هات بحثك أحتاج ترقية أكاديمية!

لا يزال حجم الإنفاق على البحث العلمي لا يتوازى مع حجم الطموح في الاستفادة من المخرجات، وإن ساهمت في دفع عجلة التقدم البحثي بدرجات متفاوتة على المقاييس العالمية. إلا أن مفهوم البحث العلمي المؤسف في عقول بعض الأكاديميين في الجامعات لا يتجاوز مسألة الطمع في الحصول على الترقية من مرتبة لأخرى من أجل التلميع والحصول على بعض الامتيازات والمخصصات المالية.

لا يزال حجم الإنفاق على البحث العلمي لا يتوازى مع حجم الطموح في الاستفادة من المخرجات، وإن ساهمت في دفع عجلة التقدم البحثي بدرجات متفاوتة على المقاييس العالمية. إلا أن مفهوم البحث العلمي المؤسف في عقول بعض الأكاديميين في الجامعات لا يتجاوز مسألة الطمع في الحصول على الترقية من مرتبة لأخرى من أجل التلميع والحصول على بعض الامتيازات والمخصصات المالية.

الاحد - 16 نوفمبر 2014

Sun - 16 Nov 2014



لا يزال حجم الإنفاق على البحث العلمي لا يتوازى مع حجم الطموح في الاستفادة من المخرجات، وإن ساهمت في دفع عجلة التقدم البحثي بدرجات متفاوتة على المقاييس العالمية. إلا أن مفهوم البحث العلمي المؤسف في عقول بعض الأكاديميين في الجامعات لا يتجاوز مسألة الطمع في الحصول على الترقية من مرتبة لأخرى من أجل التلميع والحصول على بعض الامتيازات والمخصصات المالية.

قبل أسبوعين جاءت طالبة ماجستير منهكة تسأل عن بعض استحقاقاتها المالية من مكآفات تشجيعية تصرفها لها الجامعة، وحينما طلب منها تسليم نسخة من بحثها تعللت بأن مشرفتها الدكتورة طلبت منها عدم تسليم أي متعلق بالبحث قبل أن تعمل منه ورقة منشورة لأنها في ضيق «أكاديمي» جلل ورسالة ماجستير الطالبة ستساعدها في الترقية الأكاديمية في بلدها مصر، أي إن المشرفة تحولت إلى صاحبة «عازة» عند الطالبة! هذا المشهد، وإن اختلفت نسبة حدوثه، إلا أنه متكرر في كل جامعاتنا المحلية تقريبا، وقد وصل بمدير «بلدياتي» لإحدى الجامعات لسرقة مجلد رسالة أحد طلاب الجامعة في وضح النهار.

سلوكيات هذا الصنف العتيق من الأكاديميين مريرة حينما يمارسونها في أروقة الجامعات، فلماذا يسمى دكتورا ولماذا يسمى مشرفا إذا كان عاجزا عن دعم طالب الدراسات العليا في الإشراف عليه ثم سرقته أو استغلاله والالتفاف عليه بعد «قنصه» طيلة مدة دراسة هذا الطالب؟ ألم يخض هذا الدكتور المشرف يوما ما تجربة عمل البحث في مرحلة الماجستير والدكتوراه؟!

إذا لم تكن مرحلة الدراسات العليا التي مر بها ذلك الدكتور الأكاديمي كافية ليصدر ثقافة البحث العلمي للأجيال الجديدة ويغرس حب البحث العلمي في نفوسهم، فلماذا لا يتم بتر قنوات تغذيته بالبحوث العلمية التي يتسلق عليها حتى يتقلد رتبة بروفيسور! أعني تواكله على جمع الباحثين المستقطبين للعمل الجامعي عادة من الباكستانيين والمصريين والهنود فضلا عن طلبة الدراسات العليا. ترى كم «بروفيسور» أحيل على التقاعد خلف وراءه إلهاما تنافسيا في مجاله، الكم النفعي الذي جنيناه من البروفيسورات بحاجة إلى جرد شبيه بجرد العهد حتى يتسنى مستقبلا إعادة تقدير الأمور بما من شأنه تعديل نمطية مسألة استنزاف الجهود لأجل الترقية فقط!

بلا شك يوجد عدد من الدكاترة السعوديين من وصلوا للعالمية في النشر العلمي بجهودهم وقدرتهم المطلقة على قيادة الفرق العلمية وخلق روح التنافس في المجالات الابتكارية الإبداعية، ولكن هذا الصنف في المقابل لا يرتضي أن يهدر وقته في إشراك الصنف المتسلق معه في الفريق من أجل رفع مستوى مهنيته على الأقل! ولذلك تشكلت بؤر داخل الجامعات من هذا الصنف الذي يعتمد المبدأ الطفيلي للتعايش لا يفيد أحدا ولا يضر بأحد ولا يزيد من الفائدة ولا ينقص برحيله.

لو أن في الجامعات لجان تحكيم لها معايير صارمة نوعا ما تقوم بالتنقيب عن تفاصيل البحوث العلمية المقدمة للترقية وقبلها لجان تحدد ما إذا كان المقترح البحثي ذا مردود نفعي يؤهله لتخصيص ميزانية، لتم تضييق الخناق على أولئك الدكاترة الكسالى واستنهضت هممهم الذاتية من أجل كسب النشر في مجال البحث العلمي بكسب اليد.

الأمر المحزن، حينما يستنسخ هذا الكسل الأكاديمي ذلك القادم إلى الجامعات عن طريق التعاقد، فبدلا من طلب العون منه في رفع مهارات الطلاب يتعلم من بعض الأكاديميين السعوديين حرفة النصب والأساليب الملتوية للتكسب المالي والترقيات وخلافها ويتحول إلى أكاديمي انتهازي لطلابنا وطالباتنا!

مرحلة دراسة الماجستير والدكتوراه هي أهم المراحل التي يمر بها طالب الدراسات العليا لأنه يتحرر من قيود التعليم النمطية التي تجاوزها في مرحلة البكالوريوس، وفي مرحلة الدراسات العليا يبدأ يتعلم مراحل الاعتماد على النفس التي يحتاج فيها إلى الدعم والتشجيع من المشرف لأنها المرحلة التي ستجعله مصدرا للمعرفة، ومن ثم فأنظمة تقويم هذه المرحلة من حياة الطالب بحاجة إلى إعادة نظر من قبل الجامعات بما يضمن لخريجها ألا يكون نسخة مريرة مستهلكة من مشرفه الأكاديمي النفعي.