إثيوبيا منصة انطلاق وتسلل إسرائيل إلى القرن الأفريقي

 حول الإثيوبيون بلادهم إلى منصة لإسرائيل لتتسلل من خلالها إلى دول القرن الأفريقي

 حول الإثيوبيون بلادهم إلى منصة لإسرائيل لتتسلل من خلالها إلى دول القرن الأفريقي

الأحد - 20 أبريل 2014

Sun - 20 Apr 2014



 حول الإثيوبيون بلادهم إلى منصة لإسرائيل لتتسلل من خلالها إلى دول القرن الأفريقي.

فإثيوبيا التي تربطها بإسرائيل علاقات تاريخية يظن كثير من أهلها أن جذورهم تعود إلى سلالة داود وسليمان عليهما السلام، كما يمني معظم مسيحييها أنفسهم بزيارة كنائس القدس المحتلة..ومما زاد هذين الأمرين رسوخا، هجرة اليهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل عام ١٩٨٥، من خلال عملية نزوح شهيرة أطلق عليها “موسى عبر السودان”، إبان حقبة الرئيس الراحل جعفر نميري، وهذا ما زاد معظم الإثيوبيين قناعة بأن هناك صلة دم تجمعهم مع الإسرائيليين، مستدلين بوجود اليهود الفلاشا في إثيوبيا في إقليم الأمهرا..واستغلت إسرائيل كل هذه الأمور لتقيم علاقات اقتصادية وسياسية مع الحكومات الإثيوبية المتعاقبة، وتوجت العلاقات المتطورة بين البلدين بترفيع التمثيل الدبلوماسي بتعيين سفيرة إسرائيلية في إثيوبيا من أصل إثيوبي (الفلاشا)، هي بيلاينيش زيفاديا.



بسط الوجود



وتقول زيفاديا إن قدومها إلى أديس أبابا كسفيرة معتمدة لبلادها بإثيوبيا، يهدف إلى تطوير وتوطيد العلاقات بين البلدين، انطلاقا من إيمان دولة إسرائيل بدور إثيوبيا الريادي في المنطقة.

وفسر هذا التصريح على أنه حرص إسرائيلي على بسط وجود تل أبيب في المنطقة من خلال تواصلها ودعمها العسكري للقوات الإثيوبية والجنوب سودانية من خلال تدريب ضباط من جنوب السودان وإثيوبيا بالتعاون مع الجيش الأمريكي.



الاستثمارات الإسرائيلية



ويتمثل الحضور الإسرائيلي في إثيوبيا أيضا من خلال كثير من المشروعات والاستثمارات في مجالات الزراعة، خاصة زراعة الزهور والفراولة التي يتم تصدير إنتاجها إلى إسرائيل، إلى جانب مشاريع حيوية واستراتيجية، مثل المياه وتوصيل الأنابيب والخدمات المائية وتقنية تنقية المياه، خاصة في جنوب البلاد.



زراعة الزهور



وينشط رجال الأعمال الإسرائيليون في أنحاء إثيوبيا بعدما عزمت بلادهم على تحويل إثيوبيا لمنصة انطلاق نحو منطقة القرن الأفريقي، وتجري الترتيبات لدخول الاستثمارات الإسرائيلية إلى دولة جيبوتي، خصوصاً أن بعض المراقبين أحصوا أكثر من 200 شركة صهيونية تستعد لدخول المنطقة.

ويواكب هذه الاستعداد زيارات متبادلة على أعلى المستويات، إذ زار وزير الخارجية الإثيوبي، سيوم مسفن، إسرائيل عام 2010، ثم جاء وزير الزراعة والتنمية الريفية الإسرائيلي  ياير شامير إلى أديس أبابا على رأس وفد رفيع المستوى من الخبراء الزراعيين ورجال الأعمال.

وأجرى الوفد الإسرائيلي عدة مقابلات مع المسؤولين الإثيوبيين، شملت بحث آفاق التعاون المشترك، كما نقل إلى رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية ووزير الزراعة رغبة رجال الأعمال الإسرائيليين في الاستثمار بإثيوبيا في كثير من المجالات، من بينها الاتصالات وتقنية المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والتقنية الزراعية والخدمات الصحية.



اتفاقيات مشتركة



وكذلك وقع البلدان عددا من الاتفاقيات المشتركة لتمهيد الطريق أمام رجال الأعمال وتعزيز التبادل التجاري والصناعي، وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين البلدين.

وأشاد وزير الخارجية الإسرائيلي، تيدروس أدحنوم، بجهود الدولتين لدعم رجال الأعمال، مشيراً إلى أن التعاون المثمر الذي حقق نتائج إيجابية خلال الأعوام الماضية تمثل في الوجود المكثف لرجال الأعمال الإسرائيليين في إثيوبيا في مختلف المجالات الاستثمارية.



توتر في العلاقات



ومما أثار تساؤلات أن هذا الانفتاح الإسرائيلي جاء عقب سلسلة من التوترات التاريخية بين أديس أبابا وتل أبيب، أشهرها طرد الإمبراطور هيلي سلاسي، احتجاجا، السفير الإسرائيلي عام ١٩٥٦ إبان فترة العدوان الثلاثي على مصر، وكذلك عام 2005 توترت العلاقات عقب مقتل السفير الإسرائيلي في إثيوبيا بالرصاص في أحد الفنادق، وتبين لاحقا أنه انتحر.

والسؤال المطروح حاليا هو: هل التغلغل الإسرائيلي في القرن الأفريقي يمهد للسيطرة على موارد القارة السمراء البكر والتحكم فيها، ومن ثم التحكم في بعض الدول على حساب الأخرى؟إلا أن خبراء ومحللين إثيوبيين يجيبون بأن علاقات أديس أبابا بتل أبيب لا يمكن أن تتأثر بأي شيء، مقرين بأن الكاسب الأكبر من هذه العلاقة هو إسرائيل، خصوصاً بعدما رفضت دول الجوار الأفريقي مثل السودان والصومال وجيبوتي، التطبيع معها، ولذلك لم تجد منصة انطلاق نحو القرن الأفريقي أفضل من إثيوبيا.





سد النهضة واهتمام مريب



أثار اهتمام إسرائيل المريب بإثيوبيا وتعيينها سفيرة من أصول إثيوبية، مخاوف عربية فيما يخص ملف مياه النيل في ظل مطامعها بها، وعما إذا كانت الخطوة رغبة إسرائيلية في إيجاد موطئ قدم لها في مياه النيل.

ومما أثار الريبة أن هذا الاهتمام جاء قبيل إعلان إثيوبيا البدء في بناء سد النهضة وما أثار من خلاف مع مصر، مما دفع بعض الخبراء والكتاب المصرين إلى اتهام إسرائيل بإثارة الأزمة، وأنها تقف وراء إثيوبيا لتأزيم الأوضاع بعدما مدتها بالخبراء والفنيين للمضي قدما في تنفيذ المشروع، وسط أنباء عن عزم إسرائيل شراء حصة من المياه.

لكن المسؤولين الإثيوبين نفوا هذا الاتهام على لسان وزير المياه السابق اسفاو دينجامو الذي قال: ليست لدينا حدود مباشرة مع إسرائيل، فكيف نبيعها مياه النيل؟

واللافت أن إسرائيل تدخل في خضم الخلاف، مبدية رغبة واضحة في حل الخلاف المائي بين إثيوبيا ومصر.

وفسرت هذه الرغبة الإسرائيلية بأنها رغبة إسرائيلية في تبوء دور اللاعب الإقليمي النافذ في المنطقة للتمدد أفريقيا وعربيا في حال نجاح الخطوة.

وهذا ما يؤكده الصحفي الإثيوبي محمد أبرار بقوله إن إسرائيل تحاول توطيد علاقاتها مع إثيوبيا لاتخاذها جسرا للتواصل مع بقية دول القرن الأفريقي بحكم الدور الإثيوبي في المنطقة باعتبارها دولة محورية في المنطقة، وخاصة دورها في القرن الأفريقي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

واستبعد فرضية أن تضر هذه العلاقة بعلاقات إثيوبيا المتميزة مع العالم العربي. وقال: ربما تلعب أيضا دورا في توطيد العلاقات العربية الإسرئيلية.

ولكن هنالك رأي يقلل من فرضية حسن النوايا الإسرائيلية باعتبارها الداعم الأكبر لمشروع سد النهضة الإثيوبي وبالتالي بديهيا ستكون مرفوضة من قبل مصر كوسيط محايد يسعى للحل وليس تأزيم الأوضاع المتازمة أصلا.

إلا أن السفير الإثيوبي في القاهرة محمود درير عبر عن رفضه الحديث الذي يدور في وسائل الإعلام عن مساع إسرائيلية لإيجاد حل لأزمة مياه النيل بين مصر وإثيوبيا. وقال: علاقتنا بمصر مثالية ولا توجد وساطة بيننا ومصر، والقاهرة وأديس هما المسؤولتان عن حل الخلافات بينهما فيما يخص ملف مياه النيل.



البحر الأحمر



وإضافة إلى ذلك، يشكل الوجود الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر تهديدا مباشر لأمن البلدان المطلة عليه. وتخشى بعض البدان المشاطئة للبحر الأحمر من التدخلات الإسرائيلية في المنطقة من خلال قواعدها العسكرية المنتشرة في عدد من الدول المطلة على البحر الأحمر، الأمر الذي يسهل عليها عملية التدخل في قضايا وشؤون المنطقة.

ونفذت إسرائيل عدة عمليات قصف خاطفة في المنطقة للحد من تهريب السلاح إلى قطاع غزة مثل تدمير قافلة شرق السودان، إلى جانب تحركها في مناطق الجماعات المسلحة والمتشددة مثل القاعدة وحركة الشباب الصومالية من خلال عمليات الرصد والمتابعة.