أكاديميون: الدراسة المسائية عزلة وتشتت للطلاب
رأى عدد من الأكاديميين ومختصي علم النفس أن طلاب الفترة المسائية يتعرضون لضغوط نفسية وعدم القدرة على الاستيعاب، ويفقدون التركيز والانتباه، مما يؤثر بشكل مباشر على تحصيلهم الدراسي، مشيرين إلى أنهم يعيشون في عزلة اجتماعية قسرية عن أسرهم
رأى عدد من الأكاديميين ومختصي علم النفس أن طلاب الفترة المسائية يتعرضون لضغوط نفسية وعدم القدرة على الاستيعاب، ويفقدون التركيز والانتباه، مما يؤثر بشكل مباشر على تحصيلهم الدراسي، مشيرين إلى أنهم يعيشون في عزلة اجتماعية قسرية عن أسرهم
الثلاثاء - 17 فبراير 2015
Tue - 17 Feb 2015
رأى عدد من الأكاديميين ومختصي علم النفس أن طلاب الفترة المسائية يتعرضون لضغوط نفسية وعدم القدرة على الاستيعاب، ويفقدون التركيز والانتباه، مما يؤثر بشكل مباشر على تحصيلهم الدراسي، مشيرين إلى أنهم يعيشون في عزلة اجتماعية قسرية عن أسرهم.
سلبيات عدة
تعد المدارس المسائية في المدن من إفرازات الهجرات الداخلية باتجاه المدن أو المراكز الحضرية، والتي تظهر جراء الضغط الكبير على الخدمات نتيجة للزيادة السكانية التي تفوق استيعاب الخدمات الأساسية للمدينة، وبالتالي تلجأ وزارة التربية للمدارس المسائية كحل موقت للمشكلة، حيث يتناوب على المبنى مدرستان إحداهما صباحية والأخرى بعد الظهر.
ولا شك أن هذا يحل جزءا من المشكلة ولكنه يخلق الكثير من الجوانب السلبية للبيئة التعليمية.
والضحية في الدراسة الصباحية والتي تنتهي قبل الثانية عشرة ظهرا هو الطالب، حيث يتم ضغط الحصص وتقليص دقائقها وإلغاء الراحة بينها وتقليص الأنشطة الرياضية، وهذا كله له انعكاسات سلبية على الطالب من ناحية النمو الفكري والجسدي.
أما الدراسة في الفترة المسائية فضحاياها أكثر، حيث يعاني الطالب فيها نفس المعاناة ويزيد عليها بخطر حقيقي يتمثل في العزلة الاجتماعية القسرية عن أسرته، حيث يقضي الفترة الصباحية وحيدا في المنزل أو مع الخادمة، وهذا في حد ذاته مشكلة، ويخرج من المنزل في الوقت الذي يعود فيه إخوته ووالداه ويحرم من الجلوس معهم على مائدة الغداء، وهي الفترة الوحيدة التي يجتمع فيها أفراد الأسرة وفقا لثقافة المجتمع السعودي، ويعود بعد العصر منهكا لا يجد الوقت الكافي للالتقاء بأسرته، وهذا أيضا له عدد من الجوانب السلبية على النواحي الاجتماعية والنفسية والفكرية والجسدية، والآثار السلبية للمدارس المسائية لا تقف عند الطلاب، بل تمتد للمعلمين والمعلمات العاملين في هذه المدارس والذين يقضون الوقت الذي يفترض أن يكون مخصصا لأسرهم وأبنائهم في الدوام، وبالتالي يحدث ما يسمى بالتفكك المعنوي للأسرة، حيث يعاني الأبناء جراء غياب الوالدين أو أحدهما.
الدكتور ناصر الزهراني - أستاذ علم الاجتماع المساعد، رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بجامعة أم القرى
انعكاسات نفسية
الفترة المسائية غير مناسبة للدراسة، وعند المقارنة تجد الطلاب في الفترة الصباحية مهيئين لاستقبال المعلومات وفهمها، خاصة أنهم أخذوا قسطا كبيرا من النوم وهم مستعدون لتلقي الدروس، كما أن هناك عزلة يشعر بها طلاب المساء، حيث يبتعدون عن المجتمع وعن أقرانهم الذين يتخذون من فترة ما بعد العصر وقتا مناسبا لمزاولة الهوايات التي يحبونها، بينما طلاب المساء يغيبون عن هذه الفترة ويفوتون فرصة لقائهم، وبالتالي ينتابهم شعور بأن غيرهم في حال أفضل منهم.
الدوام في المساء يؤثر بشكل مباشر على الأسرة بتقسيمها من ناحية الدوام، فأحدهم في الصباح والآخر في المساء، وهذا في فترات يغيب عن الآخر وهكذا حتى إن البعض يكون له غرفة خاصة يأتي ويذهب من غير أن يشعر به أحد، إضافة إلى أن هناك انعكاسات لهذا الأمر على المدى البعيد، حيث يصعب عليهم في أوقات التفاهم مع الآخرين وبالتالي التسبب في آثار نفسية تنعكس على سير الحياة مستقبلا.
نورة عبدالستار - أخصائية نفسية
المدارس المسائية في تناقص
الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة حريصة على التخلص من المدارس المسائية لتوفر لطلابها وطالباتها أجواء دراسية جيدة، ومن أجل ذلك أعدت خطة شاملة للتخلص من المدارس المسائية فقد انخفض العدد ليصبح 15 مدرسة مسائية للبنات، و 30 للبنين، وبمشيئة الله مع نهاية هذا العام الدراسي سينخفض عدد مدارس البنات المسائية إلى 10 مدارس، والبنين إلى 22 مدرسة، وستستمر الإدارة في العمل على التخلص من جميع المدارس المسائية في ظل الخطة التوسعية في تنفيذ المشاريع المدرسية وتوفير الأراضي في المخططات الحكومية والمخططات الخاصة بعد التنسيق مع الأمانة والجهات ذات العلاقة، وبعد إنجاز هذه المشاريع سيتم القضاء على المباني المسائية.
عبدالعزيز الثقفي - المتحدث الإعلامي للتعليم بمكة المكرمة
وقت الراحة
بعض الطلاب يدرسون في التعليم العام بمدارس مسائية، وهذا راجع إلى المشاريع التطويرية التي تشهدها مكة المكرمة والتي أزيل فيها عدد من المدارس.
وعلى الرغم من أن المصلحة العامة تقتضي ذلك إلا أن للأمر سلبيات عدة، لأن الطلاب تعودوا على الدراسة في الفترة الصباحية، وعندما يتغير الوقت تتأثر نفسيتهم ويفقد عدد منهم الانتباه والتركيز وينعكس ذلك على التحصيل الدراسي ومستوى الطالب.
والفترة المسائية كما يعلم الجميع هي وقت راحة واسترخاء وخاصة فترة ما بعد الظهر، فكيف بطلاب المسائي الذين يقضون الفترة الصباحية في اللعب والنشاط البدني، فإذا جاء وقت الظهر بدا التعب والجهد عليهم، فبدل خلودهم للراحة يذهبون إلى المدارس، ففي هذه الحالة نجدهم في تراخ وعدم انتباه وفقدان للتركيز.
ولا ننسى أن بعض الآباء والأمهات يعملون فيتحتم وجود الأبناء وحدهم بالمنزل وهذا له انعكاسات على سلوكهم.
وأخيرا نتمنى الإسراع في الإجراءات من أجل عودة طلاب المساء إلى مدارسهم الصباحية، وبالتالي العودة إلى مسار الحياة الطبيعي.
الدكتور محمود كسناوي - أستاذ التربية بجامعة أم القرى