الملحقيات الثقافية.. رؤية جديدة

الأربعاء - 22 مارس 2017

Wed - 22 Mar 2017

لن ينحصر دور الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج في متابعة أوضاع المبتعثين السعوديين، إنما ستخضع للتطوير من أجل تحقيق رؤية المملكة 2030. وأهم عناصر التطوير هو استقطاب الكفاءات الجديدة، ولذا سيكون للملحقيات الثقافية السعودية دور مستقبلي رائد في خلق فرص التدريب في الشركات وإيجاد الفرص الاستثمارية ضمن رؤية طموحة.



هذا مضمون ما صرح به الدكتور جاسر الحربش وكيل وزارة التعليم لشؤون البعثات والمشرف على الملحقيات الثقافية في إطلالة من خلال حوار بصحيفة «عكاظ»، أوضح فيه عددا من النقاط، ومن ذلك ما يخص الملحقيات الثقافية ودورها الجديد، حيث قال «وتوجهنا أن يكون للملحقيات دور أكبر ولا ينحصر عملها في متابعة الطلاب والطالبات في دول الابتعاث فقط».



وبناء على خطة التطوير هذه قد تشهد الملحقيات في الفترة القادمة حضورا ثقافيا سعوديا مختلفا يتوافق مع الدور السياسي والثقافي المؤثر للمملكة، حيث إن الجانب الثقافي من عمل الملحقيات قد أكسبها مسماها، وبالتالي لديها فرص كبرى لتحقيق هذا التمثيل الثقافي.



ودور الملحقيات الثقافية في جانبه الثقافي يرتكز على القيام بالأنشطة الثقافية والعلمية عن المملكة، وعقد وتنظيم المؤتمرات والأسابيع والمعارض الثقافية، والتعريف بالجوانب العلمية والثقافية والعمرانية للمملكة، والعمل على نشر المؤلفات، وإقامة الأنشطة الثقافية لمبدعين ومثقفين من البلد المضيف، وتمكين السعوديين - من الطلبة وغيرهم- من المشاركة فيها، وحثهم على المشاركة فيها في الجامعات والمراكز العلمية التي يدرسون فيها.



وقد أدركت وزارة التعليم أهمية تحقيق الدور فسعت للاستقطاب بحثا عن العمل الثقافي المميز في الملحقيات، وعبر ذلك تتفتق الفرص العديدة لخلق حالة من التواصل الثقافي بين المملكة والبلدان الأخرى، لما للثقافة من أوجه أخرى، منها الوجه الاجتماعي والحضاري، وأيضا الوجه السياسي من خلال إيضاح المواقف الثقافية. وتؤدي صناعة العلاقة المتميزة مع النخب الثقافية والاجتماعية -على المستوى الداخلي والخارجي- دورا بارزا في هذا الاتجاه، ولا سيما أن الكثير من الأفراد في المجتمعات الغربية والشرقية - والعربية أيضا - لديهم «صورة ذهنية» معينة عن السعوديين وثقافتهم، لا بل ربما لديهم أحكام مسبقة ومتشددة عن المملكة وشعبها، وفي هذه الحالة تأتي فرصة تقديم ثقافتنا للآخر على أساس واقعها الحديث والمتحضر، على اعتبار أن المملكة أهم أقطاب الثقافة العربية اليوم. وعلى هذا الأساس يمكن للملحقيات صناعة محتواها الثقافي الموجه توجيها سديدا ومؤثرا، بحيث يجسد دور المملكة الحضاري وأهميتها الثقافية إقليميا ودوليا. ورغم أن هذه الرسالة المراد صناعتها قد تكون بسيطة في محتواها إلا أن مضمونها ومعناها وقيمتها الثقافية يفترض أن تكون مؤثرة، ليتم إلقاء الضوء عن كثب على دور الثقافة العربية السعودية وتأثيرها.



لم تعد طرق ووسائل صناعة الثقافة المؤثرة اليوم حكرا على أحد، ولكن من المهم تبني رؤية واضحة في تحقيق الهدف، حيث إن حالة عدم التفاعل الثقافي لا تناسب دور الملحقيات، وخاصة أن الطاقات والخبرات والموارد البشرية (الثقافية) متوفرة، مما يشي بأهمية فرص التواصل الثقافي من خلال المنتج الذي يمكن تقديمه، الذي بوجوده تتحقق «التواصلية» الثقافية، فالثقافة في عصرنا الحالي هي أيضا «فن الممكن» وبراعة بناء العلاقات، ويأتي ذلك من خلال الأنشطة المعتادة والتفاعلات الثقافية، فالفرد الذي يملك أفقا ثقافيا واسعا ينجح في تحقيق الهدف المنشود، من خلال التواصل والحوار وخلق العلاقات الجيدة، وخاصة أن الثقافة تعتمد غالبا على المشتركات والاختلافات الإنسانية بين الشعوب بطريقة تكاملية، وفي ضوء ذلك جاء التوجه الجديد للملحقيات في استقطاب الكفاءات، لما للاهتمام الثقافي الذاتي من أهمية في العمل، حيث إن الاقتناع الفردي بأهمية ودور الثقافة في رفعة الشعوب يسهم مباشرة في تبيان الوجه السعودي المشرق وإبرازه للعالم.