أقول وأنا مسؤول عما أقول
ما الفرق بين الشهادة التي يتخرج بها الطالب من أي مؤسسة علمية أو مهنية وبين التعليم ومكتسبات الطالب من العملية التعليمية التي تؤهله بعد التخرج ليمارس مكتسباته المعرفية في حياته، بعلم كسبه من دراسته وتعلمه؟
ما الفرق بين الشهادة التي يتخرج بها الطالب من أي مؤسسة علمية أو مهنية وبين التعليم ومكتسبات الطالب من العملية التعليمية التي تؤهله بعد التخرج ليمارس مكتسباته المعرفية في حياته، بعلم كسبه من دراسته وتعلمه؟
الثلاثاء - 09 سبتمبر 2014
Tue - 09 Sep 2014
ما الفرق بين الشهادة التي يتخرج بها الطالب من أي مؤسسة علمية أو مهنية وبين التعليم ومكتسبات الطالب من العملية التعليمية التي تؤهله بعد التخرج ليمارس مكتسباته المعرفية في حياته، بعلم كسبه من دراسته وتعلمه؟ أو بمعنى آخر: هل الغاية من الدراسة المعرفة أو الشهادة؟لا شك أن الغاية من التعليم هي المعرفة التي تكسب صاحبها علما نافعا له يحترف به في حياته، وليست الشهادة سوى وسيلة للعلم يحتاجها الطالب لبيان ما حصل ليبدأ تطبيق ما تعلمه نظريا وعمليا، أما الشهادة فهي إقرار وإشهار باكتساب المعرفة لا أكثر ولا أقل والفائدة منها تكون بمقدار الإتقان للعلم الذي حصل عليه حاملها، لا بقيمة الشهادة ذاتها، ولا ننكر أن الحصول عليها في الماضي كان كافيا ليتقدم بها حاملها إلى أي إدارة حتى يجد الوظيفة المناسبة باعتبار الشهادة التي يحملها، بغض النظر عما حصل عليه من دربة ومعرفة، وكانت حاجة الدواوين الحكومية أكثر من أعداد حملة الشهادة، ولهذا السبب يجدون الوظيفة عند تقديم الشهادة فحسب.
وهو ما جعل هناك رابطا عند بعض الناس بين الشهادة والوظيفة فالمسوغ الوحيد حينذاك هو الحاجة، وليس العلم المكتسب الذي يفترض بحامل الشهادة أن يتحلى به، ولكن هذه الحاجة في مؤسسات القطاع العام لم تعد قائمة كما كانت من قبل حتى تستوعب حملة الشهادات مهما كان حظهم من العلم.
اليوم تغير الحال وتغيرت معه أولويات الأمور، فلم تعد الحاجة قائمة لكل من يحمل شهادة التخرج، ولم تعد دواوين الدولة قادرة على استيعاب كل من حصل على شهادة وتقدم بها ليجد عملا مهما كان تخصصه، ومهما كانت قدراته المعرفية ومهما كان حظه من المكتسب العلمي والمعرفي.
ولم تعد الشهادة والحصول عليها سببا لكسب الرزق ولكن التعليم والمهارات التي يكتسبها الطالب أثناء دراسته وإتقانه لما يتخصص فيه من صنوف المعرفة هو الضامن لوجود الوظيفة المناسبة له، ليس في القطاع العام الذي كان هو هدف حملة الشهادات الورقية.
اليوم الموظف الأكبر هو القطاع الخاص، وهو القطاع الذي يزن الموظف بميزان غير ميزان القطاع العام، ميزان هذا القطاع هو الكسب والربح والإنتاج وما يقدمه له حامل الشهادة من علم يستفيد منه وترتفع إنتاجيته وأرباحه من خبرة حامل المعرفة، وليس حامل الشهادة.
فالمعادلة الاقتصادية عند القطاع الخاص تعد الشهادة نقطة واحدة من نقاط عدة لا بد أن يحصل عليها الموظف ويحققها لكي يجد العمل المناسب، ويجد المستقبل بعد ذلك، أول النقاط التي تزكي صاحب الشهادة للعمل والوظيفة هي المعرفة الحقيقية التي اكتسبها من التعليم الذي انتهى بحصوله على هذه الورقة، وهل كان حقا قد خرج من تخصصه بمعرفة نافعة منتجة، إن كان كذلك فإن الشهادة لم تعد أكثر من ورقة تصبح جزءا من أضابير المكاتب الخلفية بينما يكون الرجل هو الواجهة التي يعزز بمعرفته مفهوم الشهادة ومعناها.
إنني أقول وأنا مسؤول عما أقول: إن عددا لا بأس به من حملة الشهادات اليوم لم يكسبوا معرفة علمية يتقدمون بها ويحققون وجودهم العملي بما تعلموا من علوم أثناء دراساتهم إن الشهادات التي حصلوا عليها قد لا تفيدهم حتى يعززوها بمكتسبات معرفية يحتاجها سوق العمل الذي يتوجه إليه حاملها.
وأقول وأنا مسؤول عما أقول: إن أكثر مؤسسات التعليم عندنا في كل مستوياتها لا تُعلم معرفة وعلما نافعا ولكنها تمنح شهادات لا تؤهل حاملها لعلم أو معرفة حقيقية وإنما تمنحه شهادة بعد قضاء عدد من سنوات الدراسة.
وأقول وأنا مسؤول عما أقول: إن من نخرجهم اليوم من مؤسساتنا التعليمية دون أن نؤهلهم بالمعرفة النافعة سيصبحون عبئا ثقيلا علينا وعلى مستقبل المجتمع كله ولن تنفعهم الشهادات التي نعطيها لهم اليوم من أجل أن نرضي الرأي العام بأعداد الخريجين وكثرتهم.
وأقول وأنا مسؤول عما أقول: إن تأهيل ربع من نخرجهم كل عام تأهيلا علميا قويا متقنا خير لهم وخير للوطن وخير لنا من مئات الآلاف الذين نمنحهم الشهادات والسلام ختام.