هل نحن نشارك في صُنع أقدارنا؟

في قوة العصر الذي نعيشه وصل الإنسان إلى قدرة هائلة من الحصول على المعلومات وتفكيكها وإعادة تركيبها وتجاوز ما لا يمكن العمل به والانتفاع منه. أي إن الإنسان وهو في عصر المعرفة يهيئ نفسه إلى عصر (الحكمة) وهو العصر القادم ـ بإذن الله ـ ولذلك وبموجب ما تحصل عليه الإنسان من تدفقات الوعي فهو يشارك في تشكيل حياته وترتيب توازناته فيها.

في قوة العصر الذي نعيشه وصل الإنسان إلى قدرة هائلة من الحصول على المعلومات وتفكيكها وإعادة تركيبها وتجاوز ما لا يمكن العمل به والانتفاع منه. أي إن الإنسان وهو في عصر المعرفة يهيئ نفسه إلى عصر (الحكمة) وهو العصر القادم ـ بإذن الله ـ ولذلك وبموجب ما تحصل عليه الإنسان من تدفقات الوعي فهو يشارك في تشكيل حياته وترتيب توازناته فيها.

الخميس - 19 مارس 2015

Thu - 19 Mar 2015



في قوة العصر الذي نعيشه وصل الإنسان إلى قدرة هائلة من الحصول على المعلومات وتفكيكها وإعادة تركيبها وتجاوز ما لا يمكن العمل به والانتفاع منه. أي إن الإنسان وهو في عصر المعرفة يهيئ نفسه إلى عصر (الحكمة) وهو العصر القادم ـ بإذن الله ـ ولذلك وبموجب ما تحصل عليه الإنسان من تدفقات الوعي فهو يشارك في تشكيل حياته وترتيب توازناته فيها.

إن تجليات العقل الجديد قد فاضت بنظريات تحطمت أمامها الجدران العازلة بين (العلمية والروحانية) ليتشكل الوعي الجديد بـ الإنسان والكون والحياة كمنظومة متصلة. ليجد الإنسان نفسه أمام مسؤولية وعي جديد يشترك فيه (عقل يفكر وقلب يتأمل) في اللحظة نفسها، وهو بذلك ينهي الصراع الأزلي بين عقله وقلبه ويدرأ التعارض بين (العقل والنقل) في أكبر القضايا المؤثرة في السلوك الإنساني والسياق الحضاري وهي مسألة القدر حيث كانت أول مسألة يقع ويتأجج فيها الخلاف الإسلامي مع الإسلامي ذاته. ورغم كل المحاولات التي تمت ممارستها لإنهاء الجدل وحسم الصراع إلا أنها لم تفلح لأسباب ليس هنا المكان الجيد لتفاصيلها!! واليوم وفي واقع تجليات الفيزياء الكمية / الكمومية يتم إعادة طرح القضية وفق (العلمية والروحية) المنسجمة لينتهي الصراع لصالح الإنسان حيث يجد القدرة في الفاعلية والمشاركة في صنع أقداره الجميلة بعد أن اكتشف أنه لم يكن لديه سوى معلومات عن القدر! وأنه كان في محاولة فهمها في سياق الجدل المذهبي العقائدي بعيداً عن الحقائق العلمية والوعي الروحي.

إن الإنسان مشارك وفاعل في صُنع أقداره انطلاقاً من حريته الكاملة في الاختيار وفي القرآن الكريم (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وفيه أيضاً (وما أصابك من سيِّئةٍ فمن نفسك)، وفي قوله تعالى (ظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس)، ونجد في القرآن (أوَ لمَّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم)، وآيات كثيرة تبين قدرة الإنسان على المشاركة في تحقيق القدر (بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وفي حياة الناس شواهد كثيرة، حتى الرؤيا تقع أو لا تقع بالتعبير أو عدمه، وفي حديث أبي رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الرؤيا على جناح طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت)، وحين خرج عمر بن الخطاب إلى الشام، ولقيه في الطريق بعض جنوده فأخبروه بانتشار الوباء هناك، فاستشار المهاجرين والأنصار، فأجمع المهاجرون على الرجوع فاستجاب لمشورتهم، فقال له أبوعبيدة بن الجراح أفراراً من قدر الله فقال عمر‏:‏ لو غيرك قالها‏..‏ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله. ولم يكتف عمر بذلك بل ضرب لأبي عبيدة مثالا محسوسا مقنعا للعقل الإدراكي فقال له‏: أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له جانبان أحدهما أرضه خصبة‏، والآخر أرضه جدباء‏، ‏أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدباء رعيتها بقدر الله! ودون الاستطراد في ذكر الشواهد والأدلة فإن وعينا بهذه القضية هو الحل لإشكالات الماضي، وهو المفتاح لآفاق المستقبل وقد قيل:

تفاءل بما تهوى يكن فلقلما

قيل لشيء كان إلا تحققا.

وأنشد ابن بهلول:

لا تنطقن بما كرهت فربما

عبث اللسان بحادث فيكون.

وهنا تتحقق حرية الإنسان الكاملة، ومسؤوليته الواعية عن اختياراته التي يقوم بها وانعكاساتها التي تحدث له. وعند ذلك يشارك في العلاقة بين السبب والمسبب. وبوعي المعنى الجميل لمثل قوله تعالى (قل هو من عند أنفسكم) ولقوله سبحانه (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها)، ويتحقق للإنسان ومن خلاله انسجام الحياة وسيرورتها نحو التكامل والنمو والتطور. وذلك كله حمة الوجود وسر الحركة.