الانتخابات والسيدة الأولى!

الأربعاء - 17 مايو 2017

Wed - 17 May 2017

الانتخابات ركن أساسي في العالم (الديمقراطي)، يعبر بها عن توافق آراء غالبية الأفراد، بطريقة تنافسية تشبه لعبة كرة القدم بين هجوم ودفاع واستغلال للفرص، وبالتالي لا بد للفوز من بهجة، ولا بد للخسران من مرارة.



ويعتبر اغتصاب السلطة من خلال العملية الديمقراطية أمرا محتملا في السياسة، وأهم تجربة في ذلك هي تجربة هتلر وسيدة ألمانيا النازية إيفا براون التي تزوجت الفوهرر رسميا لمدة 40 ساعة قبل انتحارهما في نهاية الحرب العالمية الثانية.



ومؤخرا هزم الاشتراكي الفرنسي إيمانويل ماكرون اليمينية الفرنسية (مارين لوبان) بالانتخابات الرئاسية مما أفقدها رئاسة الجمهورية الفرنسية، بينما أصبحت السيدة (بريجيت ماكرون) سيدة فرنسا الأولى دون مشقة بعد فوز تلميذها سابقا وقرينها حاليا الذي جعل منها سيدة فرنسا الأولى.



إن أعرق الدول الديمقراطية والمجتمعات المتحضرة في العالم لا تنتخب السيدة الأولى، إذ إن وضعها الاجتماعي كزوجة يخولها للحلول في هذا الموقع، بينما الزوج - إذا ما انتخبت زوجته رئيسة للجمهورية أو لمجلس الوزراء- لا يحظى بلقب «السيد الأول»، بل يتوارى غالبا عن الأنظار ولا يكاد يعرف، والنماذج المعاصرة كثيرة، فلا يعرف كثيرون اسم زوج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أو اسم زوج تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا، عدا أزواج الملكات كالأمير إدوارد زوج الملكة إليزابيث الثانية.



وبينما تعد الأحزاب السياسية في العالم العدة مبكرا للتحضير للانتخابات فإن السيدة الأولى المحتملة تنخرط تلقائيا فيها، لأن الضوء سيكون مسلطا عليها إلى جانب زوجها المرشح، وتعتمد عملية التحضير هذه على ثلاثة ركائز أساسية، هي: روح القيادة للمرشح، وملاءمة برنامجه الانتخابي، وجاذبيته (الكاريزما) التي تحدد مدى قبوله العام لتوجهات الناخب السياسية والفكرية، فمثلا كانت الكاريزما التي تمتع بها الرئيس الأمريكي المقتول جون كينيدي تعود في جزء منها إلى زوجته السيدة جاكلين التي أسهمت جاذبيتها في دعم زوجها حتى لحظة اغتياله.



وتكون تصرفات السيدة الأولى محط أنظار العالم، مثلما حصل للسيدة الأمريكية الأولى (سابقا) ميشيل أوباما التي جسدت مشهد غيرة المرأة على زوجها، حيث التقطت وسائل الإعلام لحظة حديث باسم بين الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيسة وزراء الدنمارك (هالي شميدت) أثناء تشييع جثمان الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، ولم تستطع الحالة التلقائية للأنثى أن تفرق بين السياسة وغيرها، حيث أبدلت ميشيل أوباما مقعدها لتجلس في الكرسي الأوسط للحؤول بين زوجها ورئيسة الوزراء الأوروبية الشقراء.

وتعتبر ثقافة السيدة الأولى ولغة خطابها أمرا مهما في السياسة الانتخابية، وربما أن اقتباس (ميلانيا ترمب) لخطاب (ميشيل أوباما) في الانتخابات الأمريكية الأخيرة جعل وسائل الإعلام تركز على قدرات السيدة الأولى وملاءمتها لموقعها، مما عمق التساؤل عن سيدة أمريكا الأولى: هل هي ميلانيا السلوفينية الأصل زوجة الرئيس ترمب، أم ابنته إيفانكا التي تتواجد معه في البيت الأبيض وفقا للقانون باعتبارها مستشارة الرئيس؟!



وتعتبر ظاهرة جلب الانتخابات للسيدة الأولى مثيرة في بعض الدول، ففي عهد الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي دخلت سيدتان «الإليزيه» ما كانتا لتدخلاه لولا اقترانهما بالرئيس تباعا، الأولى هي السيدة سليسيليا التي غادرت القصر الرئاسي بعد عدة أشهر لتحل محلها المغنية والملحنة وعارضة الأزياء ذات الأصول الإيطالية كارلا بروني الزوجة الجديدة للرئيس ساركوزي.



أما السيدة الأولى للولايات المتحدة سابقا هيلاري كلينتون فقد تكون أكثر سيدات القصور اللاتي لم يقف طموحهن عند لقب السيدة الأولى على الرغم من الأجواء الانتخابية التنافسية التي خاضتها عدة مرات، وذلك خلال الحملة الانتخابية للولاية الثانية لزوجها الرئيس السابق (بيل كلينتون) التي جاءت بعد القضية المدوية له مع «فتاة البيت الأبيض» مونيكا لوينسكي، لكن هيلاري لم تستسلم، بل استمرت سيدة أولى لثماني سنوات، ورغم أنها كانت حديث الألسن، إلا أنها رشحت نفسها للرئاسة مقابل باراك أوباما، محققة قصب السبق النسائي في هذا الترشح، إلا أنها انسحبت وفق اتفاق سياسي داخل الحزب الديمقراطي ضمن لها تسلم حقيبة وزارة الخارجية، كما تم ترشيحها مرة أخرى من قبل الحزب الديمقراطي لمنافسة الرئيس الحالي الفائز بالرئاسة دونالد ترمب، لتتوارى هيلاري عن الأنظار نهائيا، محققة الاحترام العالمي من جانب الرجال والنساء على السواء.



أما في روسيا فالسيدة ليدميلا (بوتين) رافقت زوجها طويلا في كل خطواته إلى «الكرملين»، لكنهما أعلنا طلاقهما قبل عدة أعوام ليصبح موقع سيدة روسيا الأولى شاغرا، على

الرغم مما تتناقله وسائل الإعلام في العالم عن علاقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بلاعبة الجمباز الروسية الحسناء ألينا كاباييفا، في ظل رفض الكرملين التعليق على الحياة الخاصة للرئيس. وهنا نقول: للانتخابات في السيدات شؤون!



@Suodalblwi1