5500 مصاب بالإيدز بلجؤون للضمان الاجتماعي
عصفت 12 شركة في القطاع الخاص بمصير موظف يحمل فيروس نقص المناعة المكتسب »الإيدز«نحو المجهول، بعد أن واجهته بمضايقات لإرغامه على ترك العمل، رغم أن عمله لا يتعدى كونه حارسا أمام بوابة شركة
عصفت 12 شركة في القطاع الخاص بمصير موظف يحمل فيروس نقص المناعة المكتسب »الإيدز«نحو المجهول، بعد أن واجهته بمضايقات لإرغامه على ترك العمل، رغم أن عمله لا يتعدى كونه حارسا أمام بوابة شركة
الاثنين - 24 نوفمبر 2014
Mon - 24 Nov 2014
عصفت 12 شركة في القطاع الخاص بمصير موظف يحمل فيروس نقص المناعة المكتسب »الإيدز«نحو المجهول، بعد أن واجهته بمضايقات لإرغامه على ترك العمل، رغم أن عمله لا يتعدى كونه حارسا أمام بوابة شركة.
حالة أبي ياسر «الموظف حامل الفيروس» ليست الوحيدة، فغالبية المصابين بالفيروس من الجنسين طردوا من أعمالهم أو رفضوا من البداية بعد إجراء التحليل الطبي الذي كشف عن إصابتهم، مما دفعهم للتقدم إلى الضمان الاجتماعي للحصول على مكافأة شهرية لا تتعدى 850 ريالا.
5500 مصاب
يعيش نحو 5500 مصاب بالإيدز من السعوديين حالة من العزلة الاجتماعية لصعوبة التعايش مع المجتمع، إذ يقابلون في العادة بالرفض، حتى عند المصافحة بالأيدي أو الجلوس في مجلس واحد، أو تقديم العلاج من قبل العاملين بالمستشفيات.
وأرجع عاملون في الجمعية السعودية للإيدز ذلك إلى ضعف التوعية، وعدم قبول المجتمع، فبادروا بإلقاء محاضرات وجلب مرضى إيدز للتحدث لنقل تجاربهم للمجتمع، إلا أنهم يواجهون الرفض وعدم التجاوب مع المساجد، والمستشفيات، والأكاديميين، والكتاب.
وأكدوا أن الأصحاء يزاحمون المرضى على التحاليل بمجرد التصافح أو الأكل مع مريض الإيدز، فيبدؤون الكشف بشكل متكرر وهستيري، ومن بين الحالات التي رصدها المركز الوطني للإيدز التابع لوزارة الصحة، تحليل مواطن 16 مرة، دون أن يقتنع بأن التحاليل تثبت عدم إصابته، ويمكنه مخالطة زوجته والعودة إلى حياته الطبيعية.
رفض اجتماعي
وتواجه مواطنة رمزت لاسمها بـ «أم ياسر»، والمصابة منذ 12 عاما نتيجة إجراء عملية تجميلية لثقب بالأنف عن طريق إبر ملوثة نقلت لها المرض، مشكلة معيشية واجتماعية هي وزوجها المصاب بسبب رفض الشركات والمؤسسات الخاصة تشغيلهما، إذ تشترط الشركات إجراء تحليل دم، وفحصا طبيا كأحد الشروط للقبول في الوظيفة.
وقالت أم ياسر لـ «مكة»: فصلت من عملي بعد أن وشت بي زميلة بأني مصابة بالإيدز، لتقرر الشركة فصلي من العمل، وقبلها بأيام شعرت برفض الزميلات حتى الوقوف بجانبي والسلام علي، فطلبت من الشركة حينها نقلي إلى فرع آخر، لكنهم فضلوا إنهاء خدماتي.
البحث عن الضمان
وأضافت «زوجي عاطل عن العمل، ولديه 12 قرار فصل من شركات، رغم أن عمله في الحراسات والصيانة، وهذه الأعمال ميدانية، مما أجبرنا على التقدم للضمان الاجتماعي للحصول على أجر شهري، وغالبية مرضى الإيدز الذين فصلوا من أعمالهم، تحولوا إلى الضمان، إما بسبب المضايقات أو حصولهم على قرارات مباشرة من الشركات.
واستدلت أم ياسر بواقعة لتثبت مدى الجهل وعدم التوعية حتى لدى بعض القطاعات الطبية، فقالت «قبل عامين أمضيت ساعة ونصف الساعة بغرفة الطوارئ أتوسل للطاقم الطبي أن يضمد نزيفا أصبت به في قدمي فرفض الجميع الاقتراب مني خوفا من العدوى، وبعد توسلات حضر طبيب ولبس العديد من القفازات وضمد الجرح، فلماذا ينبذنا المجتمع، والفيروس ينتقل بطرق معروفة، ومع ذلك نواجه الرفض دائما».
زواج عبر الجمعية
وتزوجت أم ياسر عن طريق الجمعية، وأخضعت مع زوجها لبرنامج طبي، نتج عنه ولادة أبناء سليمين غير حاملين للفيروس، وأكدت أن على المجتمع واجب تجاه مرضى الإيدز، بمنحهم الكرامة والتقدير، وعدم تهميشهم واحتقارهم، فمريض الإيدز إنسان له حقوق وعليه واجبات، ويجب أن يكون المجتمع مدركا لهذا الأمر.
ضمان وسلة
أبو يزن أحد المصابين العاطلين عن العمل، بسبب اشتراط الشركات إجراء فحص طبي مبدئي، ويعاني من أزمة نفسية لعدم إيجاد عمل يحسن من معيشته، رغم قدرته على العمل ولديه شهادات مناسبة، مؤكدا أنه وغيره المئات ليس أمامهم سوى مكافأة الضمان والبالغة 850 ريالا شهريا، والحصول على سلة غذائية توزعها جمعية مرضى الإيدز بشكل شهري تحتوي على أرز وزيت وطحين.
صدمة الإبلاغ
من أشد اللحظات قساوة لحظة إبلاغ مصاب بإصابته، وفي ذلك يقول المشرف على المركز الطبي للإيدز والمدير التنفيذي للجمعية السعودية للإيدز المهندس يوسف الهيازع، والذي أوكلت إليه مهمة تبليغ المصابين بالمرض عند ظهور التحاليل «إن مهمة الإبلاغ هي أول وأخطر المهمات النفسية للمرضى، حيث يتم التعامل مع الشخص باحترام وكرامة، لذا فإن غالبية المرضى يتقبلون ويتعايشون مع الواقع بشكل سريع وفي أيام، رغم ما يواجهونه من صعوبات كبيرة حتى مع أقرب أقربائهم».
رفض الأكاديميين والأئمة
وأضاف الهيازع «نواجه مشكلة كبيرة في إقامة المحاضرات التوعوية والوصول للمجتمع، رغم أن الجهات الحكومية لا تمنعها، إذ نفاجأ بالرفض ممن يحملون شهادات عاليا، وخاصة أئمة المساجد والأكاديميين والكتاب، ونجد صعوبة في إقناعهم والتدرج في الحصول على موافقة للتعاون معنا، وكل ذلك في سبيل توعية المجتمع وحمايته وقائيا واجتماعيا».
عبوتان بـ 10 آلاف ريال
وعن الجانب العلاجي نفى المهندس الهيازع وجود نقص في الحالة العلاجية، بقوله إن جميع المرضى يتلقون العلاج اللازم، ومناعتهم الجسمانية جيدة وفي ارتفاع مستمر، حيث يتلقى كل مريض شهريا عبوتين توزعان مجانا، ويبلغ سعرهما 10 آلاف ريال، وما ينقص المرضى التعايش مع المجتمع والتعامل مع المرض كأي مرض، وعدم التنقص والنظرة الدونية للمصابين.
وحذر من عدم تقبل مرضى الإيدز، إذ تولد مخاطر سلبية تجبر المرضى على القيام بحالات انتقامية وعدوانية تجاه المجتمع، وكان آخرها ضبط أحد المصابين يروج للرذيلة في الأسواق، وعند التحقيق معه أكد أنه يمارس الانتقام.
لحظات للتوعية
وكشفت المسؤولة عن برامج التوعية بالجمعية السعودية الخيرية لدى النساء أبرار الشهابي عن برنامج توعوي يشرك المدمنين وممارسي الانحرافات السلوكية، مع عدة أشخاص ذوي خبرة وكفاءة من مجالات مختلفة طبية ونفسية، عبر إنشاء مجموعات توعوية لينقلوا تلك التجارب التوعوية لقرنائهم.
وقالت الشهابي «البرنامج والذي يطلق عليه اسم «لحظات»، هدفها توعية جميع شرائح المجتمع عن مرض الإيدز خاصة، وبعض الأمراض المعدية المصاحبة له والأمراض المزمنة، سواء الإيدز وغيره من الأمراض المعدية، حيث يحقق البرنامج التعايش، ومنح الثقة للمصابين والمعرضين للإصابة والتوعية بمخاطر وحقوق المرضى.
حقوق المصابين
من جهته، علق رئيس جمعية حقوق الإنسان مفلح القحطاني، بأن إلزام الشركات لفحص فيروس الإيدز يجب أن يكون ضمن بعض المهن التي يترتب عليها نقل والإصابة بالعدوى، وما يحدث من مضايقات للموظفين المصابين والأسوياء من ذلك الفصل إجراء تعسفي، ونأمل أن يحد من ذلك قرب إقرار حقوق مرضى الإيدز وواجباتهم المعيشية، الذي أسهمت الجمعية فيه ونادت به.
البقاء في وظائف الحكومة
وأشار الهيازع إلى أن مرضى الإيدز في الوظائف الحكومية لم يصدر بحقهم حالات فصل أو مضايقات لترك العمل، وفي حال رغبة الموظف الحصول على تقرير طبي للتغيب عند العلاج تصرف له شهادة طبية دون الإشارة للفيروس، إذ يمنع إصدار شهادات طبية في جميع المراكز الصحية والمستشفيات، ولكن المشكلة تكمن في العمل الخاص، حيث يلزم الشخص بكشف طبي، وهذا يفترض عمله في مجالات وأنشطة طبية، يحدث فيها احتكاك مباشر كالعمل في بعض أقسام المستشفيات والمختبرات، وغير ذلك لا يلزم طالبي العمل.