نقاد: تداخل الأجناس الأدبية لا يعني ولادة فن مستقل

يتفق عدد من الكتّاب على أن ظهور قوالب أدبية جديدة، ومختلفة عن القوالب السابقة، هو ردة فعل طبيعية للتغيرات الطارئة على الكتابة وفنون الأدب، كما في فن الرسالة حين خرجت من فن الخطبة على يد عدد من أدباء العصر الأموي وكتابه

يتفق عدد من الكتّاب على أن ظهور قوالب أدبية جديدة، ومختلفة عن القوالب السابقة، هو ردة فعل طبيعية للتغيرات الطارئة على الكتابة وفنون الأدب، كما في فن الرسالة حين خرجت من فن الخطبة على يد عدد من أدباء العصر الأموي وكتابه

الخميس - 23 أكتوبر 2014

Thu - 23 Oct 2014



يتفق عدد من الكتّاب على أن ظهور قوالب أدبية جديدة، ومختلفة عن القوالب السابقة، هو ردة فعل طبيعية للتغيرات الطارئة على الكتابة وفنون الأدب، كما في فن الرسالة حين خرجت من فن الخطبة على يد عدد من أدباء العصر الأموي وكتابه.

في حين يرفض آخرون ظهور أنواع أدبية جديدة، مؤكدين أن هناك شكلا أدبيا ثابتا ينتمي إليه النص في سواده الأعظم.





عولمة أدبية



يؤكد أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة طيبة الدكتور محمد الصفراني على استقلالية كل نوع أدبي بذاته، عادا دمجها ببعضها شكلا من أشكال العولمة في ميدان الأدب، ويوضح بقوله «تشبيه الفنون الأدبية بعضها ببعض تشبيها مجازيا، لا يعني إمكانية التهجين كما في الكائنات الحية، ولكن لو أحسن الكاتب توظيفها ستكون في مصلحة العمل الأدبي، والنصوص الجديدة اليوم هي امتداد للعولمة في الأدب، ولا يمكن أن نقول بأنها ليست أدبية، وعلى الناقد محاولة اكتشاف جنسها الأدبي، فلو لم تندرج تحت شكل معين من أشكال الكتابة تبقى نصا أدبيا وفق شروطه التي تختلف بالتأكيد عن شروط كل نوع أدبي آخر، فالفارق بين التعبير الأدبي والتعبير العلمي مثل الفارق بين كتابة نشرة الأخبار وكتابة انطباعات عامة عما توحي به زهرة مثلا، فالأول لا يمكن تسميته كتابة أدبية والآخر يمكن تسميته أدبا».





المتغير الثابت في النص



من جهتها ترى الدكتورة نانسي إبراهيم أن لكل جنس أدبي سماته التي تميزه عن غيره، مما يساعد في حفظ كل نوع أدبي بعينه، وتضيف «مدى صمود نمط بعينه في مقابل المتغيرات الطارئة عليه، أمر مهم في عملية النقد، لما له من إضاءة معيارية في تقييم النصوص وتصنيفها ودراستها، ومعرفة جمالياتها، إضافة إلى رصد التطور الزمني للنص الأدبي من حيث النضج والثبات، وتطور الكاتب الواحد».

مؤكدة على اهتمام البيئات الغربية بتصنيف الأجناس الأدبية منذ القدم، ويعد أفلاطون من أهم من أثار ذلك في كتابه جمهورية أفلاطون، من خلال تفرقته بين السرد القصصي والحوار المسرحي، وحديثه عن الملاحم والغنائيات.

أما في العصر الحديث، فتقول نانسي «مع دخول أشكال أدبية جديدة تزاوج أو تجمع بين أكثر من شكل أدبي، أعيدت القضية ولا سيما مع الانفتاح على الشعرية اليونانية التي دعم التهجين بينها».

وتضيف «على الرغم من هذا، يظل هناك شكل أدبي ثابت ينتمي إليه النص في سواده الأعظم، وشكل آخر يرصد المتغير فيه، هذا بالإضافة إلى إنتاج أشكال تجمع بين صورتين معا، كقصيدة النثر والقصة الشاعرة والمسرح الشعري وهكذا، ويبقى الفيصل في قدرة الجنس الأدبي الجديد على إثبات قدرته في جذب أنماط جديدة من التلقي وتطور ذائقة النقد معه إلى أن يثبت بقاءه أو يتلاشى وينعدم».





وعي مختلف



ويتقاطع رئيس أدبي أبها الدكتور أحمد آل مريع مع ما ذهبت إليه الدكتورة نانسي، إذ يرى أن تداخل الأنواع الأدبية ينظر له اليوم في ظل التطور والتعقيد الكبيرين في المعارف والاتصال نظرة على درجة كبيرة من التسامح، لم تكن متحققة للمؤسسة الأدبية والمشتغلين فيها فيما مضى، ويوضح «تعد الأجناس الأدبية قوالب قارة ومنيعة لا بد من تحقيق شروطها كاملة ليعترف بها الأدباء والنقاد، ولكن هذه النظرة الآن لم تتغير فقط، ولكنها أصبحت أكثر وعيا بمسألة الأدبية التي تقابل كل ما هوغير أدبي كالتاريخي والعلمي، وحتى هذه النظرة بدأ النقد الأدبي بتجاوز صلابتها ليشتغل على التخوم بين المعارف الأدبية، فيما يعرف بالنقد الثقافي والدراسات الثقافية».

ويضيف آل مريع «هذا الاختلاف استدعى وعيا مختلفا، فأصبح لدينا مصطلح النص بدل النوع الأدبي، وظهر لنا نموذج جديد في دائرة الاشتغال النقدي يعطل بعض الأجناس الأدبية مثل القصة والرواية، وأتى في مصطلحي «الكتابة عبر النوع»، و»النص المفتوح» وهو مصطلح يدل على الانفتاح والتعدد الذي يتجاوز السائد والمؤسسي».

مؤكدا أن تطور النماذج أمر طبيعي، فيتوارى أحدها أو بعضها وينشأ آخر، مثل الرواية والقصة إزاء المقامة والخبر أو القصيدة العمودية.





انتشار النص الجديد



هل يمكن أن يولد تداخل الأجناس جنسا جديدا؟ سؤال يطرحه الدكتور إبراهيم الشتوي، فيقول: «إذا نظرنا إلى الأجناس الأدبية المختلفة؛ ألا يجمع بعضها أجناسا مختلفة، ألم تجمع الرسالة الشعر إلى الحكاية والقصة والترسل وغيرها، وهذا ما يحيلنا إلى نظرية الأجناس الأدبية وتكون الجنس الأدبي، فهو مجموعة نصوص تشترك فيما بينها بمواصفات واحدة، وقواعد محددة، تجعل المتلقي يستجيب لها على هذا الأساس، وتشكل نوعا من القول هو الجنس الأدبي، وبالانطلاق من هذه الصفات المشتركة والقواعد الأدبية يستطيع الأدباء الكتابة على منواله، ويستطيع المتلقون قراءته وفهمه والحكم عليه».

موضحا أن المعيار في تأسيس النوع الأدبي هو انتشار هذا النص الخارج من رحم الأجناس بصفاته المختلفة التفصيلية بين المتلقين ثم بين المنشئين للكتابة على منواله، إلى أن يجتمع عدد من النصوص يجعله جنسا مستقلا له قواعده الخاصة به».