فهد الحازمي

هل ستلتهمنا الروبوتات؟

السبت - 18 فبراير 2017

Sat - 18 Feb 2017

في شهر أكتوبر من عام 2014 أعلن رجل الأعمال ذائع الصيت إيلون مسك في مقابلة له أن الذكاء الصناعي يمثل تهديدا للبشرية، وتبعه بعد أشهر قليلة عالم الفيزياء ستيفن هاوكنق في تصريح له بأن الذكاء الصناعي يهدد وجود الجنس البشري، كما تبعهم بيل قيتس بتصريحات مشابهة.



هذه اللغة المستخدمة في وصف التقدم الحاصل في مجال الذكاء الصناعي ليست جديدة تماما، فطالما حفلت روايات وأفلام ومسلسلات الخيال العلمي بمثل هذه الصبغة (مثل Transcendence، Her، Ex Machina، Westworld). ولكن لم يكن معهودا أن تأتي هذه اللغة من شخصيات معتبرة لها تاريخ حافل بالنجاح والنظرة الثاقبة.



من جهة أخرى، سوق تطبيقات الذكاء الصناعي اليوم يقدر بالمليارات، بل وفي تقرير حديث نشره «بنك أوف أمريكا» قدرت تكلفة تطبيقات الذكاء الصناعي وتعلم الآلة بنحو 14 تريليون دولار بحلول 2025. وتتسابق فيه كبريات الشركات التقنية وصغارها مثل قوقل وفيس بوك ومايكروسوفت وبايدو وغيرها لتطوير تقنيات الذكاء الصناعي والتعلم الآلي ودمجها في مختلف خدماتها. من الصعب أن نوجز تاريخ الذكاء الصناعي في مقالة صحفية، لكن لا يفوت المتابع التصاعد المستمر في فورة تطبيقات الذكاء الصناعي منذ 2012 تقريبا، حيث إن تطبيقات الذكاء الصناعي طالت أغلب المواقع والشركات الكبرى لدرجة بدء الحديث عن «اقتصاديات الذكاء الصناعي» وهو مجال يدرس العلاقة بين الذكاء الصناعي والاقتصاد كآثار الذكاء الصناعي المباشرة وغير المباشرة على الحركة الاقتصادية وما إلى ذلك من الأسئلة.



حسب هذه المعطيات يتضح أن تأثير الذكاء الصناعي على سوق الوظائف شبه محتوم، حيث يتنبأ تقرير تابع لـ «مجموعة بوسطن الاستشارية» بأن ربع الوظائف ستتكفل بها برامج الذكاء الصناعي بحلول 2025 فيما يعرف بـ «الأتمتة». وهذا الأمر سيعكس تلقائيا ازديادا كبيرا في معدلات البطالة في بعض المهن الروتينية والمكتبية، إذ تشير التقديرات إلى أن سوق العمل سوف يخسر نحو خمسة ملايين وظيفة بحلول 2020 بسبب زيادة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الصناعي. إضافة إلى ذلك وحسب دراسة صادرة من جامعة إكسفورد، أشار الباحثون إلى أن 47% من الوظائف في بريطانيا مهددة تحت تأثير الذكاء الصناعي.



وفي ظل هذه النظرة المستقبلية يمكن تلخيص المواقف تجاه الذكاء الصناعي بأنها لا تخلو من حالين: المتشائمة والمتفائلة. أما المواقف المتشائمة فعادة ما تصدر - ويا للمفارقة - من المجتمعات التقنية والعلمية نفسها، حيث يرى هذا التيار أن التسارع المستمر في أبحاث وتطبيقات الذكاء الصناعي ستؤدي في نهاية المطاف إلى خسران الكثير من الوظائف التي يقوم بها الإنسان. أما النظرة المتفائلة فيعبر عنها العديد من المؤرخين والاقتصاديين بفكرة أن التقنيات الجديدة كثيرا ما تخلق وظائف جديدة بقدر ما تبتلع من الوظائف، وهذا يعني أنه ربما لن نشهد مستوى بطالة حادا بسبب الآلات الذكية ولكن ستتحول الوظائف الحالية (خصوصا الأعمال المكتبية أو الوظائف التي لا تتطلب مهارة حرفية عالية) إلى قطاعات أخرى جديدة لم يكن لها وجود مسبقا.



لكن مهما اختلفت الآراء حول مستقبل الذكاء الصناعي، يكاد يتفق الجميع على أهمية الاستعداد لهذا المستقبل القريب. فعلى مستوى الأفراد سيصبح التعلم والتدريب المستمر أساسا مهما ليبقى الإنسان مرنا لاكتساب مهارات جديدة ومختلفة تساعده على التأقلم مع أي تغيرات محتملة، وهنا يصبح التعلم الالكتروني بكافة أشكاله أداة مهمة للغاية في التأهيل الوظيفي. أما الحكومات فستكون أمامها مهمة أصعب من ناحيتين: الإعداد لمرحلة تزيد فيها نسب البطالة بفعل تزايد استخدام الآلات وتهيئة الأجيال القادمة بشكل مختلف لكي لا يصبحوا ضحية لجشع الروبوتات.



[email protected]