أحضروا هذه الفتاة الجورجية!

على مائدة ثقافية علمية دُعيت لها، جمعت مسؤولين من السعودية وخارجها، وكان ضيف الشرف رئيس الوزراء الجورجي السابق السيد نيكا جيلاوري، وهو رجل يحبه أهل وطنه كثيرا، لأنه قَلَب الحكومة في فترة ولايته رأسا على عقب! حكومة غارقة فسادا وبيروقراطية لتكون في بضع سنوات الدولة رقم 1 على مستوى العالم في الإصلاح الحكومي.

تخيل مثلا: وحّد خدمات الجهات الحكومية كلها، وأجبر الوزارات المختلفة على التنسيق فيما بينها، وذلك من أجل الوصول لهدف واحد، سهل في تنظيره صعب في تحقيقه: التبضع الواحد One Stop Shopping، ويقصد بهذا المبدأ أن المواطن يحصل على جميع الخدمات الحكومية من مكان واحد.

زَرَع مراكز حكومية متناثرة في أطراف المدينة، بحيث يقدم كل مركز جميع الاحتياجات للمواطن.

سواء كان مرادك تجديد جواز، شهادة ميلاد، سجلا تجاريا، إفراغ أرض، خدمات بلدية، شكوى صحية، تأشيرة عمال، إسكانا، أو أي خدمة أخرى، تجدها جميعها تقدم لك وبكل احترافية في مبنى حكومي واحد!جنون السيد جيلاوري لم يقف عند هذا الحد بل تجاوزه ليحول دولة جورجيا من دولة غارقة في الظلام تعاني من شح مصادر الطاقة والكهرباء، حيث تستوردها من الخارج، لتكون في غضون سنوات مصدِّرة للطاقة الفائضة، بعد أن أنار جميع القرى المتناثرة على خارطة وطنه.

عندما تولى حقيبة وزارة المالية استطاع أن يبني 100 مستشفى في أقل من سنتين بالتعاون مع القطاع الخاص.

لكن الخطوة الأكثر جنونا، عندما أصدر قانونا يسميه الجورجيون (السكوت علامة الرضا) وأسميه (قانون الفتاة الجورجية العذراء!)، حيث العلاقة بين (العذرية) و(السكوت) متلازمة.

خلاصة قانون الفتاة الجورجية الممتلئ شجاعة وتحديا: عندما يقدم المواطن على خدمة تابعة لجهة حكومية، تكون مدة انتظاره القصوى أسبوعين! إن لم ترد هذه الجهة على المواطن بالسلب أو الإيجاب خلال أسبوعين، فإن ذلك يعد بمثابة موافقة على طلب المواطن، ويحمي القانون حقوقه!! فمثلا لو قدم المواطن إلى البلدية للحصول على أرض في مخطط جديد، ولم ترد البلدية خلال 14 يوما، فإن المواطن يستطيع بناء منزله، ويكفل القانون حقه كاملا! «هذا جنون سعادة الرئيس» هكذا قلت بعفوية، متخيلا تطبيق هذا القانون بالسعودية! ابتسم السيد جيلاوري، وقال «كل حكومة مليئة بالبيروقراطيين! وقانون مثل هذا كفيل بإدخالهم سفينة التغيير بسرعة، وهم يعرفون جيدا كيف يتصرفون عندما يكونون تحت ضغط الوقت».

لا يعلم السيد جيلاوري لو أحضرنا (فتاته الجورجية) للسعودية لسببت ربكة جهات حكومية كثيرة.

ولكنها ربكة موجبة ستجعل المواطن يصفق احتراما.

إن الأفكار الجميلة لا جنسية لها، ولذلك يقول مواطن يحب وطنه كثيرا: ألم يحن الوقت - لمجلس الاقتصاد والتنمية - أن يُحضر هذه الفتاة الجورجية الجميلة للوطن؟