عيد الأضحى يتحدث ويسأل: إلى متى؟
أيها الأحبة: غدا ستستقبلونني في يومي المجيد يوم الحج الأكبر، والذي أمركم فيه الشارع الحكيم بإظهار الفرح والسرور
أيها الأحبة: غدا ستستقبلونني في يومي المجيد يوم الحج الأكبر، والذي أمركم فيه الشارع الحكيم بإظهار الفرح والسرور
الثلاثاء - 22 سبتمبر 2015
Tue - 22 Sep 2015
أيها الأحبة: غدا ستستقبلونني في يومي المجيد يوم الحج الأكبر، والذي أمركم فيه الشارع الحكيم بإظهار الفرح والسرور.
ولكن أتساءل: هل حالي كحال عيد الفطر في نفوسكم ؟! ولماذا؟! وأين واجباتكم تجاهي؟!إنه على الرغم من المآسي التي تعيشها الأمة، إلا أن حلولي مناسبة مواتية للسرور ولإدخال البهجة على الأهل والجيران وصلة الرحم ومواصلة الأصدقاء، كما أنه فرصة سانحة للتجاوز عن الزلات والعفو عن الهنات، وما يقع بين الناس من سوء فهم أو تخاصم، فهو وقت مناسب جدا للتسامح والصفح، وهذا هو الهدي النبوي الشريف.
أحبتي: اعتدتم على أمور منها ما هو محزن يرقى إلى درجة المؤسف، كالنوم في يومي والانشغال بالأضاحي والطبخ والأكل، وغير ذلك مما يرجى إعادة النظر فيه.
ومنها ما هو جميل ويرجى له الازدياد، كالتواصل الرائع بين الأسر وعادات العيد عند من يجتمع منهم في منزل أو استراحة أو مخيم أمر يسر الناظر ويبهج الخاطر، ورسائل العيد النصية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج الجوال بهدف المعايدة شيء يسعد المتابع، فالنفوس يبدو واضحا أن شعارها الصفاء وتتوق للنقاء لمواصلة الوفاء.
أيها الأكارم: يحز في النفس المؤمنة مشهد بعض المصلين في المساجد والمصليات وهم يؤدون صلاة العيد بملابس أقل ما يُقال عنها إنها عادية إن لم تكن رثة، وكأنهم ليسوا في يوم عيد، بحجة الاستعداد لذبح الأضاحي بعد الصلاة مباشرة!وكم يتملكني التعجب من الذين ينصرفون قبل تمام الخطبة لذات السبب، وكأنهم لا يعلمون أنهم بذلك يفوتون على أنفسهم سننا على حساب سنة! ووقت الأضحية يمتد لأربعة أيام (يوم العيد وأيام التشريق)، فلماذا التعجل وتفويت السنن دون اكتراث؟لقد ظلت مظاهر العيد إلى وقت قريب ظاهرة للعيان يحرص عليها الجميع، لكن المحزن حقا أن تلك المظاهر بدأت بالزوال شيئا فشيئا لدى أغلب الناس، حتى بات المرء لا يعرف هل هو في أيام عيد أم لا!وهذا يظهر جليا في أيامي المباركة؛ فالعامة يسمونه (عيد اللحم)، وهذه التسمية ليست خاطئة لورودها في الحديث النبوي الشريف (أيام أكل وشرب وذكر لله)، ولكن الخطأ هو عدم إظهار البهجة، فمع سنة الأضاحي ينشغل أغلب الناس غير مبالين باتباع سنن العيد الأخرى، كلبس الجديد والتطهر والتطيب وحضور الصلاة والاستماع للخطبة، بل حتى في المعايدة بات البعض لا يهنئ الآخرين بهذا العيد كما يفعل في عيد الفطر.
إنكم بحاجة لمراجعة أنفسكم، فحال أغلب الناس في هذا العيد لا يتفق أبدا مع السنة، وهذا أمر مشاهد، فمنهم من لم يستعد له بنصف الاستعداد الذي كان لعيد الفطر المبارك، ومنهم من لم يبتهج ويُسَر بعشر معشار الابتهاج الذي كان يعيشه إبان ذلك العيد.
ونظرة واحدة إلى الأسواق تثبت ذلك؛ فقد بات أغلب الناس لا يكتسي هو وأطفاله ملابس جديدة، بعكس عيد الفطر الذي تعج فيه الأسواق بالمتسوقين، فلا تكاد تجد موضعا لقدم.
إن الناظر لشوارع المدن واللافتات الممتدة على أرجائها يجد فرقا شاسعا بين العيدين، وهو أمر مؤسف حقا، وقس على ذلك صفحات التهاني في الصحف والحال ذاته مع القنوات والإذاعات.
وأشاطركم الرأي بشأن موضوع الأضاحي، فقد ظهرت بعض أساليب الغش، لعدم تفعيل الدور الرقابي ومؤشر الأسعار، وبات البعض عاجزا عن شراء الأضحية بسبب المغالاة الشديدة في الأسعار إلى درجة مقيتة، والسبب يعود لغياب دور الرقيب وتلاشي وجود الحسيب!وهذه المسألة تتعلق بعبادة سنوية يقوم بها المسلمون تقربا لله عز وجل، والمفترض أن تتكاتف الجهود بوضع مؤشر محدد لقيمة الأضحية (حد أدنى وحد أعلى)، ومن يتجاوز ذلك فالمفترض إن تكون العقوبة النظامية له بالمرصاد، لكن ذلك - مع بالغ الأسف - ليس واقعا.
أخاطبكم أحبتي: إنكم بهذا الاستقبال غير اللائق تعطلون عيدا وتبقون آخر، وهذا مخالف للشرع المطهر.
وهو أمر خطير يفترض أن يتصدى له العلماء والخطباء والدعاة، فيحضوا الذاكرين وينبهوا الغافلين، علهم يتداركون الأمر، ليتماثل العيدان في الاستقبال والاحتفاء.
وسأظل أتساءل: هل الابتهاج بي إلى الزوال أضحى؟ أين الزيارات؟ أين تبادل التهاني؟ أين البهجة، أين السرور؟ أين وأين.
.
؟ وإلى متى؟ أسئلة تطرح نفسها والإجابة في ضمائر المنصفين.
فهل من مراجعة لحالكم، وإعادة لحساباتكم معي؟
aalqash.
a@makkahnp.
com