قضايا المرأة في الخطاب الديني السعودي
لم يكن للمرأة في مجتمعنا في العصور الماضية قضايا خاصة بها خارج نطاق الأحوال الشخصية، وذلك أن واقع المجتمع وتركيبته وانعزاله واحتياجاته وثقافته وعاداته وتقاليده فرضت نمطًا من الحياة على المرأة، وأُضفِي على هذا النمط تأصيل ديني، فأصبح في وعي المجتمع نساءً ورجالا هو الأنموذج السامي للرؤية الدينية تجاه المرأة، لكن هذا النمط واجه تحديًّا هائلا في العصر الحديث؛ إذ إن متطلبات المجتمع وتعقيداته ومفاهيمه لم تظل بتلك البساطة التي كانت عليها في العصور الماضية، وهذا بالضرورة ولَّد قضايا خاصة بالمرأة؛ كقضايا التعليم، وشكل الحجاب، وتنقلات المرأة وحدها، وعملها، ومشاركتها في أنشطة المجتمع الاقتصادية والرياضية والسياسية، واختلاطها بالرجال؛ أي إننا أصبحنا أمام واقع جديد أنتج قضايا كثيرة خاصة بالمرأة لم تكن موجودة في العصور السابقة، فكيف تعامل خطابنا الديني معها؟المفارقة البالغة الغرابة أن خطابنا الديني تجاه قضايا المرأة ظل كما هو منذ بداية انفتاح المجتمع على قضايا العصر الحديث منذ تسعين عاما إلى الآن؛ فهو يقوم على الممانعة الأخلاقية معتمدًا على قاعدة (سد الذرائع)؛ فصورة المرأة فيه تُختزل بتصويرها كائنًا ضعيفًا مُعرَّضًا دائمًا للانزلاق في ممارسات لا أخلاقية نتيجة المغريات، ولقطع الطريق على هذا الانزلاق يجب سد كل ذريعة تؤدي إليه، وهذا السد بالضرورة جعل غالب قضايا المرأة التي يفرضها الواقع الجديد للمجتمع – في نظر هذا الخطاب- في خانة الحرام؛ لأن ما يفضي للحرام فهو حرام
لم يكن للمرأة في مجتمعنا في العصور الماضية قضايا خاصة بها خارج نطاق الأحوال الشخصية، وذلك أن واقع المجتمع وتركيبته وانعزاله واحتياجاته وثقافته وعاداته وتقاليده فرضت نمطًا من الحياة على المرأة، وأُضفِي على هذا النمط تأصيل ديني، فأصبح في وعي المجتمع نساءً ورجالا هو الأنموذج السامي للرؤية الدينية تجاه المرأة، لكن هذا النمط واجه تحديًّا هائلا في العصر الحديث؛ إذ إن متطلبات المجتمع وتعقيداته ومفاهيمه لم تظل بتلك البساطة التي كانت عليها في العصور الماضية، وهذا بالضرورة ولَّد قضايا خاصة بالمرأة؛ كقضايا التعليم، وشكل الحجاب، وتنقلات المرأة وحدها، وعملها، ومشاركتها في أنشطة المجتمع الاقتصادية والرياضية والسياسية، واختلاطها بالرجال؛ أي إننا أصبحنا أمام واقع جديد أنتج قضايا كثيرة خاصة بالمرأة لم تكن موجودة في العصور السابقة، فكيف تعامل خطابنا الديني معها؟المفارقة البالغة الغرابة أن خطابنا الديني تجاه قضايا المرأة ظل كما هو منذ بداية انفتاح المجتمع على قضايا العصر الحديث منذ تسعين عاما إلى الآن؛ فهو يقوم على الممانعة الأخلاقية معتمدًا على قاعدة (سد الذرائع)؛ فصورة المرأة فيه تُختزل بتصويرها كائنًا ضعيفًا مُعرَّضًا دائمًا للانزلاق في ممارسات لا أخلاقية نتيجة المغريات، ولقطع الطريق على هذا الانزلاق يجب سد كل ذريعة تؤدي إليه، وهذا السد بالضرورة جعل غالب قضايا المرأة التي يفرضها الواقع الجديد للمجتمع – في نظر هذا الخطاب- في خانة الحرام؛ لأن ما يفضي للحرام فهو حرام
الأربعاء - 11 مارس 2015
Wed - 11 Mar 2015
لم يكن للمرأة في مجتمعنا في العصور الماضية قضايا خاصة بها خارج نطاق الأحوال الشخصية، وذلك أن واقع المجتمع وتركيبته وانعزاله واحتياجاته وثقافته وعاداته وتقاليده فرضت نمطًا من الحياة على المرأة، وأُضفِي على هذا النمط تأصيل ديني، فأصبح في وعي المجتمع نساءً ورجالا هو الأنموذج السامي للرؤية الدينية تجاه المرأة، لكن هذا النمط واجه تحديًّا هائلا في العصر الحديث؛ إذ إن متطلبات المجتمع وتعقيداته ومفاهيمه لم تظل بتلك البساطة التي كانت عليها في العصور الماضية، وهذا بالضرورة ولَّد قضايا خاصة بالمرأة؛ كقضايا التعليم، وشكل الحجاب، وتنقلات المرأة وحدها، وعملها، ومشاركتها في أنشطة المجتمع الاقتصادية والرياضية والسياسية، واختلاطها بالرجال؛ أي إننا أصبحنا أمام واقع جديد أنتج قضايا كثيرة خاصة بالمرأة لم تكن موجودة في العصور السابقة، فكيف تعامل خطابنا الديني معها؟المفارقة البالغة الغرابة أن خطابنا الديني تجاه قضايا المرأة ظل كما هو منذ بداية انفتاح المجتمع على قضايا العصر الحديث منذ تسعين عاما إلى الآن؛ فهو يقوم على الممانعة الأخلاقية معتمدًا على قاعدة (سد الذرائع)؛ فصورة المرأة فيه تُختزل بتصويرها كائنًا ضعيفًا مُعرَّضًا دائمًا للانزلاق في ممارسات لا أخلاقية نتيجة المغريات، ولقطع الطريق على هذا الانزلاق يجب سد كل ذريعة تؤدي إليه، وهذا السد بالضرورة جعل غالب قضايا المرأة التي يفرضها الواقع الجديد للمجتمع – في نظر هذا الخطاب- في خانة الحرام؛ لأن ما يفضي للحرام فهو حرام.
واختزال التعامل مع قضايا المرأة - في خطابنا الديني - بالنظرة الأخلاقية الممانعة ناتج عن التنظير الدائم لواقع المرأة السعودية بواقع المرأة في الدول العربية، فالتنظير المعتمد هنا هو أن المرأة في السعودية إن تحصلت على الحقوق التي تطالب بها في قضاياها المطروحة فسيكون مآلها هو مآل المرأة في الدول العربية التي سبقتنا في هذا المضمار، والملحوظ أن هذا التنظير لا يتم إلا مع الجوانب السيئة لواقع المرأة العربية كامتهان الرقص، والغناء المنفلت من كل قيد أخلاقي، وامتهان الدعارة، والتفلُّت من أي قيد أخلاقي، هذا التنظير يتكرر طرحه كثيرًا في خطابنا الديني في تناوله لقضايا المرأة المثارة اليوم من عمل وممارسة رياضة وقيادة سيارة وغيرها من قضايا المرأة، وهذا التعليل للمنع يتكرر مع قضية جديدة وهو مستمر منذ أن طُرح قبل ستين عامًا تقريبًا في التحذير من تعليم النساء بعض العلوم؛ من ذلك قول ابن حميد آنذاك: «يا أهل الغيرة والأنفة، اسمعوا لهذا التصريح الشنيع الذي يقصد منه إرغام أهل الخير، ومجاراة الأمم المنحلة في تعليم بناتكم الحساب والهندسة والجغرافيا، ما للنساء وهذه العلوم...، وهل حدث ما تعلمون أو تسمعون عنه في البلاد المجاورة من تمزيق الحجاب وكشف الساق والفخذ والرأس وفتح بيوت البغاء والسينما والرقص والخلاعة إلا بعد التعليم المزعوم؟»، لقد ظل خطابنا الديني حتى الآن تجاه قضايا المرأة حبيس التنظير الأخلاقي الممانع، ولم يستطع أن يطرح رؤية دينية منفتحة تلبي حاجات المرأة في هذا العصر، وربما تنتاب القارئ الدهشة حينما يقارن بين خطابنا الديني في قضايا المرأة اليوم واختصاره بالممانعة الأخلاقية وبين خطاب رشيد رضا السلفي قبل تسعين عامًا حيث نظَّر لمشاركة المرأة في كل قضايا المجتمع؛ فقد فسَّر قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضُهم أولياءُ بعض) بـ»أن الله قد أثبت للمؤمنات الولاية المطلقة مع المؤمنين فيدخل فيها ولاية الأخوة والمودة والتعاون المالي والاجتماعي، وولاية النصرة الحربية والسياسية، إلا أن الشريعة أسقطت عن النساء وجوب القتال».
إن الاعتقاد بأن قضايا المرأة تُـحَلُّ بمجرد طرح خطاب ديني أخلاقي ممانع هو وهْمٌ ساذج، فالواقع يفرض شروطه وخياراته ومتطلباته، والذين يكتفون ببناء السدود الأخلاقية سيكتشفون لاحقا أن سدودهم لا تستطيع مقاومة أعاصير الواقع، وخيرٌ لهم أن يعيدوا النظر في سدودهم، ويتحلوا بالشجاعة في معالجة قضايا المرأة معالجةً جريئة معتمدة على القراءة الواعية للنص الديني تجاه تلك القضايا، لكن يجب الاعتراف بأن الجرأة في الاجتهاد لا يملكها إلا العالم الضليع المجتهد الذي يدرك مقاصد الشريعة، ولديه الشجاعة لتحدي الأعراف والتقاليد، وما اختزال التنظير في خطابنا الديني تجاه قضايا المرأة بالتنظير الأخلاقي الممانع إلا تعبيرٌ عن ضعف علمي عاجز عن التعامل مع القضايا المستجدة بشجاعة اجتهادية تحقق صلاحية الشريعة لكل زمان، وتعبيرٌ – أيضًا – عن ارتهان لأعراف وتقاليد المجتمع تجاه المرأة.