لو كان الميجور روبرت عربيا!

يقول الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء في الأسابيع الماضية: (قررت وزارة الدفاع البريطانية تجريد ضابط برتبة رائد من وسام «الشجاعة» الذي حصل عليه خلال تصديه لهجوم

يقول الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء في الأسابيع الماضية: (قررت وزارة الدفاع البريطانية تجريد ضابط برتبة رائد من وسام «الشجاعة» الذي حصل عليه خلال تصديه لهجوم

الأحد - 23 نوفمبر 2014

Sun - 23 Nov 2014



 



 



يقول الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء في الأسابيع الماضية: (قررت وزارة الدفاع البريطانية تجريد ضابط برتبة رائد من وسام «الشجاعة» الذي حصل عليه خلال تصديه لهجوم في إقليم هلمند في أفغانستان، في سابقة هي الأولى في تاريخ البلاد. وعللت الوزارة قرارها بسبب مبالغة الميجور روبرت مايكل آرمسترونغ في وصف الأعمال التي قام بها خلال هذا الهجوم، إضافة إلى تجاهل جهود زملائه.

وحصل آرمسترونغ على الصليب العسكري، «تقديراً لشجاعته الشخصية في مواجهة نيران الأعداء، وقيادته الهادئة للقوات الأفغانية التي كانت تحت قيادته»، في أعقاب حادثة في إقليم هلمند عام 2009.

ولكن سلوكه خلال الهجوم، إضافة إلى شدة الهجوم الذي تعرض له موقعه، أثارا تساؤل زملائه، ما استدعى فتح تحقيق في الأمر استمر خمس سنوات. وخلص التحقيق الذي قامت به وحدة خاصة من الشرطة العسكرية، إلى أن الميجور آرمسترونغ قام بكتابة التقرير بنفسه، ونسب شجاعة الآخرين له خلال الهجوم الذي شنته حركة طالبان. وسيتم سحب الميدالية منه في قرار يعلن في صحيفة «لندن غازيت» البريطانية، التي تعلن فيها القرارات الرسمية. ويشار إلى أن هذه هي المرة الأولى، التي تقوم فيها الملكة بإلغاء «وسام شجاعة» حصل عليه جندي أثناء المعركة). انتهى الخبر، وابتدأت الأسئلة تنقر تجويف رأسي بحثاً عن (المخ) علّه يجد تفسيراً منطقياً لسؤال يتشظّى لأسئلة كثيرة مدببة، ولعل (رأس حربة) هذه الأسئلة: ما الذي جعل هذا الخبر مثيراً لشهية وكالات الأنباء؟ وبالطبع مصدر هذا السؤال يتكئ على ثقافتي العربية الأصيلة، والتي تربّت على قراءة أخبار تُشبه قصّة الميجور روبرت، ولكنها كانت نوعا من الأخبار المُبجلة، ولم يخالجنا أدنى شك أن مثل هذا الفعل ممكن أن يجعل صاحبه معرضاً للعقوبة، فمثلاً خبر صغير عن إطفاء حريق بمرمى نفايات على مشارف المدينة اعتدنا أن يُنسب الإنجاز لمحافظ المدينة النبيه والحازم والعبقري بتوجيه من الجهات العُليا، وبمراقبة ومتابعة دقيقة من مدير عام الدفاع المدني الذي وجّه بسرعة التحرّك (وعلى الفور) لإطفاء النيران، وأظنكم تعرفون بقية الخبر، بل وباستطاعتكم بسهولة تخمين الصورة المرافقة للخبر وكتابة شرح للصورة أيضا!

مشكلة الميجور روبرت أنه لم يكتب تقريره (المنحوس) باللغة العربية، وإلا لوجد مخرجاً سهلاً كما نفعل نحن.. تعال يا ميجور روبرت واقرأ ( صممنا، افتتحنا، اكتشفنا ...إلخ)، هذا الضمير (رسمياً) يُقال (للجمع، أي نحن)، لكن في اللغة شيء اسمه (الجمع للتضخيم والتفخيم)، فالقائل هُنا لا يقصد (الفريق العامل معه) بل يقصد (نحن المدير العام)، فلو استخدمت يا صديقي روبرت نفس اللغة لبقيت الشجاع المُهاب!

ثم ما الذي فعلته؟ كيف يعاقبونك بهذا الشكل وأنت ابن الوطن الذي قاتلت تحت رايته؟ ألم يقل أحد إن هؤلاء الذين (نبّشوا وراءك) يسيئون لوطنهم ويعملون ضمن أجندة خارجية لتشويه بلادهم في وسائل الإعلام العربية؟!

وأنت يا روبرت لماذا لم تقل إن «جنيا أفغانيا» هو من دفعك لكتابة هذا التقرير، سيّما وأنت كنت في بلد «الخوارق والمعجزات»، أعلم أن شعبكم الكافر لا يؤمن بهذا، فهو لا يصدق أن المجاهد يحثو التراب على مقاتلاتكم المتطورة فتتحول إلى مجرد لُعب لصبية العدو، وإن كنت تقود القوات الأفغانية فقط فهذا يعني أن الوسام الذي حصلت عليه هو «مكرمة» ونتاج دعواتهم، صدقني يا روبرت لو كنت في دولنا العربية فلن تعاني من هذه الهزيمة النفسية، ولن يُسلب منك وسام شجاعة، ليس لأنك لست في حاجة الوسام، بل لأنك لن تحتاج للشجاعة أصلاً، فالشجاعة في مجتمعاتنا مُلقاة على قارعة (مواقع التواصل الاجتماعي)، فكل ما يلزمك كي تكون شجاعاً أن تشتم، لا تقل لي ما علاقة الشتيمة بالشجاعة فهذه تلزمني مجلدات كي أكتبها، وتلزمك عقود كي تفهمها، وعندما تفهمها ستفهم وقتها بأننا لا نفهم!