العيش المخالف بجبل الشراشف

تدخل جبال عديدة في العاصمة المقدسة ضمن مشروع الإزالة لصالح هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بعضها مأهول بالسكان، منها جبل الشراشف الذي تقطنه جاليات آسيوية وأفريقية وعديد من المواطنين

تدخل جبال عديدة في العاصمة المقدسة ضمن مشروع الإزالة لصالح هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بعضها مأهول بالسكان، منها جبل الشراشف الذي تقطنه جاليات آسيوية وأفريقية وعديد من المواطنين

السبت - 08 نوفمبر 2014

Sat - 08 Nov 2014



تدخل جبال عديدة في العاصمة المقدسة ضمن مشروع الإزالة لصالح هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بعضها مأهول بالسكان، منها جبل الشراشف الذي تقطنه جاليات آسيوية وأفريقية وعديد من المواطنين.

ورغم وعورة الطريق نحو قمة الشراشف وضيق الأزقة بين المساكن المبنية ضرب عشواء، إلا أن الحياة تسير في حي المسفلة، بين كر وفر، يقودها باعة وسكان مخالفون عندما تلوح بوادر حملة أمنية أو من فرق الأمانة.



رائحة المرض



تتصدر الجالية البرماوية قائمة السكان، قدرها البعض بنحو %85، تليها الأفريقية بنحو %10، فيما تصل نسبة المواطنين السعوديين إلى نحو %5 من جملة السكان.

وتمتهن نسبة كبيرة من السكان تجارة الخضروات والخردوات وبيع البضائع الرخيصة مجهولة المصدر، في بسطات بعيدة عن النظام، تتناثر بين أزقة الحي المتعرجة والمليئة بالغبار، وبيئة تتصاعد منها رائحة المرض.

ولا يستنكف بعض السكان عن سرقة التيار من محولات الكهرباء الموجودة في الحي، إذ ليس من الغريب رؤية تمديدات عشوائية على أسقف المساكن، مسحوبة من المحولات الموزعة على الجبل، وبعض الأسلاك ملقاة بإهمال بالقرب من برك المياه الآسنة لتشكل فرصة للموت صعقا بالكهرباء.

أما المياه، فتجد تمديدات عشوائية خارجية تتصل بالمساكن والمحال التجارية، من عمل بعض السكان، موصولة برافعات مياه، وبيع المياه لمن يريد مقابل مبالغ محددة.



تشكيلات البضائع



تتراص محال تجارية متواضعة في قمة الجبل لتوفر كل الاحتياجات، من خضروات وفواكه وأجهزة كهربائية وملابس وأجهزة الهاتف النقال والدواجن والمأكولات البحرية بشتى أشكالها، فضلا عن المطاعم وكل الاحتياجات المعيشية، غير أنها في المقابل لا تحمل التصاريح اللازمة الرسمية لممارسة العمل، عوضا عن تعرض المنتجات للهواء الملوث بالغبار النافر من الطرق غير المعبدة، وتطاير الذباب والحشرات، مما يجعلها بيئة مواتية للمرض.



المرافق التعليمية



أكد العديد من المواطنين القاطنين بأطراف جبل الشراشف وجود مدرستين وروضة أطفال، تحتضن أبناء الجاليات في قمة الجبل، غير أنهم أبدوا استغرابهم وتحفظهم من إغلاقها في حال زيارة الجهات الأمنية، وهي مدرسة تحت مسمى مدرسة أشرف العلوم الخيرية، تشرف عليها إدارة التربية والتعليم بمكة، ومدرسة عبدالله بن مسعود الخيرية التابعة لمركز هداية لتحفيظ القرآن، وبين المواطنون تخوفهم منها عطفا على أنهم لا يعلمون ما يتم تعليمهم من مناهج ومقررات خصوصا أن أكثر رواد تلك المدارس صغار السن والأطفال من أبناء المنطقة.

مدير الإعلام التربوي والمتحدث الرسمي لإدارة التربية والتعليم بمكة المكرمة عبدالعزيز الثقفي قال إن مدرسة أشرف العلوم الخيرية تتبع للجالية البرماوية بمكة، وهي تحت إشراف إدارة التربية والتعليم فنيا فقط، وأضاف أنه بعد التواصل مع مدير المدرسة المذكورة أكد أنهم لا يغلقون أبواب المدرسة إلا في حال عدم تواجد الحارس العامل بها.



استغلال البنية التحتية



وعبر سكان عن استيائهم جراء استغلال أفراد من الجاليات للبنية التحتية من مياه وكهرباء بهدف إيصالها لمنازلهم القائمة بدون التصاريح للبناء، وإلى المحال التجارية الخاصة بهم، وشكوا من الانقطاع الكامل للكهرباء لعدة أيام، فيما عمد البعض منهم لبيع الكهرباء التي يولدونها عبر شبكات وتمديدات بمولدات كهربائية خاصة بعيدا عن الشبكة العامة.

فيما أبدى مواطنون استغرابهم من عدم وجود الجهات المختصة بالنظافة، ويشاهد الزائر جبالا من النفايات تغطي الشوارع متربصة بالإنسان، وقال بعضهم إن العمالة تأتي مرتدية أزياء النظافة لكنها تأتي للتسوق أو جمع علب المشروبات الغازية والكرتون بهدف بيعها لحسابهم دون الالتفات إلى القاذورات التي تملأ الجبل.



نسيا منسيا



مدير إدارة صحة البيئة في أمانة العاصمة المقدسة، الدكتور محمد فوتاوي قال لـ «مكة» إن الفرق الميدانية لإدارة الصحة كانت تعاني كثيرا من المقاومة التي تجدها من سكان الشراشف خلال الحملات التي تنفذها، ويتعرض أفراد الحملات للإيذاء، ولكن مع بدء الحملات التصحيحية أصبح الأمر أكثر انسيابية، حيث أسهمت وبشكل فعال في كشف تلك المواقع وانخفاض مستوى المقاومة من قبل المخالفين.

وأضاف فوتاوي: الأمر الآخر يتمثل في المشاريع التطويرية في تلك المواقع وإزالة العشوائيات، وهي بكل تأكيد أخفت الكثير من تلك المحال المخالفة، وأصبح الأمر أكثر سهولة في تتبع البقية القليلة من تلك المحال المخالفة، وعند اكتمال المشاريع ستكون كل تلك الظواهر السلبية نسيا منسيا، وسوف يرتفع مستوى الإصحاح البيئي في العاصمة المقدسة.



صور من الداخل



أشار المواطن إبراهيم الدغريري إلى أن محطة الكهرباء المجاورة لمنزله احترقت، وهي المغذي الأساسي لعدة مساكن، وقال إن ذلك أصبح يتكرر بشكل شبه أسبوعي، فيما أرجع فنيو شركة الكهرباء الحريق المتكرر إلى الأحمال الزائدة والتي تتم بطريقة مخالفة.

وقال المقيم من الجالية البرماوية علي حسين: نمارس البيع والتجارة منذ نحو 20 عاما ونجلب منتجاتنا من أسماك ومأكولات بحرية من شواطئ بحر الشعيبة، التي تبعد 80 كلم من مدينة مكة، وأضاف أن الجهات الرقابية تغيب عن المكان بشكل شبه كامل لصعوبة الوصول للمنطقة، والتحرك داخلها، ووعورتها الشديدة وتشعب أزقتها الكثيرة.

وهنا تناول طرف الحديث المواطن محسن علي بقوله: هناك تنسيق مسبق يجري بين أفراد الجاليات حال وصول الجهات الأمنية، فيسارع الجميع بإطلاق ساقيه للريح هربا من القبض عليهم، وهذا ما يحدث في كل مرة.

بينما عد المقيم فيصل عبدالشكور شغلهم الشاغل يتمثل في تكوم النفايات والقاذورات لمدة طويلة، حتى أن المسجد لم يسلم منها، فأصبحت الصلاة داخله أمرا عسيرا، كون المسجد أضحى داخل جبال النفايات، فهرب السكان من الصلاة فيه بسبب الروائح الكريهة.