من يحمي سمعة المجتمع من الابتزاز؟
يحرص علماء الاجتماع على تتبع ظواهر سلوك المجتمع التي يمارسها ولا سيما ما يتعلق بالأخلاق، يستوي في ذلك البحث عن السلوك السلبي أو القيم الإيجابية، وبقدر ما يحصلون عليه من أرقام لأي ظاهرة تنتشر في المجتمع يقيمون الدراسات التي تحدد سلوك المجتمع ويحاكمونه على ما توفره الأرقام من معلومات في أي اتجاه تكون الظاهرة موضع الدراسة، وليس لديهم أهم من الأرقام الموثقة من جهات مسؤولة،
يحرص علماء الاجتماع على تتبع ظواهر سلوك المجتمع التي يمارسها ولا سيما ما يتعلق بالأخلاق، يستوي في ذلك البحث عن السلوك السلبي أو القيم الإيجابية، وبقدر ما يحصلون عليه من أرقام لأي ظاهرة تنتشر في المجتمع يقيمون الدراسات التي تحدد سلوك المجتمع ويحاكمونه على ما توفره الأرقام من معلومات في أي اتجاه تكون الظاهرة موضع الدراسة، وليس لديهم أهم من الأرقام الموثقة من جهات مسؤولة،
الثلاثاء - 14 أكتوبر 2014
Tue - 14 Oct 2014
يحرص علماء الاجتماع على تتبع ظواهر سلوك المجتمع التي يمارسها ولا سيما ما يتعلق بالأخلاق، يستوي في ذلك البحث عن السلوك السلبي أو القيم الإيجابية، وبقدر ما يحصلون عليه من أرقام لأي ظاهرة تنتشر في المجتمع يقيمون الدراسات التي تحدد سلوك المجتمع ويحاكمونه على ما توفره الأرقام من معلومات في أي اتجاه تكون الظاهرة موضع الدراسة، وليس لديهم أهم من الأرقام الموثقة من جهات مسؤولة، حيث يكون الاعتماد عليها مما يعزز صحتها من جانب، ومن جانب آخر تكون الثقة بحدوثها مؤيدة بالثابت من مصدر له صلة بالظاهرة التي يعالجها الباحث الاجتماعي فيحرص الباحثون في جرائم الأخلاق مثلا أو السلوك المنحرف للأفراد أن تكون المعلومات التي يبنون عليها أحكامهم صادرة عن مؤسسات بحثية أو حكومية أو شبه حكومية، وعلى مدى شيوع الظاهرة يصنف المجتمع موضع الدراسة سلوكيا وأخلاقيا ويحكم عليه.
وقد اعتادت بعض الجهات الرسمية عندنا أن تذكر في سبيل تعداد أعمالها ما تقوم به من جهود في المجالات التي تقع من ضمن مسؤولياتها، وتنشر ذلك في وسائل الإعلام الرسمية لا سيما بعض الجهات التي تكافح الظواهر والسلوكيات الاجتماعية السلبية التي تحدث في المجتمع وقد يكون المقصود من النشر هو التحذير منها وبيان خطرها وكشفها للناس حتى يحذرونها. وهذا هو القصد الحسن لكنه لا يمنع أن يقرأ الناس قراءة خاطئة أو يفسر تفسيرا تبنى عليه نتائج تضر بسمعة المجتمع وتعطي انطباعا عنه في غير صالحه، وقد يكون مبالغا فيما يسجل من سلوكيات ولكنها تسبب ضررا كبيرا عليه وتعطي دلالة غير لائقة عنه.
لو أخذت مثالا لتقريب الموضوع، ما اعتادت هيئات الأمر بالمعروف أن تنشر من أحداث وقضايا في غاية الحساسية لعلاقتها بالسلوك العام للمجتمع السعودي ولا سيما فيما يتعلق بالمرأة التي هي بدورها تعد في غاية الحذر في المجتمع المحافظ وأكثر حساسية ولا سيما ما تسميه الابتزاز وما تقوم به من إنقاذ للمرأة التي تعرضت له، والمقصود بالابتزاز هو علاقة غير مشروعة تحدث سرا بين رجل وامرأة تؤول في النهاية إلى أن يقوم أحد طرفيها باستغلال الطرف الآخر، وغالبا يكون الرجل هو الذي يقوم بابتزاز المرأة ورغم أن هذا المصطلح غير معروف عند غيرنا من المجتمعات إذ المعروف في العالم هو التحرش وله تعريفاته ودرجاته والعقوبات الصارمة المترتبة على ذلك، إلا أن ما تصفه الهيئة يدل على المقصود بهذا المصطلح الخاص أو هو شيء من هذا القبيل.
لا يكاد يمر يوم لا تنشر الهيئة عددا من حالات الابتزاز التي قامت بمعالجتها وأنقذت المبتزة ممن يريد ابتزازها، ثم تذكر ملخصا عن مجمل العلاقة السابقة. وفي الأسابيع القليلة الماضية ذكرت الصحف تصريح الناطق الرسمي للهيئات الشيخ الشليل أن الهيئة أنقذت 14 فتاة في ثلاثة أيام تعرضن للابتزاز.
ويظهر التصريح في جانبه الإيجابي الدور الكبير الذي تقوم به الهيئة لمكافحة الظاهرة السلوكية غير المنضبطة في المجتمع وغير المرغوبة فيه وهذا الجانب هو ما يحدو الهيئة للإعلان عما يقع في قبضتها، وعن من تجد الشجاعة الكافية من النساء اللائي تعرضن للابتزاز فتلجأ للهيئة لإنقاذها ممن تجاوز هذه العلاقة غير السوية إلى ما هو أسوأ منها.
أما الجانب السلبي فهو قراءة الباحث الاجتماعي للتصريح حيث يعمد إلى لغة الأرقام التي تدل على مدى انتشار العلاقات غير السوية في المجتمع ويستنتج من معرفته طبيعة المجتمع المحافظ الذي تكون علاقة الشرف فيه غاية في الحساسية والسرية أن هذه الأرقام التي ظهرت ولم يستطع الطرف المتضرر تحملها مضروبة بعشرة أضعافها وأكثر من ذلك، وبما يمكن أنه يحدث في طبيعة الأشياء، وهنا تكون النتيجة حكما متسرعا وانطباعا عاما تقرر أن المجتمع تسود فيه ظاهرة سلوكية غير مقبولة فتجرم المجتمع كله وتسيء إليه ويشيع الانطباع على تفشي الفساد فيه.
والانطباعات العامة تعطي حكما عاما على المجتمع تؤذي سمعته وتضر به، وهذا ما جعل أحد الكتاب السعوديين يغرد قبل فترة متهما السعوديات عموما بأنهن يمارسن سلوكا غير مقبول في دولة مجاورة، وأكثر من يعمل في المملكة من غير السعوديين لديه انطباع على أن المجتمع رغم ظاهره المحافظ فإن باطنه يحمل كثيرا من السلبيات التي لا يوجد بعضها حتى في المجتمعات المفتوحة ويبنون رأيهم على شيء من الملاحظة المتسرعة والحالات الفردية وما تنشره الصحافة من تصريحات لبعض المسؤولين.
وسمعة المجتمع تستحق الحماية مثل ماله وأمنه وحياته ولا يجب أن تعرض للشكوك ولا أن تبرز الحالات الفردية على أنها ظاهرة عامة ويبالغ في ذلك، فمجتمعنا مثل غيره من المجتمعات التي لا تخلو من السلبيات لكن التضخيم والمبالغة من الجهات الرسمية يصم المجتمع كله ويجرمه وينال من سمعته ويجعل الانطباع العام بحكم الحقيقة وهذا ظلم للناس وللمجتمع.