عيد المرياع!!

المرياع هو خروف ابن نعجة لكنه ابن ناس! إذ يخطفه الراعي الخبير من رحم أمه، ويهرب به قبل أن تراه أو يراها، ويربيه في حضنه، ويرضعه الحليب من الطاسة

المرياع هو خروف ابن نعجة لكنه ابن ناس! إذ يخطفه الراعي الخبير من رحم أمه، ويهرب به قبل أن تراه أو يراها، ويربيه في حضنه، ويرضعه الحليب من الطاسة

الأربعاء - 23 سبتمبر 2015

Wed - 23 Sep 2015



المرياع هو خروف ابن نعجة لكنه ابن ناس! إذ يخطفه الراعي الخبير من رحم أمه، ويهرب به قبل أن تراه أو يراها، ويربيه في حضنه، ويرضعه الحليب من الطاسة (الضائعة)، ويلقمه أطراف بنانه وكأنه حلمة (ديس) أمه! فإذا آنس فيه النجابة، وروح القيادة، عهد به إلى الحمار (المدير التنفيذي للرعية)، لتعليمه وتعويده الدروب، والوديان، والشُّعبان، وإشارات المرور، وكاميرات (ساهر)، بعيداً عن أبناء جنسه من الضأن؛ بحيث يكبر و(يشم الصون) ـ يبلغ مبلغ الرجال بلغة نجد ـ وهو لم يرَ إلا الإنسان ـ الذي صار أمه وأباه وحمولته ـ والحمار الذي صار كفيله! وبذلك لا يكون خروفاً عادياً، يدرعم مع القطيع طول النهار، ويُمْرِحُ في المِراح (المشبَّك) طوال الليل؛ كلا..إنه (مرياع) قد الدنيا...عارف يعني إيش مرياع؟!ولا بد أنَّكُنَّكُمْ تنسون جيداً مقالاتنا عن (ثقافتنا البعارينية) وقد ضربها (كورونا) في الصميم! أما ثقافتنا (الخرفانية) فقد جاء فيها: أن قطيع الغنم لا يمكن أن يتحرك بلا قائد محنَّك أبدي أوحد، اسمه (المرياع)، وفي عنقه جرس، ويتبع الحمار مباشرةً، ويتبعه هو بقية الشعب! ولأن القطيع لا يمكن أن يصنع قائده بنفسه، ولاختلاف اللغة (الفكر) بين الحمار والغنم؛ تأتي أهمية إعداد المرياع، باحترافية لا تتاح لأي راعٍ!! وكان صاحب الغنم، إذا أحس بخطر الغزو أو (الحنشل) يضحي بالحمار فوراً؛ لأنه (رخمة) سرعان ما يستسلم للغزاة؛ حيث يسوقونه فيتبعه المرياع بلا تفكير، وبالتالي بقية القطيع! ولكن بموت الحمار لا يمكن أن يتحرك المرياع، والقطيع معه في الصمود والاعتصام، ريثما يأتي (الفِزِّيعة) فيهرب الغزاة الآثمون!!ولهذا كان للمرياع مكانته الخاصة الماصَّة عند أجدادنا (البدو الحفاة العراة رعاء الشاء)، نادراً ما يبيعونه أو يذبحونه؛ فمن تربيته هو واحدٌ منهم وفيهم إلا عند الزواج؛ فما هو (كفو) يناسب الحمار!!وانقرضت ثقافة الأجداد الخرفانية الأصيلة، و(مرياعها): أن للحمار وظيفته، وللمرياع أهميته، وللقطيع رعايته، و(القلب دكان وكلٍّ لُهْ مكان)! ورزئنا بثقافة الهياط العامة الطامة، التي جعلت من كل خروفٍ مرياعاً؛ ليس للقطيع من بني جلده، بل لأولويات الإنسان نفسه، وفي صدارتها الخروف العادي الذي لم يكمل الثانوية ليكون مرياعاً، ويريد أن ينضم للمبتعثين بالواااسطة (الحماااار)!!