وادي فاطمة.. منطلق الهجرات والحضارة في الجزيرة العربية

على امتداد حلقتين نشرتا بهذه الصحيفة بتاريخ 5 و6 ذو الحجة 1436هـ الأولى تحت عنوان: (الدراسات الجيولوجية توثق تراث وادي فاطمة)، والثانية تحت عنوان: (المصادر الكتابية لمرحلة ما قبل التاريخ بوادي فاطمة)، لكاتب هذه السطور عالجت من خلالها أهم المصادر التي تناولت تاريخ وادي فاطمة ضمن حقبة ما يعرف بما قبل التاريخ وذكرت أن هناك أربع دراسات تناولت هذه الحقبة بشكل مباشر (يمكن الرجوع إليها في سياقها المنشور)، أما ما عداها فلم يختص بهذه الحقبة وقد لفت أحد المختصين انتباهي بإشارته إلى أن هناك عنوانا تاريخيا نشر بالعدد الرابع لمجلة أطلال في عام 1400هـ ضمن ملخص الاكتشافات الأثرية

على امتداد حلقتين نشرتا بهذه الصحيفة بتاريخ 5 و6 ذو الحجة 1436هـ الأولى تحت عنوان: (الدراسات الجيولوجية توثق تراث وادي فاطمة)، والثانية تحت عنوان: (المصادر الكتابية لمرحلة ما قبل التاريخ بوادي فاطمة)، لكاتب هذه السطور عالجت من خلالها أهم المصادر التي تناولت تاريخ وادي فاطمة ضمن حقبة ما يعرف بما قبل التاريخ وذكرت أن هناك أربع دراسات تناولت هذه الحقبة بشكل مباشر (يمكن الرجوع إليها في سياقها المنشور)، أما ما عداها فلم يختص بهذه الحقبة وقد لفت أحد المختصين انتباهي بإشارته إلى أن هناك عنوانا تاريخيا نشر بالعدد الرابع لمجلة أطلال في عام 1400هـ ضمن ملخص الاكتشافات الأثرية

الاحد - 04 أكتوبر 2015

Sun - 04 Oct 2015



على امتداد حلقتين نشرتا بهذه الصحيفة بتاريخ 5 و6 ذو الحجة 1436هـ الأولى تحت عنوان: (الدراسات الجيولوجية توثق تراث وادي فاطمة)، والثانية تحت عنوان: (المصادر الكتابية لمرحلة ما قبل التاريخ بوادي فاطمة)، لكاتب هذه السطور عالجت من خلالها أهم المصادر التي تناولت تاريخ وادي فاطمة ضمن حقبة ما يعرف بما قبل التاريخ وذكرت أن هناك أربع دراسات تناولت هذه الحقبة بشكل مباشر (يمكن الرجوع إليها في سياقها المنشور)، أما ما عداها فلم يختص بهذه الحقبة وقد لفت أحد المختصين انتباهي بإشارته إلى أن هناك عنوانا تاريخيا نشر بالعدد الرابع لمجلة أطلال في عام 1400هـ ضمن ملخص الاكتشافات الأثرية.

نعم تناول العدد الرابع من أطلال خبرا حول مكتشفات جديدة عن العصر الحجري بوادي فاطمة عام 1400هـ 1980م تحت عنوان: (ملخص للاكتشافات الأثرية موسم 1400هـ 1980م).

وهذا خبر طيفي وليس دراسة بمفهومها ولهذا لم أشر إليه، وقد استوضح الخبر أنه تم العثور على (موقع موستيري واحد على بعد 3 كيلومترات شمال الجموم ويعد أضخم موقع على الإطلاق من حيث كميات وأنواع المواد الحجرية التي يحتوي عليها...) ولم يتوسع الخبر لأكثر من ذلك، وهو امتداد بلا شك لمشروع الدراسة الأطلالية الأولى المنشورة بأطلال عام 1401هـ تحت عنوان: (التقرير المبدئي عن مسح المنطقة الغربية) وأنا أعده ضمن تلك الدراسة ولم ينفصل عنها، وما نشر عبارة عن خبر جيد بالنسبة للباحثين في عام 1400هـ فقط.

أما ضبط المصطلح (عصور ما قبل التاريخ أو العصور الحجرية)، فقد يكون متكلفا جدا ومشتتا لمنهج البحث ولهذا لم أشر إليه، ولا بأس هنا أن أشير إلى تعريفات موسوعية كالموسوعة العربية العالمية التي تقدم توضيحا ميسرا لفترة العصور الحجرية وتشير إلى أنها: (فترة معينة في تاريخ كل الحضارات الإنسانية، استعمل فيها الناس الحجارة، ولم يستعملوا أدوات معدنية).

كما تضع الموسوعة تاريخا لهذه الفترة بأنه: (قبل حوالي مليوني ونصف المليون سنة، عندما صنع البشر لأول مرة أدوات بدائية للقطع من الحجارة.

وانتهى العصر الحجري في الشرق الأدنى حوالي 3000 ق.م، عندما بدأ الناس يستخدمون البرونز..).

أما من استغرب قولي إن وادي فاطمة هو منشأ رئيس للهجرات في معظم أجزاء الجزيرة العربية فهذا القول معقول جدا ولديه ما يدعمه، فمن خلال دراسة واحدة فقط نفذتها أطلال بتاريخ 1409هـ قارنت بين أدوات وادي فاطمة مع موقع واحد فقط هو موقع صفاقة في وسط الجزيرة العربية ثبت فيها تشابها بين أدوات الموقعين الآشولية والموستيرية..فماذا يعني؟ لا شك أنه يعني أن هناك تواصلا حضاريا بين الموقعين.

ولا يخالجني ظن أنه لو نفذت دراسة أخرى مقارنة مع مواقع أخرى بالجزيرة العربية لوجدنا تشابها مع أدوات وادي فاطمة..مما يثبت أن الوادي كان منشأ لهذه الحضارة في عصريها الآشولي والموستيري على الأقل.

ولكن لماذا لم يكن العكس؟ أولا: يمتاز وادي فاطمة بعوامل جذب بشرية شديدة ضمن الحقبتين الآشولية والموستيرية على الأقل لم تتوفر لأي بقعة بالجزيرة العربية بسبب توفر المياه الدائمة مثل نهر وادي فاطمة والذي كان دائم الجريان من مصابه حتى ساحل البحر الأحمر ويبلغ طوله في السهول الوديانية نحو 60 كم مع وجود نهيرات دائمة ومتدفقة تبقت منها العيون التي ظلت حتى عهد قريب، وبه نشأت غابات كثيفة جدا تبقى منها غابة الأراك المذكورة في كتب السير وخاصة إبان فتح مكة أي قبل 1400 سنة، ثم حدوث (بحيرة الفري) المفترضة المتأتية بعد انحسار مجرى الوادي عن ممره القديم وانعطافه من قدم الجرجور حتى أم الصنق، ويفترض أنها ممتدة من المرزز حتى الزبارة، ومن الممكن أن تصل مساحتها 5 كم2..وبفضل هذه البحيرة المغلقة بمرتفعات صخرية ملاصقة لها من الشرق مع تميزها بشعاب غائرة ومكتنفات صخرية..أصبحت ملائمة للحياة البشرية وقتها خاصة سهولة الصيد عبر المضائق الجبلية بالنسبة للطرائد القادمة من السهول الخلفية المفتوحة صوب المياه..وهذه المميزات الطبوغرافية لم تتأت لغير هذا الوادي...

نعم هناك أودية تتمتع بعمق مائي وأحيائي واسع ولكن لم تتكامل معه هذه المميزات التي ذكرتها.

ثانيا: إن كثرة اللقى الحجرية وتنوعها واتساعها في أنماطها ووظائفها وهو ما أثبتته أربع بعثات أثرية يثبت أن حضارة العصرين الآشولي والموستيري كانت شديدة الاتساع بالوادي ولم تكن محدودة، لذا فاضت هذه الحضارة في اتجاهات مختلفة في أنحاء الجزيرة العربية، فكثرتها تدل على عمقها التاريخي واتساعها إذ يستحيل أن تكون مخيمات موقتة أو مساكن عابرة فلا بد وأنها تراكمت ضمن حقب طويلة جدا.

وللحديث صلة.