محمد العقلا

ماذا بعد فوز ترامب

السبت - 19 نوفمبر 2016

Sat - 19 Nov 2016

انتهت حملة الانتخابات الأمريكية بعد فترة ترقب ومتابعة وانتظار، وكانت الغالبية من خارج أمريكا تتوقع وتتمنى فوز هيلاري كلينتون على منافسها المرشح الجمهوري دونالد ترامب لعدة أسباب؛ من أبرزها ما كان يصدر عن الاستطلاعات الإعلامية الأمريكية التي كانت تشير إلى فوز كلينتون إلى ما قبل الانتخابات بعدة ساعات، وأيضا تصريحاته النارية العنصرية تجاه المقيمين بأمريكا إقامة غير نظامية، وكذلك تجاه المسلمين فيها والقادمين إليها، وأيضا ضد بعض الدول العربية والإسلامية، ومواقفه المؤيدة لبعض الأنظمة الديكتاتورية، وفي مقدمتها نظام الأسد الدموي، وبعد فرز الأصوات وما آلت إليه من فوز صريح لترامب الذي شكل فوزه صدمة لمن ضللتهم الاستطلاعات الإعلامية الأمريكية.



والآن وقد اعترف الجميع بفوزه وهنأه خصومه، فإن على الجميع أن يتعاملوا مع هذا الأمر بواقعية، وعليهم أن يستعدوا لأسوأ الاحتمالات، ولا يركنوا إلى ما يردده البعض من أن هذه التصريحات التي أطلقها ترامب أثناء الحملة الانتخابية كانت للاستهلاك الإعلامي، فالكتاب يقرأ من عنوانه، والرئيس يحكم عليه من اختياراته، وما قام باختياره حتى الآن يوحي بتصميمه على تنفيذ ما وعد به أثناء الحملة الانتخابية.



وما يعنينا في المقام الأول هو ما تطرق إليه عن نظرته لبلادنا الغالية، وما قد ينجم عنه من تصرفات لا يمكن التنبؤ بأبعادها وانعكاساتها، لا سيما وأنه شخص مندفع ولا يتردد في قرن أقواله بأفعال عدوانية لافتقاره إلى الخبرة السياسية، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال تفضيل هيلاري كلينتون عليه والتي كانت جزءا من فريق عمل أوباما الذي كانت مدة رئاسته أسوأ مدة فيما يتعلق بالتعامل مع قضايا العرب والمسلمين، وفي عهده ابتليت دول المنطقة وفي مقدمتها سوريا وليبيا ومصر واليمن بكثير من المآسي والفتن، وحل بشعوبها وأوطانها القتل والدمار، وأصبحت حلبة صراع كبرى لجهات خارجية.



وترامب لا يختلف عن أوباما إلا في الكشف عن النوايا مسبقا، وإظهار الأهداف علانية، وإلا فهما وجهان لعملة واحدة تستهدف العرب والمسلمين، فالأول ملمسه خشن، والآخر ناعم، ولمواجهة هذا الواقع ينبغي على جميع من استهدفهم ترامب بتصريحاته أن يعدوا العدة بالاستعداد من خلال اللجوء إلى التحالفات والتحضير الجيد لهذا الأمر، وأن يكون الجميع في خندق واحد، فهم قد كشروا عن أنيابهم بدءا من الإعلان عن قانون جاستا، ثم وصول ترامب إلى سدة الحكم بقناعة الشعب الأمريكي رغم عدوانيته وعنصرية تصريحاته، وينبغي أخذ الحيطة والحذر من التصريحات المسكنة والمخدرة للخصوم قبل استهدافهم، فالأمر جد خطير، والتصريحات علانية، والمخططات قديمة، وكفة الميزان في وقتنا الحالي تميل لصالحهم، فهم قد بدؤوا بتنفيذ المخطط منذ عدة سنوات، وعلينا أن نتذكر قول الله عز وجل «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار» وكان الجميع في السابق يتصورون أن هناك عداء مستحكما بين الغرب والنظام الصفوي الإيراني، ودارت الأيام واكتشف الجميع زيف هذا العداء، واتضحت الحقيقة المؤلمة بأنهما حليفان قديمان نسقا لاستهداف أهل السنة في العراق وسوريا، باحتلال هذين البلدين وقتل المكون السني وتدمير ممتلكاتهم، وتشريد من تبقى منهم، ومن ثم استيطان مكون آخر معاد لهم وشريك في التآمر عليهم.. فهل يدرك الجميع أبعاد هذا المخطط التآمري، ويستعدوا لمواجهته وإفشاله.