جودة التعليم باتت حتمية وسط عالم متطور
لم تكن الجودة التي تتردد كثيرا على ألسنة بعض المسؤولين لا سيما في قطاع التعليم هي مجرد كلمة نتلفظ بها أو عبارة نكتبها في أبحاثنا أو على
لم تكن الجودة التي تتردد كثيرا على ألسنة بعض المسؤولين لا سيما في قطاع التعليم هي مجرد كلمة نتلفظ بها أو عبارة نكتبها في أبحاثنا أو على
الخميس - 19 مارس 2015
Thu - 19 Mar 2015
لم تكن الجودة التي تتردد كثيرا على ألسنة بعض المسؤولين لا سيما في قطاع التعليم هي مجرد كلمة نتلفظ بها أو عبارة نكتبها في أبحاثنا أو على منتجاتنا لجذب الناس لشرائها، وإنما تعني الكثير لمن تعمق في معانيها ومدلولاتها والتي يكفينا من أهميتها أنها وردت في القرآن الكريم بلفظ الإتقان تارة كما في قوله تعالى: (صنع الله الذي أتقن كل شيء)، وبلفظ الإحسان تارة أخرى كما في قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه)، فيما اقترنت بمحبة الله بلفظ الإتقان كما في الحديث: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه، والجودة وهي الأكثر شيوعا واستخداما في الأوساط العالمية مشتقة من كلمة أجاد الشيء أي صيره جيدا ونقيضه الرديء.
وفي قاموس أكسفورد تعني الدرجة العالية من النوعية أو القيمة، وقد عُرفت منذ عهد قديم وأن البابليين هم أول من اهتم بها كما ظهر ذلك في مسلتهم الشهيرة التي سطرها ملكهم حمورابي، فيما ظهرت الجودة بمفهومها الحديث على يد عدد من المفكرين الغربيين أمثال: (فيجنيام، جوران، وديمنج)، وذلك في بداية العشرينات من القرن الماضي، ونظراً لما للجودة من أهمية على المحك الإنتاجي فقد تم إنشاء عدة جوائز عالمية، ومنها جائزة بالديرج الأمريكية عام 1987 لهدف بث روح المنافسة بين الجهات المنتجة لأجل الحصول على منتجات عالية الجودة وتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لصالح أوطانهم لتتوالى هذه الجوائز فيما بعد لتشمل معظم دول العالم، ولأهمية التعليم على اعتباره يمثل المنطلق الأساسي لنهضة الأمم وتقدمها فإن هذا ما دفع ببعض الدول إلى وضع استراتيجية للجودة تحت مسمى جودة التعليم لأجل تخريج جيل واع ومدرك ومفكر يعتمد عليه في بناء ورقي مجتمعاتهم وأوطانهم في كافة المجالات الحياتية.
وبلادنا وهي جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة العالمية لا شك أنها سعت كثيرا ومنذ عدة سنوات لتطبيق الجودة في تعليمها، ولعل قيامها بإنشاء إدارة خاصة للجودة بوزارة التعليم عام 2009م خير شاهد لذلك، غير أن ما يؤسف له وهذا ما لمسناه بأنفسنا من خلال عملنا في هذا القطاع لسنين طويلة، وجود عدة عوائق حالت دون تطبيق الجودة وفق ما خطط لها، فعملية الإشراف لا تزال تمارس وفق أطرها الروتيني القديم من قبل كثير من المشرفين التربويين، كما أن عملية التدريس هي الأخرى تمارس بطرق تقليدية قديمة أيضا ممثلا في الإلقاء والتلقين والحفظ والترديد ناهيكم عن تكدس الطلاب في فصولهم وصعوبة إعطائهم ما يجب من الدروس والواجبات والتمكن من متابعتهم بصورة دقيقة ومستمرة، زد على ذلك ضعف الكفاءة التدريسية لدى بعض المعلمين واعتماد جلهم على الجاهزية في إعداد الدروس فضلا عن عدم تحملهم للمسؤولية والنظر لهذه الرسالة التربوية العظيمة على أنها مجرد وظيفة لتأمين لقمة العيش. كل ذلك يجعلنا نؤكد بأن تعليمنا لا بد له من إعادة نظر في مجمله العام لكي تتحقق الجودة العالية في مخرجاته لا سيما فيما يتعلق باختيار المعلمين وطرائق التدريس التي يفترض أن تقوم على أساس من تنمية التفكير الخلاق لدى الطلاب كالطريقة الحوارية والاستنباطية والاستكشافية وطريقة المشروع وحل المشكلات التي تحمل هذه الأخيرة الطلاب على البحث عن المعلومة والتقصي والتعلّم الذاتي.
أما الاختبارات كأحد جوانب هذه العملية ففي اعتقادنا بأنها لا تقيس بوضعها الحالي المستوى الفعلي لتعلّم الطلاب، وإنما هي مجرد أسئلة تحدد مصيرهم نجاحا أو رسوبا عدا كونها لا تخلو من تدخلات لتجاوز إعادة بعض الطلاب لسنة أخرى في صفوفهم، فجودة التعليم باتت مهمة للغاية وسط عالم ينمو ويتطور ولذا لا بد لها من اهتمام بالغ وحرص أكيد على تفعيلها بكل حزم وإصرار لتحقيق هذا التطلع وبالله التوفيق.