الأرقم.. معلم حضاري وإرث مفقود
تتسم كثير من البقع التاريخية بحضورها وتعلقها في الذاكرة على مر العصور، فهي تظل منذ ولادتها معلما حضاريا ورمزا ثقافيا يحدد هوية الشعوب، لتسجل عقب تآكل أجزاء منها وشحوب ملامحها، على أنها حضارة عامرة كدليل على عظمتها
تتسم كثير من البقع التاريخية بحضورها وتعلقها في الذاكرة على مر العصور، فهي تظل منذ ولادتها معلما حضاريا ورمزا ثقافيا يحدد هوية الشعوب، لتسجل عقب تآكل أجزاء منها وشحوب ملامحها، على أنها حضارة عامرة كدليل على عظمتها
الخميس - 06 فبراير 2014
Thu - 06 Feb 2014
تتسم كثير من البقع التاريخية بحضورها وتعلقها في الذاكرة على مر العصور، فهي تظل منذ ولادتها معلما حضاريا ورمزا ثقافيا يحدد هوية الشعوب، لتسجل عقب تآكل أجزاء منها وشحوب ملامحها، على أنها حضارة عامرة كدليل على عظمتها
ولسوء الحظ فإن عددا من هذه المعالم التي تعد موروثا حضاريا وخلاصة تجربة حياتية للشعوب طالها الاندثار لما تعرضت له من إهمال ممنهج أهدى ما تبقى منها «لمحض الصدفة»، وتكفلت بها سجلات التاريخ
أحد هذه الآثار التاريخية المندثرة «دار الأرقم بن أبي الأرقم» التي اشتهرت أكثر من صاحبها، الأرقم ابن أبي الأرقم، الصحابي الجليل، وأحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين اعتنقوا الإسلام في أول ظهوره بمكة المكرمة
وحازت هذه الدار على شهرتها كون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس فيها مع صحابته، يقيمون صلاتهم سرا، ويتعلمون أمور دينهم، لكنها باتت اليوم إرثا مهجورا، وقطعة تاريخية غير مكتملة بملامح تكسوها الرمال
يقول عميد شؤون المكتبات، الدكتور عدنان الحارثي: كانت دار الأرقم موقعا للدعوة السرية في أيام النبوة الأولى، واستمرت في كونها دارا إلى العهد العباسي، حيث تحولت إلى جزء من المسجد مع كثير من التعديلات والإضافات، مشيرا إلى أن موقع دار الأرقم كان في عهد الملك عبدالعزيز مدرسة قبل أن يتحول لجزء لا يتجزأ من الحرم المكي الشريف
ويضيف الحارثي «دار الأرقم لم يتبق منها شيء في هذا الزمن»، لافتا إلى أن ما تبقى منها يلفت إلى بقعة رمزية تاريخية فقط، ولا يرتبط بأي واقع ملموس على أرض مكة
العناية بحضارتنا وإرثنا التاريخي، إلى جانب الاهتمام بمثل هذه المواقع وأسمائها، أمر ضروري شدد عليه الحارثي، كون هذه الموروثات ارتبطت بتجارب إنسانية ودونها التاريخ الإسلامي، فكل باب من الأبواب يعد رمزا لا يمكن الاستغناء عنه، فضلا عن إزالة معالمه، كما فعل من قبل بباب المحكمة وباب العجلة والباسطية وباب الداودية
في حين برر مدير إدارة الأبواب بالحرم المكي الشريف، عبدالله الطميح، سبب إزالة باب الأرقم، بقوله «أزيل لصالح توسعة السعي، إلا أن السلالم الخارجية التابعة له لم تزل موجودة حتى الآن»، مشيرا إلى أن عودة الأبواب بعد إزالتها من اختصاص إدارة المشاريع، منوها إلى وجود لجنة تسمية تقوم بتسمية كل الأبواب التي سيتم فتحها في الحرم، خاصة فيما يتعلق بالجهة الشمالية الخاضعة لجزء كبير من التوسعة
من جهته قال وكيل إدارة المشاريع بالرئاسة العامة لشؤون الحرمين، المهندس محمد الوقداني: ليس من السهل أن تجزم بأن هناك ما يعاد بناؤه وما لا يعاد من أبواب الحرم، لافتا إلى أن هناك تحديثات مستمرة فيما يتعلق بمشاريع الحرم، تهدف لمواكبة التطور والاستفادة من أهم وأفضل الخطط الهندسية الحديثة، مؤكدا أن كل ما يجري في مشاريع الحرم هو خدمة للمصلين والزوار والمعتمرين
تبقي دار «الأرقم ابن أبي الأرقم» منارة شامخة واسما لا يتغير وشاهدا على حقب تاريخية ماضية، فمعهد الأرقم أشهر معهد في مكة لحفظ القرآن، إضافة إلى سلالم باب الأرقم التي ما تزال حتى وقتنا الحاضر مرحبة بزوار المسجد الحرام من كافة أقطار العالم