إلى وزراء الدولة
الأربعاء - 01 مارس 2017
Wed - 01 Mar 2017
لم يقصر بعض الوزراء في الاهتمام ببعض التفاصيل المدرجة موادها تحت مظلة وزاراتهم، والتي كانت سابقا مستندا للتعسف وظلم وإزعاج المواطنين على أقل تقدير. ففتحوا الملفات الغابرة القابعة في أسفل أدراج وزاراتهم وأعادوا دراستها وبالتالي أعادوا النظر في بعض القوانين والقرارات التي وضعت من قبل وزراء سابقين، لكنها غدت منتهية الصلاحية مع مستجدات الوقت الراهن، وظروف الدولة الحديثة ومتطلبات الرؤية.
ويأتي في ذلك النطاق، من باب الذكر لا الحصر، قرار وزارة الصحة بإنشاء مراكز الأحياء الصحية، وقرار إلزام المستشفيات الحكومية بتوفير سرير للمريض وإلا اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سرير بديل له في مستشفى خاص، وتحمل المراسلات اللازمة لذلك والتكلفة الكاملة. مثال آخر هو قرار وزارة التعليم بشأن إلزامية التعليم للبنين والبنات حتى سن الـ15، أو ما يضمن حصولهم على شهادة الكفاءة (المتوسطة). ثم قرار تحديث المناهج والذي صرفت له ميزانية ضخمة، وقرار أكثر حداثة وهو تعليق زيادات رسوم المدارس الأهلية الممنهجة والتي أرهقت الأهالي، ومنع احتكارها للزي الرسمي، بحيث ألزمتها الوزارة بتحديد مواصفات الزي ليكون متاحا في المتاجر العامة وبأسعار مناسبة للجميع.
ونأتي لوزارة العمل، حيث أصدرت قرارات هي الأخرى في مصلحة المواطن والمواطنة كإلزام القطاع الخاص بتوفير حضانات لأطفال الموظفات، أو تحمل تكلفة الحضانات الخارجية، وكذلك قرار عدم اشتراط موافقة ولي الأمر لتوظيف المرأة. أما وزارة العدل فقد أصدرت قرارا باعتماد بطاقة هوية المرأة في مراجعاتها للوزارة وللمحاكم وعدم تقييدها بمعرف أو محرم، كذلك قرارا بعدم إلزام القانونيات بمرافقة محرم لهن عند الترافع عن وكلائهن أو مراجعة الوزارة.
هذه وغيرها من قرارات موفقة استبشر بها المواطنون والمواطنات على حد سواء، وكان المأمول أن تشكل نقلة نوعية في أسلوب عمل الوزارات المعنية، وفي تعامل المواطنين مع الأجهزة الحكومية المناطة بتطبيق تلك القرارات كل بحسب تخصصها، وبالتالي نقلة نوعية في الوعي الاجتماعي والظروف المعيشية، وفي مؤشر الرضى عن التعاملات الحكومية، فقط لو تم تطبيقها على الوجه الصحيح أو حتى مجرد تطبيقها!
القرارات أعلاه منها ما رأى النور لكن خرج إليه مشوها، ومنها ما لم ير النور على الإطلاق. فأول زيارة عشوائية لمراكز الأحياء الصحية ستكشف لوزير الصحة أنها غير صحية! وأسرة المرضى لا تتوفر أحيانا إلا «بحب الخشوم»، وفي حال عدم توفرها فإن المريض يصرف لتدبير حاله، لينتهي به الحال متدهورا صحيا، أو حتى متوفى قبل أن ينتهي من إجراءات البحث عن سرير، أو الحصول على موافقة تحمل المصاريف العلاجية في مستشفى خاص.
وبالنسبة للتعليم فنسبة الأمية 11% بحسب إحصاءات عام 1436 مع أن قرار الإلزام صدر في 1425 ما زال نموذج موافقة ولي الأمر رفيق كل استمارة تسجيل حتى المرحلة الجامعية وما فوقها، والمدارس الخاصة مستمرة في رفع الرسوم بشكل منهجي وسنوي، وتحتكر الزي بشعار لا يتوفر إلا لديها، وترسل أنواع الإنذارات لمن يجرؤ من الأهالي ويرسل أبناءه بغيره.
أما في موضوع تحديث المناهج فحدث ولا حرج! ما زلت أرى خلال تدريس المقررات الدينية لأولادي ما يشيب له الرأس محاولة الالتفاف عليه وشرحه لهم بطريقة أقل تناقضا مع السلام، وأقرب للتعايش السلمي وللواقع، وما زالت تصلني بشكل شبه يومي صور لبعض صفحات المقررات الدينية ذات المحتوى المتطرف والتي لا يمكن للطلاب ربطها بالواقع الذي يعيشونه، ولا تتماشى مع رؤية الدولة في التطور والانفتاح والسلم.
أقل تفتيش عشوائي للقطاع الخاص يثبت ضياع حقوق الكثير من الموظفين، وعدم التزام القطاع لا بإسقاط نموذج موافقة ولي الأمر ولا بتوفير حضانات أو بدل مناسب. حتى إن إحداهن حكت لي كيف أنه يتم إنجاز وتهيئة جميع متطلبات الوزارة صوريا بفترة وجيزة قبل موعد زيارة المفتشين المحدد مسبقا، وتدريب الموظفين على ما يقال وما لا يقال، مع تحذيرهم من عواقب الإفشاء بالنواقص. ولقصص المواطنات والمحاميات في معاناتهن مع شرط المعرف والمحرم حسب مزاجية بعض القضاة وبعض الحراس مقال مستقل يطول فيه السرد.
هنا وقد تجاوزت مساحتي الكتابية بمراحل وبقي في جعبتي الكثير، أختم بتساؤل موجه لوزراء الدولة الموقرين: في ظل تحول عدم الالتزام بقرارات الوزارات إلى ظاهرة لا تحتمل التقاضي الفردي، ما هي الوسائل التي تبحثونها لمتابعة تنفيذ قراراتكم؟ وما هي العقوبات المفروضة على غير الملتزمين؟ والأهم ما هي الطرق التي سوف تتبعوها لضمان خلو زيارة المفتشين من التدليس وضمان حقوق الموظفين المتظلمين؟ آملة ألا تكون قرارات جديدة عارية المتابعة وقاصرة التنفيذ، ودمتم.
[email protected]
ويأتي في ذلك النطاق، من باب الذكر لا الحصر، قرار وزارة الصحة بإنشاء مراكز الأحياء الصحية، وقرار إلزام المستشفيات الحكومية بتوفير سرير للمريض وإلا اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سرير بديل له في مستشفى خاص، وتحمل المراسلات اللازمة لذلك والتكلفة الكاملة. مثال آخر هو قرار وزارة التعليم بشأن إلزامية التعليم للبنين والبنات حتى سن الـ15، أو ما يضمن حصولهم على شهادة الكفاءة (المتوسطة). ثم قرار تحديث المناهج والذي صرفت له ميزانية ضخمة، وقرار أكثر حداثة وهو تعليق زيادات رسوم المدارس الأهلية الممنهجة والتي أرهقت الأهالي، ومنع احتكارها للزي الرسمي، بحيث ألزمتها الوزارة بتحديد مواصفات الزي ليكون متاحا في المتاجر العامة وبأسعار مناسبة للجميع.
ونأتي لوزارة العمل، حيث أصدرت قرارات هي الأخرى في مصلحة المواطن والمواطنة كإلزام القطاع الخاص بتوفير حضانات لأطفال الموظفات، أو تحمل تكلفة الحضانات الخارجية، وكذلك قرار عدم اشتراط موافقة ولي الأمر لتوظيف المرأة. أما وزارة العدل فقد أصدرت قرارا باعتماد بطاقة هوية المرأة في مراجعاتها للوزارة وللمحاكم وعدم تقييدها بمعرف أو محرم، كذلك قرارا بعدم إلزام القانونيات بمرافقة محرم لهن عند الترافع عن وكلائهن أو مراجعة الوزارة.
هذه وغيرها من قرارات موفقة استبشر بها المواطنون والمواطنات على حد سواء، وكان المأمول أن تشكل نقلة نوعية في أسلوب عمل الوزارات المعنية، وفي تعامل المواطنين مع الأجهزة الحكومية المناطة بتطبيق تلك القرارات كل بحسب تخصصها، وبالتالي نقلة نوعية في الوعي الاجتماعي والظروف المعيشية، وفي مؤشر الرضى عن التعاملات الحكومية، فقط لو تم تطبيقها على الوجه الصحيح أو حتى مجرد تطبيقها!
القرارات أعلاه منها ما رأى النور لكن خرج إليه مشوها، ومنها ما لم ير النور على الإطلاق. فأول زيارة عشوائية لمراكز الأحياء الصحية ستكشف لوزير الصحة أنها غير صحية! وأسرة المرضى لا تتوفر أحيانا إلا «بحب الخشوم»، وفي حال عدم توفرها فإن المريض يصرف لتدبير حاله، لينتهي به الحال متدهورا صحيا، أو حتى متوفى قبل أن ينتهي من إجراءات البحث عن سرير، أو الحصول على موافقة تحمل المصاريف العلاجية في مستشفى خاص.
وبالنسبة للتعليم فنسبة الأمية 11% بحسب إحصاءات عام 1436 مع أن قرار الإلزام صدر في 1425 ما زال نموذج موافقة ولي الأمر رفيق كل استمارة تسجيل حتى المرحلة الجامعية وما فوقها، والمدارس الخاصة مستمرة في رفع الرسوم بشكل منهجي وسنوي، وتحتكر الزي بشعار لا يتوفر إلا لديها، وترسل أنواع الإنذارات لمن يجرؤ من الأهالي ويرسل أبناءه بغيره.
أما في موضوع تحديث المناهج فحدث ولا حرج! ما زلت أرى خلال تدريس المقررات الدينية لأولادي ما يشيب له الرأس محاولة الالتفاف عليه وشرحه لهم بطريقة أقل تناقضا مع السلام، وأقرب للتعايش السلمي وللواقع، وما زالت تصلني بشكل شبه يومي صور لبعض صفحات المقررات الدينية ذات المحتوى المتطرف والتي لا يمكن للطلاب ربطها بالواقع الذي يعيشونه، ولا تتماشى مع رؤية الدولة في التطور والانفتاح والسلم.
أقل تفتيش عشوائي للقطاع الخاص يثبت ضياع حقوق الكثير من الموظفين، وعدم التزام القطاع لا بإسقاط نموذج موافقة ولي الأمر ولا بتوفير حضانات أو بدل مناسب. حتى إن إحداهن حكت لي كيف أنه يتم إنجاز وتهيئة جميع متطلبات الوزارة صوريا بفترة وجيزة قبل موعد زيارة المفتشين المحدد مسبقا، وتدريب الموظفين على ما يقال وما لا يقال، مع تحذيرهم من عواقب الإفشاء بالنواقص. ولقصص المواطنات والمحاميات في معاناتهن مع شرط المعرف والمحرم حسب مزاجية بعض القضاة وبعض الحراس مقال مستقل يطول فيه السرد.
هنا وقد تجاوزت مساحتي الكتابية بمراحل وبقي في جعبتي الكثير، أختم بتساؤل موجه لوزراء الدولة الموقرين: في ظل تحول عدم الالتزام بقرارات الوزارات إلى ظاهرة لا تحتمل التقاضي الفردي، ما هي الوسائل التي تبحثونها لمتابعة تنفيذ قراراتكم؟ وما هي العقوبات المفروضة على غير الملتزمين؟ والأهم ما هي الطرق التي سوف تتبعوها لضمان خلو زيارة المفتشين من التدليس وضمان حقوق الموظفين المتظلمين؟ آملة ألا تكون قرارات جديدة عارية المتابعة وقاصرة التنفيذ، ودمتم.
[email protected]