مثقفون: نقاد الشياكة تنقصهم الثقافة والإبداع

لم يعد النقد اليوم يتناول التجارب الإبداعية برؤية نقدية ثقافية عميقة، كما كان في السابق، بحسب رأي بعض المثقفين، مؤكدين أن بعض النقاد ليسوا ملمين بالتجارب شعرا وسردا، وتفرغوا لاستقطاب نظريات ومصطلحات نقدية من الغرب والشرق في محاولة لإسقاطها على الأدب، ويرون بأن هذا الاتجاه لم يعد يعبأ بالنص، بقدر ما انشغل بتقديم كلام لا يمت للنص المدروس بصلة

لم يعد النقد اليوم يتناول التجارب الإبداعية برؤية نقدية ثقافية عميقة، كما كان في السابق، بحسب رأي بعض المثقفين، مؤكدين أن بعض النقاد ليسوا ملمين بالتجارب شعرا وسردا، وتفرغوا لاستقطاب نظريات ومصطلحات نقدية من الغرب والشرق في محاولة لإسقاطها على الأدب، ويرون بأن هذا الاتجاه لم يعد يعبأ بالنص، بقدر ما انشغل بتقديم كلام لا يمت للنص المدروس بصلة

الخميس - 25 سبتمبر 2014

Thu - 25 Sep 2014



لم يعد النقد اليوم يتناول التجارب الإبداعية برؤية نقدية ثقافية عميقة، كما كان في السابق، بحسب رأي بعض المثقفين، مؤكدين أن بعض النقاد ليسوا ملمين بالتجارب شعرا وسردا، وتفرغوا لاستقطاب نظريات ومصطلحات نقدية من الغرب والشرق في محاولة لإسقاطها على الأدب، ويرون بأن هذا الاتجاه لم يعد يعبأ بالنص، بقدر ما انشغل بتقديم كلام لا يمت للنص المدروس بصلة.

يقول عضو مجلس إدارة أدبي المدينة نايف فلاح «إننا بتنا أمام ما يمكن أن نسميهم بـ»نقاد شياكة، نظرا لافتقادهم القدرة الثقافية، والإلمام بالتجربة الإبداعية، وغابت بذلك القراءة النقدية الجادة والمعمقة».

وحول مدى استيعاب الحركة النقدية اليوم لما يدور على طاولة الإبداع أكد فلاح أن ما يطرح مجرد نظريات، ومصطلحات يحاولون تطبيقها دون فهم للنص الذي يتعاطون معه، ويضيف «بعض من النقاد ربما يكتبون صفحات مطولة عن تجربة شعرية، تستعرض فيها مصطلحات من هنا وهناك، وقد لا تجد شاهدا واحدا من أبيات الشاعر المدروس».





المنهج والنقد



من جهته يرى الكاتب حسين بافقيه أن أساس المشكلة يتصل بالدراسات العليا في الجامعات، والتي خرجت جيلا من الأكاديميين، وكثير منهم ليس له علاقة أصيلة بالأدب والنظرية الأدبية يقول «لأسباب تتصل بطبيعة المناخ الجامعي، وقد عنوا بما يسمونه النظريات النقدية، فيما لا يعدو كونه تشخيصا وتجميعا لجملة من الآراء التي يعاد سردها بطريقة (اللت والعجن) في كثير من الرسائل الجامعية التي تفتقد الأصالة والعمق والإبداع».

وأكد بافقيه أن فرض البرنامج الجامعي على الدارس أن يعطي شيئا من الرسالة عن الدراسات السابقة وطبيعة المصطلح، كان له تأثير كبير، فقلة من الباحثين العرب تحدثوا في النظريات النقدية بعمق.

ويضيف «يمثل الأغلبية من خريجي الدراسات المجموعة التي تم فرضها على الساحة الأدبية بصفتهم نقاد أدب، مما جعل هذا المجال منتميا للجامعة، وسيجت هذه الأفكار بمقولات تدعي العلمية، وأصبحت القضية تباريا بكمية المصطلحات، فيما يعجز كثير منهم الوقوف بحرفية وبإبداع على النصوص، ويعتمدون على طريقة «حوالينا ولا علينا».

وأشار لنقاد كبار بحسب وصفه يعبرون عن جيل الرواد برغم أن بعضهم من شريحة الأكاديميين، مثل الدكتور شكري عياد، وهو ممن رفضوا النقد العربي الحديث من خلال وعي مكتمل، وحين يكتب عياد يستغني عن كل المقولات التي يروج لها طلاب الدراسات العليا، ويكتب بما أوتي من ملكة على فهم الجمال الثقافة العربية، ونظرية امتلكها في ذهنه ووعيه ولا تجده يبحث عما يوهم القارئ كعشرات الكتابات التي لا تخرج منها إلا بكلام مكرر.





الأكاديمية والانطباعية



يقول «أتمنى إعادة وهج الدراسة النقدية لدى كل من الدكتور مصطفى ناصر، وإحسان عباس الأخير الذي لم يتدرع بالنظريات النقدية الحديثة، ولم يمتلك مصطلحات يستر فيها عواره ونقصه تجاه النص الأدبي، كما أن الناقد الأكاديمي ما هو إلا دليل تشغيل، حول النقد إلى عمل آلي يفتقد الروح والتواصل الإنساني مع النص، وكل همه أن يتبع النظرية المترجمة باللغة العربية ويحذو حذوها».

اعتبر الشاعر يوسف الرحيلي أن المشكلة تعود إلى تكوين الأديب وقاعدته الثقافية، حيث لم يعد الاطلاع والأمام بالتجربة المدروسة شرطان للنقد بقدر ما باتت المسائل تأخذ بالعناوين العامة، التي دفعت بكثيرين لتصدر المشهد النقدي.

وذهب الرحيلي إلى أن المواهب في النقد موجودة، ولكنها تفتقر الموسوعية والتأسيس الثقافي العميق، مؤكدا أن البعض يستحي من ذكر أسماء النقاد القدماء، ويعد ما قدموه مجرد كتب مدرسية، وبذلك وقع ظلم كبير على كثير من التجارب الشعرية التي تأخذ نصيبها في الدراسة.





«الحركة النقدية قديما كانت أكثر عمقا، ودراية بالنقد لثقافة الأدباء الموسوعية، رغم أن البعض منهم لم يكن مبدعا، ولكنه كان أفهم بقضايا الأدب كما هو العقاد، وشكري عياد وغيرهم من رعيل مثل أنموذجا في الطرح الأدبي العالي، في حين تحول النقد في كثير من ملامحه اليوم إلى مجرد كيمياء ممسوخة».



نايف فلاح