البيت العتيق حين يرفع إبراهيم القواعد من البيت وابنه إسماعيل وحين كانت التضحية الكبرى بالابن التي أمر الله بها نبيه فأسلما لأمر ربهما.

ومنذ تلك القصة في تاريخ الحج والحجاج جاءت قصص وأحداث ملأت صفحات التاريخ، وملأت ذاكرة الشعوب في جاهليتها وفي إسلامها، لم تكن كل تلك القصص مريحة وسارة كما يجب وكما هو مطلوب لبيت الله الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا، ولم تكن كلها أيضا مؤلمة وضارة وإن كان في قسوة بعضها ما لا تصمد له شم الجبال، لكن المعجزة الربانية أن الأحداث القاسية في تاريخ الحج وفي أذهان الحجاج لا تلبث إلا قليلا حتى تذهب ويحل مكانها الحب والحنين الدائم إلى الأماكن المقدسة، يلقى الحجاج الكثير من العنت والمشقة ثم لا يلبثون حتى يراودهم الحنين مرة أخرى إليها.

في الماضي كانت أكبر المشاق التي يتعرض لها الحجاج هي المسالك غير الآمنة وغارات قطاع الطرق واعتراض القوافل، وكانت مسؤولية الدول تأمين الطريق إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، فلما تغير الحال وأمنت الطرق وتوفرت وسائل كثيرة للمواصلات مكنت المسلمين من مشارق الأرض ومن مغاربها من الحج وتأدية مناسكهم جدت مع الجديد مشاكله التي لم يعهدها الناس قبل.

كانت ثورة المواصلات وتقارب القارات فتضاعف عدد القاصدين للحج أضعافا كثيرة تفوق القدرة والطاقة الاستيعابية لأماكن المناسك التي يجتمع الناس فيها في وقت واحد وفي زمن محدود، وكانت الأعداد أكبر مما تتحمله تلك الأماكن التي تتم بها أركان الحج.

وقد واجهت المملكة هذه المشكلة قبل سنوات ودعت دول العالم الإسلامي لتحديد حجاجها ووضعت نسبا لكل دولة باعتبار عدد سكانها نسبة وتناسبا مع حصتها التي تخصص لها، ولا أدري هل ما زالت تلك الحصص قائمة ومعمولا بها حتى الآن، لكن ما أعلمه ويعلمه كل منصف أن المملكة أنفقت مئات المليارات على تطوير الأماكن المقدسة واستشارت أكبر المؤسسات العالمية والمحلية في إدارة الحشود لأخذ خبرتها وتطبيق المناسب منها، ولا ينقضي حج في كل عام حتى يعكف المختصون على دراسة سلبياته لتجنبها في العام القادم، وإيجابياته للأخذ بها، وحاولت أكثر من مرة التعديل وألغت مشاريع أنفقت عليها المليارات بعد أن تبين عدم صلاحها ومحاولة إحداث ما هو أفضل منها.

المملكة والقائمون على الأمر فيها وكل مواطن، يرون أن وجود الأماكن المقدسة وخدمة العمار والحجاج هبة من الله ومكرمة تنقطع دونها الأعناق وهم يبذلون كل ما يستطيعون في سبيلهم وفي سبيل أمنهم وراحتهم، وذلك لا يعني تجاهل الأخطاء وحدوث بعض التقصير، وإذا وقع حادث مؤلم مثل ما حدث في هذا الحج من التدافع أو الأحداث الطارئة التي حدثت، فلا يجب أن نلتمس الأعذار بل يجب تحمل المسؤولية والقيام بالواجب نحو أي تقصير، وأن يعاد النظر في الخطط والبرامج ويستفاد من التجارب السابقة المحلية وتجارب العالم، ويبحث عن الأفضل، وأهم شيء الشفافية والوضوح عندما تقع الكوارث وأن توضع الحقائق كما هي أمام الرأي العام دون إبطاء أو تأخير حتى لا يترك للشائعات مجال الرواج والانتشار والتفسيرات الخاطئة.