آداب الحوار النفسية

هناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه. وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار فتؤثر عليه تأثيرا سلبيا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته. وأهم هذه الآداب النفسية:

هناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه. وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار فتؤثر عليه تأثيرا سلبيا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته. وأهم هذه الآداب النفسية:

السبت - 28 فبراير 2015

Sat - 28 Feb 2015



هناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه. وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار فتؤثر عليه تأثيرا سلبيا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته. وأهم هذه الآداب النفسية:



أولا: تهيئة الجو المناسب للحوار



ومن الوسائل في تهيئة الجو المناسب للحوار: التعارف بين الطرفين - طرح أسئلة في غير موضوع الحوار لتهيئة نفسية الطرف الآخر- التقديم للحوار بكلمات مناسبة ومقدمات لطيفة تلفت انتباه الطرف الآخر.



ثانيا: الإخلاص وصدق النية



لا بد من توفر الإخلاص لله، وحسن النية وسلامة القصد في الحوار والمناظرة، وأن يبتعد المناظر عن قصد الرياء والسمعة، والظهور على الخصم والتفوق على الآخرين، والانتصار للنفس، وانتزاع الإعجاب والثناء.

ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد لطلب الحق أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان مخالفه، كما قال الشافعي »ما ناظرت أحدا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه«.



ثالثا: الإنصاف والعـدل



ومن تمام الإنصاف قبول الحق من الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة.



رابعا: التواضع وحسن الخلق



إن التزام الأدب وحسن الخلق عموما، والتواضع على وجه الخصوص له دور كبير في إقناع الطرف الآخر، وقبوله للحق وإذعانه للصواب، فكل من يرى من محاوره توقيرا وتواضعا، ويلمس خلقا كريما، ويسمع كلاما طيبا، فإنه لا يملك إلا أن يحترمه، ويفتح قلبه للاستماع لرأيه.



خامسا: الحلم والصبر



يجب على المحاور أن يكون حليما صبورا، لا يغضب لأتفه سبب، ولا ينفر لأدنى أمر، ولا يستفز بأصغر كلمة، فقد أمر سبحانه نبيه بأخذ العفو وإعذار الناس وترك الإغلاظ عليهم، كما في قوله تعالى «خذ العفو وأمر بالعُرف وأعرض عن الجاهلين» (الأعراف: 199).

وأعظم ذلك وأكبر هو دفع السيئة بالحسنة، ومقابلة فحش الكلام بلينه، والشدة بالرفق، ورد الكلمة الجارحة بالكلمة الطيبة العذبة، والسخرية والاحتقار بالتوقير والاحترام، وهذه منزلة لا يصل إليها إلا من صبر وكان ذا حظ عظيم «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم» (فصلت: 34).



سادسا: الرحمة والشفقة



فالرحمة والشفقة أدب مهم جدا في الحوار، لأن المحاور يسعى لهداية الآخرين واستقامتهم، فلذلك يبتعد عن كل معاني القسوة والغلظة والفظاظة والشدة، فلا يكون الحوار فرصة للكيد والانتقام، أو وسيلة لتنفيس الأحقاد، وطريقة لإظهار الغل والحسد، ونشر العداوة والبغضاء،

ولذلك كان الأنبياء في حوارهم مع أقوامهم يصرحون بالخوف والحرص والشفقة عليهم.

ومن نماذج ذلك تصريح مؤمن آل فرعون لقومه بالرحمة والشفقة والخوف عليهم في أكثر من موضع. قال تعالى «وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب.. ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التـناد» (غافـر: 30 - 33).



سابعا: حسن الاستماع



لا بد للمحاور الناجح أن يتقن فن الاستماع، فكما أن للكلام فنا وأدبا، فكذلك للاستماع، وليس الحوار من حق طرف واحد يستأثر فيه بالكلام دون محاوره، ففرق بين الحوار الذي فيه تبادل الآراء وبين الاستماع إلى خطبة أو محاضرة.

ومما ينافي حسن الاستماع: مقاطعة كلام الطرف الآخر، فإنها طريق سريع لتنفير الخصم، إضافة إلى ما فيها من سوء أدب. والاستماع إلى الطرف الآخر وحسن الإنصات، يهيئان الطرف الآخر لقبول الحق، ويمهدان نفسه للرجوع عن الخطأ.



ثامنا: الاحترام والمحبة رغم الخلاف



الخلاف أمر واقع لا محالة، ولكن لا يجوز أن يؤدي الخلاف بين المتناظرين الصادقين في طلب الحق، إلى تباغض وتقاطع وتهاجر، أو تشاحن وتدابر.

فأخوة الدين، وصفاء القلوب، وطهارة النفوس فوق الخلافات الجزئية، والمسائل الفرعية. واختلاف وجهات النظر لا ينبغي أن يقطع حبال المودة. ومهما طالت المناظرة، أو تكرر الحوار، فلا ينبغي أن تؤثر على القلوب، أو تكدر الخواطر، أو تثير الضغائن.