مسجد الجفالي بجدة يجمع الموت والحياة في ساحته

بالقرب من مسجد الجفالي (جنوب محافظة جدة) هناك لحظات فارقة بين الحياة والموت، فالمسجد الضخم الذي أنشئ في تسعينات القرن الماضي، يحتضن ساحة القصاص التي تعد الموقع الرسمي بمحافظة جدة لتنفيذ الأحكام القضائية بالجناة الذين تصدر بحقهم أحكام القتل أو الجلد

بالقرب من مسجد الجفالي (جنوب محافظة جدة) هناك لحظات فارقة بين الحياة والموت، فالمسجد الضخم الذي أنشئ في تسعينات القرن الماضي، يحتضن ساحة القصاص التي تعد الموقع الرسمي بمحافظة جدة لتنفيذ الأحكام القضائية بالجناة الذين تصدر بحقهم أحكام القتل أو الجلد

السبت - 07 مارس 2015

Sat - 07 Mar 2015



بالقرب من مسجد الجفالي (جنوب محافظة جدة) هناك لحظات فارقة بين الحياة والموت، فالمسجد الضخم الذي أنشئ في تسعينات القرن الماضي، يحتضن ساحة القصاص التي تعد الموقع الرسمي بمحافظة جدة لتنفيذ الأحكام القضائية بالجناة الذين تصدر بحقهم أحكام القتل أو الجلد.

بعد ساعات من الترقب والهيبة التي تشعرك بها لحظات القصاص، لا تلبث أن تعود الحياة إلى طبيعتها، وتتحول المنطقة إلى نقطة تجمع ومتنزه للأهالي، في مشهد تراجيدي لا يخلو من الدهشة التي عدها عمدة الحي بأنها «طبيعية، فهذا شأن الحياة، بل إن الفرح كبير بتطبيق حدود الله على الجناة».

لم تكن تلك هي المنطقة المعروفة لتنفيذ الأحكام القضائية، والتي يقع بها المسجد الشهير، بحسب عمدة حي البغدادية فواز سلامة، بل كانت الساحة عبارة عن موقع ضيق في منطقة البلد، يتجمع حوله الناس والفضوليون الراغبون في مشاهدة لحظات القصاص.

وأفاد سلامة بأن بعض سكان الحي كانوا من أعضاء لجان الصلح، التي تسعى لحث أهل المجني عليه على التنازل عن الجاني، فالارتباط بين الساحة والسكان ارتباط لا يكاد ينفك، حتى نقلت في ثمانينات القرن الماضي المنطقة، وهو ما أعطاها هيبة وخصوصية تختلط بها مشاعر الحزن بالفرح.

صمم مسجد القصاص المعماري الإسلامي الشهير الدكتور عبدالواحد الوكيل في ثمانينات القرن الماضي، إذ أنشئ على نفقة أحد أشهر تجار المحافظة الساحلية ووكيل شركة مرسيدس الشهيرة الجفالي في 1982، واستوحى تصميمه من طبيعة الأحياء التاريخية في المحافظة، على مساحة تزيد عن 20 ألف متر مربع، وخلال وقت قصير لفت أنظار الزوار والسياح، الذين لا تكاد تخلو جولاتهم على منطقة البلد في جدة من المرور بساحاته أو الصلاة فيه.

وحول منطقة المسجد السياحية وحيويتها، أشار عمدة الحي إلى أن المنطقة تعد قلب جدة، وكانت بحاجة إلى مثل هذا المسجد والموقع الفسيح الذي مكن الأهالي والزوار من إطلالة معمارية وهندسية راقية، عكست فعلا التراث الحقيقي للمحافظة الساحلية، ولن يكون ارتباط ساحة القصاص بها أمرا مقلقا، بل على العكس من ذلك، فهي تمثل رمزا للعدالة التي يتميز بها هذا البلد.

وأضاف: «ما إن يرفع السياف صارمه بعد تلاوة الحكم الشرعي على الجاني، حتى تتعالى أصوات التكبير والتهليل ونظرات الرجاء بالعفو في القضايا الشخصية التي يمكن العفو فيها، فكثيرا ما يشاهد الأهالي والزوار أيام الجمع هذه اللحظات الحاسمة التي عادة ما تستمر إلى أن تتدلى رقبة الجاني على الأرض، إلا أن يحدث ما هو مؤمل من العفو».

ويروي سلامة «كثيرا ما شاهدنا الدموع تنهمر والفرح لا يمكن وصفه عندما يعفو أهل الدم عن الجاني لوجه الله تعالى، فيخر الجاني على الأرض ليس من ضربة السيف لكن في سجدة شكر لله تعالى أن أنقذه من هذا الأمر، فيحتضن الناس أهل المجني عليه ويدعون له ويباركون له بعظيم الأجر، وذاكرة المكان تختزن من هذا القبيل قصصا ومشاهد قل أن تجد من لا يرويها لك من سكان تلك المنطقة في جنوب جدة».