الطوافة .. بين اقتصاديات الحج والتخصيص!!

الاحد - 29 أبريل 2018

Sun - 29 Apr 2018

يخطئ من يظن أن المليارات المتوقعة من اقتصاديات الحج (30 - 40 مليارا) تذهب أو تخص مهنة أرباب الطوائف (الطوافة، الأدلاء، الوكلاء، الزمازمة)، ولاستجلاء الحقيقة لا بد من أن نحدد أن عوائد أرباب الطوائف من اقتصاديات الحج لا تتعدى من 7-10% (294 ريالا)، وعوائد الخيام المطورة في المشاعر المقدسة لا تتعدى 10% (300 ريال) للطوافة، منها 3% (48 ريالا + 2 ريال للوكلاء)، فمجموع عوائد الطوافة والخيام من اقتصاديات الحج ما بين 400 و500 مليون ريال.

فكل من يعتقد أن اقتصاديات الحج تذهب لأرباب الطوائف فهو واهم متوهم، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. ولا يخفى على كل باحث ومهتم بشؤون الحج واقتصادياته وحسب الدراسات أن نسب التوزيع (وهي تقريبية فقد تزيد وقد تنقص) كالتالي: 30% للطيران، 25% للسكن، 10% للإعاشة والتغذية، 15% للنقل، 10% للخيام، 10% لأرباب الطوائف (الطوافة والوكلاء والأدلاء والزمازمة).

وقد سبق أن طالبنا بدمج مؤسسات الطوافة الست في منظومة أو هيئة أو شركة واحدة بمجلس موحد، مقابل التوسع في فتح مكاتب للخدمة الميدانية بهدف توسيع قاعدة المشاركة وتوحيد الوعاء المالي وتجويد الخدمة ومراقبة الأداء والحد من التجاوزات والمخالفات.

ومما يحمد لرؤية 2030 النظرة المستقبلية لتحسين الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام، ولا سيما أن برنامج التخصيص الذي أعلنه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مؤخرا يسعى إلى رفع كفاءة أداء الاقتصاد الوطني، وتحسين الخدمات المقدمة وإتاحتها لأكبر عدد ممكن، وزيادة فرص العمل للقوى العاملة الوطنية واستقطاب أحدث التقنيات والابتكارات، ودعم التنمية الاقتصادية بإشراك منشآت مؤهلة في تقديم هذه الخدمات. (وخبرات أرباب الطوائف مؤهلة لذلك).

وسيتم تنفيذ مبادرات البرنامج بما يراعي مصالح كافة المستفيدين ويرفع عدالة التعاملات مع القطاع الخاص، (ومؤسسات أرباب الطوائف هي أصلا قطاع خاص تشرف على أدائها وزارة الحج والعمرة لا كما يظن البعض)، وسينتج عن البرنامج فرض رقابة أكبر على مقدمي الخدمات بما يكفل حصول المستفيدين على أفضل الخدمات، حيث ستركز الجهات الحكومية المعنية على دورها التنظيمي والرقابي بكفاءة أعلى، (وهذه النقطة تحديدا ستحد من تدخلات وزارة الحج والعمرة في أعمال أرباب الطوائف)، وسيقوم البرنامج بتشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للاستثمار محليا، (ومؤسسات أرباب الطوائف تملك الموارد المالية والأصول التنافسية والخبرات التراكمية فكيف لو تم دمجها في هيئة واحدة؟!)، إلى جانب عمل البرنامج على زيادة المنافسة وتعزيز دور القطاع الخاص.

ويرتكز برنامج التخصيص على ثلاث ركائز أساسية، أولاها إرساء الأسس القانونية/‏التنظيمية، بما في ذلك تطوير الأطر التشريعية العامة للتخصيص وتمكين عمليات التخصيص وحوكمتها من خلال وضع إجراءات واضحة ومحددة، وثاني هذه الركائز هو إرساء الأسس المؤسسية من خلال الإسهام في وجود كيانات قادرة على تنفيذ التخصيص بالطريقة والآلية التي تحفظ مصالح الدولة والمواطن، وتضمن عدالة العملية للمشاركين من القطاع الخاص. أما الركيزة الثالثة فهي توجيه مبادرات البرنامج الرئيسة عن طريق تنفيذ مبادرات البرنامج في الأوقات المحددة التي تعد مهمة في سياق رؤية المملكة 2030.

وقد تناقل أرباب الطوائف فيما بينهم دراسة مبادرة وزارة الحج والعمرة لتحويل مؤسسات أرباب الطوائف إلى شركات مساهمة وإعادة الهيكلة بما يتفق وبرنامج التخصيص، فقد جاء في وصف المبادرة: تحويل مؤسسات أرباب الطوائف إلى شركات مساهمة مغلقة (شركات قابضة)، وذلك عن طريق تطوير آليات الخدمة والعمل بأسلوب تجاري لتقديم وتفعيل نظام الحوكمة ومنهجية الأداء وتطوير الشفافية والتنافسية، كما تتضمن رسملة مؤسسات أرباب الطوائف وتحويل مكاتب الخدمة الميدانية التابعة للمؤسسات الحالية إلى شركات مملوكة للشركات القابضة التي سيتم إنشاؤها، كما سوف يسمح للشركات القابضة بإنشاء شركات فرعية تعمل في مجالات مساندة لدعم المنافسة وضمان تحسين الخدمات، مما يسمح باستقبال عدد أكبر من ضيوف الرحمن.

ويواجه هذه المبادرة خواطر متوقعة ذكرت في المبادرة تحديدا في مشاكل التوريث وتعدد المستفيدين من أرباب الطوائف، وكذلك إصدار التشريع الخاص بإنشاء الشركات، ومقاومة التغيير لمفاهيم شراكات القطاع الخاص من قبل أرباب الطوائف.

وبقي أن نقول لوزارة الحج: إن تحقيق مبادرتك لا يتم إلا باستيعاب وإشراك أكبر قدر ممكن من أرباب المهن للعمل الميداني بجانب مراعاة التمثيل الأسري لأرباب الطوائف في التوزيع والعمل الميداني وإتاحة الفرصة للجميع بغض النظر عن العمر طالما أن العطاء قائم، والأصيل مقدم على الوكيل، وتفادي كل الأخطاء السابقة، وفتح آفاق العمل للمواطنين لخدمة حجاج بيت الله الحرام، ولا سيما بعد إقرار الرسملة وتوزيع الأسهم.