آلاء لبني

العدل وولاية القاصر عقلا

الاحد - 06 مايو 2018

Sun - 06 May 2018

برنامج التحول الوطني لوزارة العدل شمل العديد من الأهداف الاستراتيجية، منها: رفع مستوى الخدمات العدلية والقضائية والتميز المؤسسي، والحد من تدفق الدعاوى إلى المحاكم، وتنمية الأصول العدلية والقضائية، وتحسين أداء التوثيق العدلي، وتعزيز الأمن العقاري، وتقليص فترة التنفيذ، ورفع تصنيف القضاء وإبرازه محليا وعالميا.

وانبثقت من الأهداف مبادرات متنوعة نأمل أن تحقق الغايات المنشودة، وأن تتصف بشمولية التحسين والتطوير للأنظمة والإجراءات والخدمات المقدمة.

لذا أرغب بتسليط الضوء على إحدى الخدمات في الدوائر الإنهائية «إقامة ولاية على قاصر عقلا» بتنظيم الإجراءات وتحديد الضوابط لتسهيل حفظ حقوق أفراد هذه الفئة التي تعاني قصورا عقليا بحيث يستحيل عليهم التصرف السليم، ويحتاجون من يقوم بحفظ حقوقهم وأموالهم وقضاء حوائجهم دون تعقيد، بما يكفل التسريع في الإجراءات وغير ذلك. وكم من حقوق لهذه الفئة ضاعت وتأخرت بسبب هذه الإجراءات اللا نهائية.

إن مقصد الولاية هو الرعاية والعناية، أفليس من الأصل والأولى والأسهل والأيسر أن تنتقل الولاية بشكل مباشر للأب أو الأم عند بلوغ القاصر السن المطلوبة؟ فهما أعرف الناس بمصالح أبنائهما ورعايتهم، هذا جانب، ومن جانب آخر إن سلمنا بضرورة أن يطلب الأب من المحكمة الولاية، فلماذا اشتراط الشهود والمزكين كإجراء في ولاية الأب أو الأم؟ لماذا؟ الأصل في أحوال المسلمين السلامة وبراءة الذمة. ألا تكفي الأوراق الثبوتية! ألا يمكن الاكتفاء بالبصمة! وإن قبلنا على مضض الحاجة للشهود، فما الحاجة للمزكين في قضية إنهائية! والشهود والمعرفون قد لا تتوافق أوقاتهم للحضور، مما يعني استعانة الولي بمن لا يعرف ليقوم بالشهادة والتزكية!

إذا ألغي شرط الشاهدين في قضايا الطلاق فإلغاؤه في الولاية على القاصر من باب أولى، ومن مقتضى الرحمة وتسهيل حقوق أفراد هذه الفئة والتخفيف على ذويهم. وإن الكشف والتقرير الطبي يكفيان القاضي في إثبات الولاية دون الحاجة لغيرهما.

وهنا تظهر مشكلة أخرى، ففضلا عن قضية الشهود والمزكين، تظهر مشكلة التقرير الطبي! تخيل أن يرفض قاض تقريرا صادرا من لجنة طبية بأحد المراكز الصحية يتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية! ويطالب الولي بقصد مستشفى حكومي وتقرير لجنة تعتمدها محكمة الأحوال، مما يعني الوقوف ضمن القوائم الطويلة مجددا. تخيل أن يوقع رئيس محكمة على التقرير المصدق ويطلب التجاوز، ويأتي الرفض والتعنت من القاضي، والإصرار على الذهاب إلى مستشفى حكومي؟! لا أعلم ما هو الفرق بين لجنة طبية تعتمدها وزارة العمل ولجنة طبية تعتمدها وزارة العدل! رفقا بالمعاق وبذويه من الانتظار في أروقة المستشفيات!

هل تنتهي المعاناة بإصدار الولاية؟ لا تنتهي. وتتكرر مع طلب استمرارية وتجديد ولاية القاصر عقلا بشكل دوري! قصة الشهود والكشف الطبي وقوائم الانتظار..إلخ. لماذا تكرار الذهاب والإياب؟ والأولى أن ينظر بحسب الحالة والحاجة، سواء بتغيير وانتقال الولاية بحسب طلب ذوي القاصر عقلا أو موت الولي الحالي.

أما قصة تكرار طلب الكشف الطبي، فتلك قصة أخرى يجب أن تخضع للقليل من المراجعة بحسب الفئات، فمن يولد بالقصور وضعف النمو العقلي أو متلازمة داون، مرضه مستمر وبحسب التصنيف الطبي لا تتغير حالته وقصوره إلى الممات.

الأنظمة والإجراءات حين توضع يجب أن تراجع وتتطور بين وقت وآخر للتسهيل على الناس، فتلغى الطلبات العجيبة المرهقة. أتمنى أن تضع وزارة العدل أولوية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في رفع مستوى الخدمات العدلية. قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه «والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله»، وهم ضعفاء، بل الحلقة الأضعف في المجتمع.

Alalabani_1@