خطوات المعلاة قراريط غيبتها سيارات الجنائز

عبدالرحمن الصالح - مكة المكرمة

غيبت سيارات نقل الموتى على الكثيرين فرصة تتبع الجنائز من الحرم المكي الشريف إلى مقابر المعلاة على الأقدام، وهي عادة كان يتبعها البعض حتى وقت قريب كون المسافة لا تبعد سوى كيلومترات معدودة، إذ لا تكاد الصلوات المكتوبة في الحرم تخلو من صلاة على موتى، وكان الحجاج يحرصون على نيل القراريط الواردة في البخاري وغيره تطبيقا لحديث أبي هريرة المرفوع عن رسول الله: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن كان له قيراطان».

حاليا، بعدت المعلاة التي كانت الجنائز تحمل إليها على أعناق الرجال، وصارت الجنازة تخرج من الحرم بعد الصلاة عليها لا يرافقها إلى المقبرة إلا من يعرفها، وبقدر ما تسعه سيارة نقل الأموات.

مدافن الإسلام:

• 
  تذكر المصادر التاريخية ثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليها بقوله: (نعم المقبرة الشعب) كما ذكر الأزرقي والفاكهي والفاسي في شفاء الغرام، ويرى المؤرخون أن الأموات فيها يستقبلون القبلة وهذه مزية لها، وكانوا يدفنون على جانبي الطريق حتى ما كان يطلق عليه الخرمانية، وهو موقع أمانة العاصمة المقدسة اليوم، وما زالت بقاياها موجودة حتى الآن، وتوسعت المقبرة ناحية الجنوب حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، وكان للأسر المكية توزيعات فيها، ولكل منها مدفن خاص بها، خاصة العائلات القرشية التي دأبت على ذلك حتى العصر المملوكي ومن بعده العثماني، وظهر الميل إلى الدفن في هذه المقبرة بعد الإسلام، وقبل الإسلام كان الدفن على جانبي الوادي.

الدكتور عدنان الحارثي – أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة أم القرى

الدفن في المعلاة كغيرها:

• 
  ربما يحرص بعض الناس على الدفن في المعلاة لقربها من الحرم وحصول السنة في متابعة الجنازة وحملها بما قد لا يكون متحققا في بعض المقابر، لكن الدفن في مقبرة المعلاة كالدفن في غيرها، ولم يصح في فضل الدفن فيها نص صريح وواضح يدل على ذلك، أما المجاورة فلا أثر لها بقدر كون الإنسان معلق بما قد وردت به النصوص الشرعية من توحيد الله والصلاة وقبل ذلك كله عفو الله ومغفرته، وإنما يوصى في الدفن بما هو أقرب إلى سنة رسول الله من جهة صورة الدفن ومن جهة الآداب المرعية عند الدفن والزيارة، وهذا الذي قد يرجى به ويؤمل أن يكون فيه أجر لهذا المتوفى، إضافة إلى دعاء الناس وشهادتهم له بالخير، فرب ميت يدفن في أقصى الأرض لا يكون بهذا القدر في مثل هذا الجوار.

الدكتور محمد مرزا عالم - عضو الجمعية الفقهية السعودية

السير خلف الجنائز:

• 
  المسجد الحرام يتميز عن غيره بأمور كثيرة، من ضمنها أداء الصلاة على الأموات عقب كل صلاة، وفرصة تتبع جنائزهم والمشاركة في حملهم وصولا إلى سيارات نقل الموتى في أجياد، ولذا فإني حريص في زياراتي المتعاقبة للمسجد الحرام على تتبع الجنائز حتى مواراتها الثرى في مقبرة المعلاة، وكان ذلك متيسرا من قبل، لكنه لم يعد متاحا، وكان الناس يسيرون خلفها وبعضهم حفاة الأقدام يسارعون بها نحو مثواها، فنقف على خطوات الدفن، ويحثون التراب على القبر ويدعون للميت بالثبات عند السؤال قبل العودة إلى الحرم.

الحاج عصمت الطيب من الجزائر