كتاتيب الحرمين الشريفين مناهل معرفية متفردة

ترتبط نشأة التعليم الإسلامي ارتباطا وثيقا بظهور الإسلام، والاهتمام بدراسة القرآن الكريم كمصدر أساسي للمعرفة والتشريع الإسلامي، ولذلك ظهر منذ بداية العصر الإسلامي معهدان تعليميان أساسيان، هما: القرآن الكريم، والعلوم الشرعية والعربية الأخرى

ترتبط نشأة التعليم الإسلامي ارتباطا وثيقا بظهور الإسلام، والاهتمام بدراسة القرآن الكريم كمصدر أساسي للمعرفة والتشريع الإسلامي، ولذلك ظهر منذ بداية العصر الإسلامي معهدان تعليميان أساسيان، هما: القرآن الكريم، والعلوم الشرعية والعربية الأخرى

الأربعاء - 04 مارس 2015

Wed - 04 Mar 2015



ترتبط نشأة التعليم الإسلامي ارتباطا وثيقا بظهور الإسلام، والاهتمام بدراسة القرآن الكريم كمصدر أساسي للمعرفة والتشريع الإسلامي، ولذلك ظهر منذ بداية العصر الإسلامي معهدان تعليميان أساسيان، هما: القرآن الكريم، والعلوم الشرعية والعربية الأخرى.

والحقيقة أن أماكن تعليم القراءة والكتابة كانت موجودة قبل الإسلام سواء في مكة المكرمة أو غيرها، وكان الهدف تعليم القراءة والكتابة فقط، لأن الأساتذة في تلك الفترة لم يكونوا قد دخلوا الإسلام.

ولقد اهتم الكتاب بتدريس الأطفال الصغار القرآن الكريم، والقراءة والكتابة، والحساب والحفظ والإملاء.

واهتم المسجد بحلقات الدرس التي يعقدها العلماء لطلابهم وغيرهم في الدراسات الإسلامية المتخصصة، كالدراسات القرآنية من تفسير وتجويد وعلوم الحديث والتوحيد والفقه وأصوله، والنحو والأدب والبلاغة، والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وغير ذلك.

وجاء في كتاب «الكتاتيب في الحرمين الشريفين وما حولهما» لمؤلفه الدكتور عبداللطيف بن دهيش وصف للمؤسسات التعليمية التي كان لها دور كبير في العملية التعليمية في السعودية، والتي أخذت تختفي تدريجيا حتى حلت محلها مؤسسات حديثة ذات التنظيم والأساليب المتطورة، والتي حظيت بدراسة وافية للمناهج الدراسية بتلك الفترة، بالإضافة إلى طرق التدريس، وأدوات الطالب، والمصاريف الدراسية، واليوم الدراسي، والإجازات، والاحتفالات في هذه الكتاتيب، في الفترة من 1295هـ - 1373هـ (78 عاما).

وكان المنهج الدراسي في كتاتيب الحرمين يبدأ بتعليم الحروف الهجائية ثم المحركة بالحركات المختلفة، ثم دراسة الأرقام والحروف الأبجدية، ثم تأتي مرحلة تركيب الكلمات وفي نفس الوقت يقوم الطالب بتعلم بعض السور القصيرة من القرآن الكريم.

وأول سورة يبدأ بقراءتها هي الفاتحة ثم سورة الناس ويستمر في قراءة قصار السور حتى يتم جزء عم، حيث تكون دراسته للقرآن الكريم بطريقة تنازلية، فيبدأ بالجزء الثلاثين وينتهي بالجزء الأول.

وفي معظم الكتاتيب يجب على الطالب أن يجيد القراءة والكتابة، ومعرفة مبادئ الحساب كالأعداد ومسائل الجمع والطرح والضرب والقسمة، وتكون الدراسة في شكل جماعات أحيانا، أو في شكل أفراد على حسب إمكانات معلم الكتاب.

ويعرف صاحب الكتاب بين الأهالي في الحرمين بالفقيه أو المعلم أو الأستاذ أو الملا، أما الطلاب فكانوا يطلقون على هؤلاء اسم سيدنا أو أستاذنا، وكانت الفلكة والعصا هما وسيلة العقاب للطالب المخطئ، كما أن المدرس كان يحمل العصا في يده ويلوح بها دائما يمينا ويسارا ليذكر بها الطلاب ممن يفضلون الهروب إلى الشوارع للعب والمرح على الدراسة.

وكان من أدوات الطالب عادة، اللوح الخشبي، إذ إن الدراسة غالبا ما كانت تبدأ في الصباح الباكر وتستمر حتى قبيل صلاة الظهر ثم يعود الطلاب لمنازلهم لتناول طعام الغداء والراحة لمدة ساعة، ويعودون بعد ذلك لمواصلة الدراسة حتى أذان العصر، وفي بعض الكتاتيب تستمر الدراسة حتى أذان المغرب.

يقول التربوي محمد ثاني»الكتاتيب في ذلك الوقت كانت مكانا حقيقيا للعلوم التي تتعلق بالمسائل الدينية وغيرها، حيث كان المعلمون عبارة عن موسوعة معرفية، وكانوا ملمين بكل المعارف التي في عصرهم، وكل شخص يبرز في معرفة عن غيرها، وكانوا على اطلاع بالدين والثقافة والحساب وحتى الطب، حيث كانوا يشيرون لطلابهم ممن يعانون من أمراض اعتيادية بالدواء المناسب لهم، كما أنهم يعلمون الخط العربي الصحيح، ومؤكدا أن الأميين أيضا في ذلك الحين كانوا يفتون في كثير من الأمور على الرغم من جهلهم بالقراءة والكتابة»، مبينا أنهم يتعلمون ذلك من كثرة حضورهم لمجالس العلماء، وقال: كان والدي شيخا وكنت أتلقى كل علومي عن طريقه، وكان يتوافد علينا الكثير من طلاب العلم، حيث كان الشباب يحرصون على حضور جميع المجالس المعرفية.