اكتتاب البنك الأهلي

أعتقد أن تاريخ سوق المال السعودية لم يشهد اكتتابا أثار الجدل واللغط كما فعل اكتتاب البنك الأهلي التجاري، فالبنك الذي يبلغ رأس ماله 20 مليار ريال قرر أن يطرح 15% منها للاكتتاب العام خاص بالأفراد وهو ما يعادل 300 مليون سهم وذلك بسعر 45 ريالا للسهم.

الكل كان متحمسا ومتحفزا للاكتتاب حتى صدرت الفتوى الرسمية من هيئة كبار العلماء بتحريم الاكتتاب في أسهم البنك لاحتواء البنك على بعض الأصول الربوية. قابل فتوى التحريم هذه فتوى أخرى بجواز الاكتتاب من الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع والدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح والدكتور محمد بن علي القري ولكن فتواهم لم تلق صدى عند عامة الناس الذين قاطع معظمهم الاكتتاب.

مقاطعة أغلب الجمهور للاكتتاب كانت بالتأكيد مفاجأة للبنك وخاصة أن الحجة هي عدم إسلامية البنك، فالبنك كان قبل حوالى 15 سنة تقليديا بالكامل ولا يوجد به أي تعاملات إسلامية ولكن كل إدارات البنك المتعاقبة منذ تلك الفترة كانت تضع التحول للمصرفية الإسلامية على رأس أهدافها فكانت تتسابق لإيجاد الحلول المصرفية الإسلامية وإطلاق المنتجات الإسلامية تباعاً حتى تحول قطاع الأفراد وجميع فروع البنك التي تجاوزت 300 فرع إلى إسلامية بالكامل وبلغت نسبة أصول البنك الإسلامية 70% والبنك عازم على تحويل الباقي لإسلامي في مدة لا تتجاوز خمس سنوات، والتطور التاريخي في هذا المجال يوضح نية البنك الصادقة في ذلك والعاملون في القطاع المصرفي يعلمون جيداً أن تحويل بنك تقليدي بهذا الحجم وبهذه الأصول إلى إسلامي لا تتم في ليلة وضحاها.

طرح هذه النسبة للاكتتاب وبهذا السعر يعتبر هدية للشعب في وجهة نظري وهو توجه حكيم من الدولة في أن يتملك الشعب في هذا الصرح المالي العملاق وهو ما سيسهم بشكل حقيقي ولو بسيط في توزيع أفضل للثروات. تخصيص الأسهم ومجاملة صغار المكتتبين كان دليلا آخر على ذلك، حيث تم تخصيص كامل الأسهم لكل شخص اكتتب بمبلغ 90,000 ريال أو أقل.

اكتتاب البنك الأهلي أثبت للجميع مدى احترام السعوديين للفتوى الرسمية وبالتأكيد سوف يمثل ذلك ضغطاً شديداً على البنك الأهلي وغيره من البنوك التقليدية بالتحول السريع والعاجل للمصرفية الإسلامية التي أثبتت جدواها وأصبحت العامل الأول لجذب العملاء.