محمد العوفي

اردعوا المعتدين على أراضي المرافق العامة بالتشهير

الاثنين - 10 أكتوبر 2016

Mon - 10 Oct 2016

الأخبار التي تنقلها الصحف بين الفينة والأخرى عن حجم التعديات واستيلاء شخصيات نافذة ورجال أعمال ومواطنين على مساحات كبيرة من الأراضي العامة وأراضي المرافق العامة داخل الأحياء، والشوارع التي يتم ضمها للممتلكات، توحي لك أننا أمام لصوص لا يرتدعون بالأنظمة والعقوبات التقليدية، وما تناقلته الصحف قبل يومين من أنباء عن رجل أعمال ضم شوارع ومواقف إلى سوق له منذ 35 عاما، قد يكون رأس الجليد لاكتشاف حالات مماثلة لم تجد من يبلغ عنها، يضاف ذلك إلى مليارات الأمتار التي استعادتها واستردتها الحكومة في السنوات الأخيرة من الأراضي ممن استولوا عليها بغير وجه حق لعشرات السنين، منها 1.6 مليار متر مربع، ونحو 400 حديقة عامة في مدينة جدة وحدها، وما يحدث في جدة يحدث في الرياض والدمام وباقي مدن ومحافظات المملكة دون استثناء.



هذه المساحات الكبيرة من الأراضي المعتدى عليها، وطول مدة اكتشافها، وطول إجراءات التقاضي لاستردادها، تفتح جملة من الأسئلة المحيرة التي تقتضي الشفافية والوضوح في الإجابة عنها لإزالة الضبابية حولها، لماذا كانت الشوارع والمرافق العامة داخل الأحياء هدفا سهلا للاستيلاء ووضع اليد عليها؟ لماذا لا تكتشف تلك الاستيلاءات إلا بعد فترة طويلة وعندما يبلغ عنها المواطنون؟ لماذا استولى هؤلاء على هذه الأراضي بالذات دون غيرها؟ وما هي دوافعهم؟ ومن هم؟ وما الذي شجع هؤلاء على التسابق والتدافع على ضمها والاستيلاء عليها بغير حق؟



بكل تأكيد، تملك الجهات القضائية، والسلطات التنفيذية (الوزارات) إجابات شافية وكافية لإزالة الحيرة والغموض، ولا سيما أن بعض هذه الأراضي تمت استعادتها بأحكام قضائية مؤيدة من محاكم الاستئناف والمحاكم العليا، وبعضها الآخر استعيد بناء على صكوك ملكية سابقة دحضت كل مبررات ضمها والاستيلاء عليها، وأثبتت أن ذلك تعد صريح على أراض حكومية أو مرافق عامة.



وما دام جميع ما تم استرداده من أراض تم بناء على صكوك شرعية قطعية لا تقبل الطعن، وبالتالي فإن اتخاذ هؤلاء الأشخاص الاحتيال والنصب وسيلة للاستيلاء على أموال وممتلكات حكومية أو مرافق عامة يعد جريمة تعاقب عليها الأنظمة والقانونين، وإزالة هذه التعديات ليست كافية، بل يجب فتح تحقيق مع هؤلاء الأشخاص لمعرفة ما إذا كان هناك أشخاص (مسؤولون أو موظفون عاديون) في الجهات التنفيذية ( بلديات - أمانات - كتابات عدل) متواطئون معهم، ومن ثم محاكمتهم والتشهير بهم جميعا بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية، ولا سيما أنه لا يوجد ما يمنع نشر أسمائهم والتشهير بهم، لأن ما قاموا به يعتبر وجها من أوجه الفساد الصريح المثبت بموجب أحكام قضائية، كما أن ضرر هذه التعديات متعد فهو يؤثر على جوانب كثيرة اقتصادية واجتماعية، لأنه حرم المواطن الاستفادة من هذه المرافق العامة (طريق أو حديقة) لفترة طويلة، واستغل تلك المرافق والأراضي المعتدى عليها تجاريا وجنى أرباحا كبيرة منها سواء بيعا أو تأجيرا.



وإذا كانت وزارة التجارة والاستثمار تشهر بالمواطن أو رجل الأعمال عند إصدار شيك بدون مقابل مالي أيا كان حجم المبلغ الذي أصدر من أجله والذي يتجاوز في بعض الحالات آلاف الريالات، فمن باب أولى التشهير بمن استولى على آلاف الأمتار التي تصل قيمتها إلى مئات المليارات وحرم المواطن والحكومة من الاستفادة منها لسنوات طويلة، أكثر أهمية وفائدة لعموم المصلحة.



أعتقد أن الشفافية والوضوح اللذين ننشدهما لا يمكن تجزئتهما أو تفصيلهما حسب القضايا والشخصيات، فالشفافية لها معنى واحد وصورة واحدة لا تتغير بتغير الزمن أو الشخصيات، ومن الشفافية والوضوح نشر أسماء هؤلاء الأشخاص والتشهير بهم، ولا سيما أن عقوبة التشهير أثبتت فعاليتها مقارنة بالعقوبات التقليدية لارتباطها بالاسم والسمعة سواء الشخصية أو الاعتبارية، إضافة إلى أنه يمكن تطبيقها على الأشخاص والمؤسسات والشخصيات الاعتبارية، ولا يوجد شرعا - وفقا لآراء كثير من أصحاب العلم الشرعي والقضاة والقانونيين - ما يمنع من تطبيق عقوبة التشهير على من يثبت تورطهم في قضايا الفساد بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية، والحكم في تطبيقها من عدمه متروك للقاضي الذي يتولى الحكم في القضية، وهي على حد قولهم تعتبر من العقوبات التعزيرية، وتوازي الجلد والسجن والغرامة.



[email protected]