محمد العوفي

الرضا عن الخدمات الحكومية بين المسؤول والعميل

الاثنين - 03 يوليو 2017

Mon - 03 Jul 2017

قياس الأداء في القطاع الحكومي الخدمي واستخراج مؤشرات أداء سنوية تعكس إنتاجية وفاعلية المنظمة لم يعد ترفا يمكن تجاوزه أو إغفاله، بل أصبح ضرورة ملحة ومدخلا حديثا لتحسين الأداء، وكشف نواحي القوة والقصور، وتشخيص واقعه بموضوعية، وتوفير معلومات تساند وتدعم القرارات المتعلقة بجهود إعادة الهيكلة، وتطوير الأداء المؤسسي.



ورضا العملاء عن الخدمات المقدمة من قبل الجهات الحكومية وشبه الحكومية أحد المؤشرات الرئيسة لتقييم أداء تلك الجهات. حتى الآن لا توجد دراسات مسحية تقيس مدى رضا العملاء عن الخدمات المقدمة من قبل هذه الجهات، وقد يكون الجزء الأكثر تجاهلا في تقييم الجهات في ظل غياب مؤشرات قياس الأداء، على الرغم من أهمية رضاء العملاء كأحد المجالات التي اهتم بها علماء التسويق، ومنحها كثيرا من الدراسات النظرية والعملية التي تركزت على وضع أسس علمية لقياس رضاء العملاء وتحقيق رغباتهم واحتياجاتهم.



لا يزال مستوى رضا الجمهور عن الخدمات المقدمة من قبل الجهات الحكومية ضعيفا وفقا لردود فعل العملاء التي تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعي، وتعتبر مؤشرا أوليا يمكن الآخذ والقبول به.



وعدم الرضا عن أداء الجهات الحكومية لم يكن حكرا على المستفيدين من خدماتها أو ما يسمى العملاء، بل يشمل مسؤولي الجهات أنفسهم، فقد كشفت دراسة مسحية جديدة ومعتمدة أن 82% من المسؤولين و62% من الموظفين في الأجهزة الحكومية أبدوا عدم رضاهم عن أداء الخدمات العامة في هذه الأجهزة الحكومية التي يعملون بها.



عدم الرضا عن أداء الأجهزة الخدمية قد يكون حالة شاملة لا يستثنى منها إلا قلة من الجهات، ويظهر جليا في ضعف الإنتاجية، وسوء في جودة الخدمات المقدمة للعملاء تأخيرا وتعطيلا وتعقيدا، والتسيب والغياب من قبل موظفي خدمات العملاء في تلك الجهات، حتى تحولت إلى صورة نمطية اختزنتها الذاكرة الجمعية للمواطن، وأصبح يتعايش معها بشكل يومي، ويسعى لتجاوزها باستخدام العلاقات غير الرسمية والواسطة في ظل تواضع وضعف الأنظمة وتقادم بعضها الآخر.



هذه النسب تؤكد أن هناك حالة عامة من عدم الرضا عن الخدمات، وأن رضا المستفيدين حول أداء تلك الجهات لن يكون أحسن حالا من رضا مسؤوليها، فالعلاقة بين رضا المستفيدين ورضا المسؤولين عن أداء وزارتهم طردية، في حالات كثيرة يمكن الجمع بين مؤشرات قياس الأداء التي يعتزم تطبيقها مستقبلا ودراسات قياس رضا العملاء لتحديد جوانب القصور والمساعدة في معالجتها عمليا ومنطقيا.



يمكن الجزم أن عدم رضا المسؤول والموظف عن أداء جهته هو بداية الطريق الصحيح لمعالجة هذا القصور في الأداء، وعملية التصحيح يفترض أن تنطلق من هذا الرؤية إلى جانب دراسات قياس رضا العملاء، تنطلق من ثلاثة أسئلة: لماذا لم يكن أداء جهتي مرضيا لي ولموظفي ولعملائي ثانيا؟ وأين تكمن جوانب القصور في أداء جهتي؟ وكيف يمكن تطوير عملي بما يحقق رضا كافة الأطراف المستفيدة من الجوانب؟



@ mohdalofi