فهد السديري سفيرا وأميرا ووزيرا وأديبا

هناك رجال يظلون على السجية السمحة، ويعيشون حياتهم على حسن الطوية، ويبقى كل ما يشغل بالهم، ويسيطر على أفكارهم إسعاد الآخرين، وقضاء حوائج الناس دون منّ ولا أذى، ولا تفاخر، رغم أن من بينهم من شغل الوظائف الرفيعة، وتقلد المهام الكبيرة، فكان لهم ذلك لأنهم أهل له

هناك رجال يظلون على السجية السمحة، ويعيشون حياتهم على حسن الطوية، ويبقى كل ما يشغل بالهم، ويسيطر على أفكارهم إسعاد الآخرين، وقضاء حوائج الناس دون منّ ولا أذى، ولا تفاخر، رغم أن من بينهم من شغل الوظائف الرفيعة، وتقلد المهام الكبيرة، فكان لهم ذلك لأنهم أهل له

الاحد - 15 فبراير 2015

Sun - 15 Feb 2015



هناك رجال يظلون على السجية السمحة، ويعيشون حياتهم على حسن الطوية، ويبقى كل ما يشغل بالهم، ويسيطر على أفكارهم إسعاد الآخرين، وقضاء حوائج الناس دون منّ ولا أذى، ولا تفاخر، رغم أن من بينهم من شغل الوظائف الرفيعة، وتقلد المهام الكبيرة، فكان لهم ذلك لأنهم أهل له ..والقول هنا ينطبق صدقا وحقا على الأمير السفير، والوزير الأديب فهد بن خالد السديري.

بدأ مشوار حياته الدبلوماسية سفيرا للمملكة لدى دولة الكويت خلال سنوات ما قبل ثمانينات القرن الماضي، وتواصل عطاء السديري بعدها حين تقلد منصب وكيل وزارة الإعلام، وكانت تلك واحدة من أخصب فترات توهجه على صعيد العمل العام، وفي مستهل ثمانينات القرن المنصرم اضطلع بمسؤولية إمارة نجران، فكان خير أمير لخير إمارة، وأسعفه النجاح فيها بفضل تكامل الأدوار الإدارية والثقافية والاجتماعية في شخصه.

عاش فهد السديري جل حياته في محافظة الغاط، هناك حيث كان مجلسه ملتقى أصدقاء الماضي الجميل، حيث يقف ضيوفه مبهورين على ضفاف مكتبته الثقافية الزاخرة والعامرة بشتى ضروب المعرفة والثقافة، وهو لا يفتأ يستعيد شريط ذكرياته الطويل في خدمة الوطن بالكويت، ووزارة الإعلام، ونجران، ويزداد فخرا وعرفانا بالزيارات الكريمة التي كان يجريها الأمير سلطان بن عبدالعزيز والأمير نايف بن عبدالعزيز ـ رحمهما الله ـ إلى مزرعته ، ويذكر -أيضًا- بحث الأمير سلطان عن مواطن البساطة بعيدا عن قيود التكلف.

كذلك لم يكن السديري يكف في تلك الجلسات عن تكرار مآثر المرحوم غازي القصيبي عندما كان وزيرا للكهرباء، ويسوق الأمثلة على ذكاء وفطنة هذه الشخصية الفذة، يقول السديري: (عندما كنت أميرا على نجران زار المنطقة الوزير القصيبي، وفي جولة له عبر المحافظات لاحظ عدم توفر الكهرباء في بعض أجزائها، بل إن بعض المواطنين قاموا بإطفاء الأنوار موجهين رسالة مباشرة للوزير، وحين هم القصيبي بمغادرة المنطقة وعدني أن حل مشكلة الكهرباء في نجران سيكون خلال 10 أيام فقط، ولم أتوقع أن يكون تحقيق وعده ممكنا لعلمي المسبق ببطء الإجراءات الحكومية؛ إلا أن ذكاء الوزير كان فوق توقعاتي، فقد تصادف أن القصيبي عند وصوله إلى المطار في الرياض التقى الملك فهد بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ الذي كان متجها حينها إلى جدة وإلى جانبه وزير المالية، فهمس في أذن الملك بموضوع كهرباء نجران، فأشار الملك على الفور إلى وزير المالية باعتماد جميع مطالب القصيبي، وبالفعل جاء المهندسون في الموعد المحدد ونفذ المشروع حسب ما قال الوزير.

ولأن السديري شغوف بالأدب والثقافة ومحب للعلم، فإن روح التلقائية جزء من طبعه على المستوى الشخصي والعام، ولعل هذا قد انعكس جليًا من خلال جائزة الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي التي تمثل وهجًا من بعض تجلياته في خدمة الوطن والعلم والعلماء.