عقيلات القصيم تؤسس العمل التجاري للأجيال
أسهمت ثقافة العقيلات، وهي رحلات تجارية تنطلق من القصيم إلى أرض مصر والشام، في غرس حب العمل ومزاولة التجارة لدى جيل الأبناء والأحفاد على مر العصور، ما أثر على الحركة التجارية إيجابا
أسهمت ثقافة العقيلات، وهي رحلات تجارية تنطلق من القصيم إلى أرض مصر والشام، في غرس حب العمل ومزاولة التجارة لدى جيل الأبناء والأحفاد على مر العصور، ما أثر على الحركة التجارية إيجابا
السبت - 29 نوفمبر 2014
Sat - 29 Nov 2014
أسهمت ثقافة العقيلات، وهي رحلات تجارية تنطلق من القصيم إلى أرض مصر والشام، في غرس حب العمل ومزاولة التجارة لدى جيل الأبناء والأحفاد على مر العصور، ما أثر على الحركة التجارية إيجابا.
ثقافة سياحية
العقيلات بحسب الباحث في شؤون العقيلات عبداللطيف الوهيبي هم تجار من منطقة نجد، وبالأخص من القصيم وتشمل محافظاتها بريدة وعنيزة والرس، لا ينتمون إلى قبيلة أو عائلة معينة، بل تجمعهم كلمة (عقيل) كمهنة تجارية، وهم من الحاضرة يتاجرون في الإبل بالدرجة الأولى والخيل والتجارة العامة.
الإرث التاريخي الذي خلفه هؤلاء الرجال عريض بعدما خاضوا غمار التجارة على الجمال ونقل البضائع والمسافرين والحجاج على مر السنين تاركين وراءهم مفهوما ثقافيا واقتصاديا لا يرتبط بزمان أو بمكان، لتتكون منه ثقافة سياحية تراثية ما زالت حاضرة بين أفراد الجيل الحالي، ولا تنحصر تلك الحضارة على السياحة والتراث، بل امتد أثرها إلى التجارة والفكر الاقتصادي المكتسب من إرث الأجداد.
مصاعب الرحلة
وأشار الوهيبي إلى أن رجال العقيلات كانوا يصدرون الإبل والخيل والأغنام والسمن إلى بلاد الكويت والعراق والشام والأردن وفلسطين وتركيا ومصر، ويستوردون الملابس والأسلحة والقهوة والشاي والسكر وجميع ما يفتقدونه في بلادهم، وتتراوح المدة الزمنية لرحلاتهم إذا كانت الأنعام جاهزة، أي رتعت وأصبحت سمينة وجاهزة للبيع، بين 20 و25 يوما.
وأفاد بأن رحلة العقيلات كانت تمر بكثير من المصاعب التي تواجههم في رحلاتهم، التي تمتد لأسابيع وأشهر طويلة، ما يعرضهم للأجواء المتقلبة على مدار العام، كما يتعرضون لقطاع الطرق، وتصيبهم الأمراض المعدية، إضافة إلى العطش والجوع، لعدم توافر الموارد في بعض المناطق التي يمرون بها.
خدمة الحجاج
وذكر أن رجال العقيلات كانوا يقومون بحراسة المحمل الشامي (قوافل الحج) من دمشق، والمحمل العراقي من بغداد، إلى جانب رعايتهم وإرشادهم في مواسم الحج، كما كانوا يجلبون الخيول العربية الأصيلة من العراق وبادية الشام، ويستوردون البضائع من بلاد فارس إلى مكة والمدينة، لافتا إلى أنه يمتلك 3000 صورة و1500 وثيقة تخص رجال ورحلات العقيلات، إضافة إلى موقع الكتروني يحتوي على جميع ما يهم الباحثين عن تاريخهم.
نقل الثقافة
من جهته، قال الباحث والمؤلف في تاريخ منطقة القصيم أحمد المنصور «لا شك أن رحلات رجال عقيل من بلدان القصيم إلى الشام ومصر أكسبتهم ثقافات أثرت على جيل أبنائهم وأحفادهم، ومنها حبهم لمزاولة التجارة بأنواعها، والصبر على متاعبها ومشاقها، لأجل مواصلة ممارستها وكسب العيش من ورائها، وتبني أخلاق أجدادهم الذين كانوا يتميزون بسمعة حسنة في البلدان العربية التي كانوا يترددون إليها، كما نقلوا أيضا ثقافة منطقتهم مثلما نقلوا محاصيلها».
وعد المنصور أن رجال العقيلات أضفوا لتجارة القصيم بعدا وتنوعا خارج حدودها، ليتم بيع البضائع المستوردة في سوق الجردة ببريدة، وكذلك وصول صادراتهم إلى البلدان العربية منذ بدايتهم في القرن العاشر حتى 1360هـ.
أحفاد العقيلات
وأشار إلى أن للعقيلات ماضيا مشرفا لبلادهم في الخارج، مثل الأمانة والشجاعة والصبر والتعاون ومعرفة الطرق، إضافة إلى الإيثار والمروءة وحب الوطن والإخلاص والصدق في المعاملة، وكان يضرب بهم المثل في الأمانة والصدق، ومن هنا جاءت فكرة ديوانية أحفاد العقيلات، وكانت الأولى من نوعها في القصيم ومقرها ببريدة، حيث يزورها الضيوف من الخليج والدول العربية والعالمية، للاستماع لقصائد وقصص يروونها عن آبائهم.
وقال إن الاهتمام بتراث العقيلات لم يتوقف عند هذه الديوانيات وحسب، بل أصبحت المتاحف تحتضنها أيضا، والمهتمون لا يتوانون عن جمع الوثائق والصور.
أساطيل النقل
وبين رئيس لجنة تنمية عنيزة يوسف الدخيل أن رجال العقيلات أثروا على الحركة التجارية في القصيم والسعودية بشكل عام، وأن أهل القصيم يعرف حبهم للتجارة من قبل، ولكن تأثير العقيلات ما زال واضحا، حيث لم يكتفوا بالتجارة بل كانوا مشهورين بالنقل، الأمر الذي جعل كثيرا من أبناء المنطقة متميزين في النقل، حيث أصبح بعضهم يمتلك أسطول نقل للمواد الغذائية، مستوحين فكرة أجدادهم قبل مئات السنين.