ماذا أحدث عمر بن الخطاب وماذا فعل؟
بين عهد عمر رضي الله عنه وبين عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات وهي مدة قصيرة، وبين خلافة عمر وحتى وفاته وبين وفاة النبي 13 سنة وقد اتسعت الدولة في عهده اتساعا كبيرا ودخل فيها أضعاف من كانوا في عهد النبي وأبي بكر، وامتدت لتسع المسلمين وغير المسلمين وحدث لكل ذلك أحداث وتغيرات لم تكن في عهد النبوة ولا في خلافة أبي بكر، فماذا صنع عمر وكيف واجه التطور السريع والتغير الكبير في عدد قليل من السنوات.
بين عهد عمر رضي الله عنه وبين عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات وهي مدة قصيرة، وبين خلافة عمر وحتى وفاته وبين وفاة النبي 13 سنة وقد اتسعت الدولة في عهده اتساعا كبيرا ودخل فيها أضعاف من كانوا في عهد النبي وأبي بكر، وامتدت لتسع المسلمين وغير المسلمين وحدث لكل ذلك أحداث وتغيرات لم تكن في عهد النبوة ولا في خلافة أبي بكر، فماذا صنع عمر وكيف واجه التطور السريع والتغير الكبير في عدد قليل من السنوات.
الثلاثاء - 21 أكتوبر 2014
Tue - 21 Oct 2014
بين عهد عمر رضي الله عنه وبين عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات وهي مدة قصيرة، وبين خلافة عمر وحتى وفاته وبين وفاة النبي 13 سنة وقد اتسعت الدولة في عهده اتساعا كبيرا ودخل فيها أضعاف من كانوا في عهد النبي وأبي بكر، وامتدت لتسع المسلمين وغير المسلمين وحدث لكل ذلك أحداث وتغيرات لم تكن في عهد النبوة ولا في خلافة أبي بكر، فماذا صنع عمر وكيف واجه التطور السريع والتغير الكبير في عدد قليل من السنوات. في هذه السنوات الـ13 طور عمر في آليات إدارة الدولة وأصدر التشريعات لكل ما احتاجت إليه حركة الإسلام وتسارع الحاجات إلى الاجتهاد مراعاة للمصالح العامة ولم تكن النصوص الثابتة ولا السنة المتبعة عائقا في طريق التطور الطبيعي للحياة والاستجابة لضرورات التغير الذي كان ولا بد منه وتكييف النص لمقتضيات الحال، كان أول ما فعل عمر هو أنه أوقف قسمة السواد في أرض العراق وفيه نص قرآني صريح لأنه قرأ نص الآية (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول (حتى) لكيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم..) قراءة العالم بمقاصد القرآن رغم ظاهر النص الصريح وما كان معمولا به في عهد النبي وأبي بكر، وكانت حجته في ذلك مصلحة الدولة والأمة المقدمة على مصلحة أصحاب الحق في المغنم (الفاتحين)، لم يطلب دليلا ولا حجة غير المصلحة العامة والظروف المتغيرة والأحداث المختلفة، ولم يلتفت إلى ما عليه الناس قبل ذلك لاختلاف الحال، هذه واحدة أما الثانية فقد منع إعطاء الخمس لأهله وفي ذلك نص صريح من القرآن أيضا (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا..) الآية.. والسبب أن ما يحصل من الغنائم كان أكثر مما يحتاجه هؤلاء أضعافا مضاعفة، فرد ما زاد عن حاجتهم للمال العام الذي تقوم به مصارف الدولة لأنه قرأ القرآن بروحه ومراده ولم يقرأه نصا جامدا كما يريد بعض الجامدين.
وثالث ما أتى به عمر أنه أسقط سهم المؤلفة قلوبهم وحقهم فيه نص صريح في القرآن غير مختلف عليه ولا مؤول (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم). هل تجدون نصا أكثر تحديدا وتفصيلا ووضوحا من هذا النص القرآني الذي يحدد فئات من الناس وينص على أنهم هم أهل الزكاة المستحقون لها ومع ذلك كان عمر يعرف غايات التنزيل ومراحل التدرج التي صاحبت الدعوة وصاحبت نزول القرآن، لم يكن النص عنده جامدا بل كان من المرونة والبيان فيه ما يجعله يصلح للحياة ويصلحها، ورابع ما أتى به عمر واحتج له هو نص قطعي الثبوت وقطعي الدلالة في الحدود ومع هذا القطع والثبات لم يكن صريح النص القرآني عائقا أمام عمر أن يجد طريقا إليه من باب الغاية التي من أجلها كانت الحدود لحماية المال واحترام ما بأيدي الناس من العبث به، ولكنه رأى أن ما حدث في عام الرمادة أكثر أهمية من احترام الملكية الخاصة وهي الحياة لأن الحياة هي أصل الوجود وغايته وهي أهم من تحريز المال وحفظه لأهله، فأوقف الحد عمن كانت حياته في خطر، وتعامل مع النصوص ومع القرآن بغاية القرآن وليس بظاهر نصوصه.
ولم تكن زكاة بني تغلب آخر ما واجه عمر من المصالح المرسلة وإن لم يكن بها نص قرآني كالحالات الأربع التي مر ذكرها ولكن مصلحة الأمة العليا فوق كل ذلك، ترك لكبار الصحابة ووفد بني تغلب التفاوض ثلاثة أيام فلم يجد الصحابة غير حلين للقضية ولكن عمر وجد حلا ثالثا حفظ به كرامة العرب ومصلحة الإسلام.
وقال لن نذل بني تغلب ولن نتركها تذهب فتكون شوكة في ظهور المسلمين فقبل عرضهم الذي عرضوا وأعفاهم من الجزية ومن الخروج لأرض الروم. وقد وافق الصحابة عمر على كل ما غير وأحدث ولم يختلف معه أحد منهم بعد عزمه وبيان حجته وأيدوا ذلك وعملوا به بعده.
هكذا كان عمر وفهمه لمقاصد الإسلام الكبرى وبهذا كان الإسلام صالحا لكل زمان ومكان عملا لا قولا، كم طور عمر وأحدث وغير في 13 سنة، كم بيننا وبين عمر من السنين والأحداث وكم نحتاج من التغيير والتطوير؟
ونحن اليوم لا نستطيع تجاوز رأي فقيه بيننا وبينه مئات السنين والأحداث، ولا نستطيع تجاوز ما قال وما أحدث رغم ما في قوله وعمله وما عليه من مآخذ، ونحور وندور في آراء ومذاهب وأقوال ما أنزل الله بها من سلطان، وهي في أحسن أحوالها أقوال رجال وأراؤهم لوقتهم ولزمانهم وليس لوقتنا ولا لزماننا. نريد أن نوقف عجلة التاريخ معتصمين برأي الفقيه والعالم فلان، والأولى أن نعيش لزماننا وننظر في مصالح حاضرنا ونعتصم بكتاب الله ونحسن تدبره وتأويله كما فعل عمر حتى يكون الإسلام صالحا لكل زمان ومكان عملا وليس قولا.