انتشار الديمقراطية الغربية يخدم المصالح الأمريكية

انتشار الديمقراطية الغربية مفيد للولايات المتحدة لعدة أسباب.

انتشار الديمقراطية الغربية مفيد للولايات المتحدة لعدة أسباب.

السبت - 30 أغسطس 2014

Sat - 30 Aug 2014



انتشار الديمقراطية الغربية مفيد للولايات المتحدة لعدة أسباب.



أولا: الديمقراطيات الغربية لا يمكن أن تخوض حربا ضد الولايات المتحدة. منطق السلام الديمقراطي يفترض أن الولايات المتحدة سيكون لها أعداء أقل في عالم تسوده الأنظمة الديمقراطية. ولذلك فإن الولايات المتحدة تعتقد أنها ستكون أكثر أمنا إذا تبنت روسيا والصين والدول العربية والإسلامية النظام الديمقراطي الغربي.

ثانيا: نشر الديمقراطية الغربية من شأنه أن يعزز الأمن القومي الأمريكي لأن الأنظمة الديمقراطية لن تدعم أي عمل إرهابي ضد الولايات المتحدة. الولايات المتحدة تعتقد أن الممول الرئيس للإرهاب هي الأنظمة القمعية الدكتاتورية. لكن بعض المشككين بالسلام الديمقراطي يشيرون إلى أن بعض الأنظمة الغربية مولت سرا بعض العمليات الإرهابية ومارست «إرهاب الدولة» ضد أنظمة ديمقراطية أخرى. من بين الأمثلة على هذا دور الولايات المتحدة في الانقلاب في إيران عام 1954، وفي تشيلي 1973. لكن هذا لا يلغي أهمية الادعاء بأن الأنظمة الديمقراطية ستكون أقل ميلا لدعم الإرهاب.

ثالثا: انتشار الديمقراطية سيقلل أعداد اللاجئين الذين يهربون من بلدانهم إلى الولايات المتحدة والدول الغربية. الدول التي يخرج منها أكبر عدد من اللاجئين هي التي لا يكون فيها أنظمة ديمقراطية غربية. غياب الديمقراطية يقود عادة إلى صراعات داخلية واضطهاد سياسي ونمو سريع في عدد السكان – وجميعها عوامل تشجع على الهجرة إلى الخارج. أعداد اللاجئين القادمين من هايتي إلى الولايات المتحدة انخفض بشكل كبير بعد التدخل العسكري الأمريكي الذي أطاح بنظام الجنرال راؤول سيدراس في هايتي وأعاد الحكومة المنتخبة ديمقراطيا إلى الحكم، بالرغم من أن الوضع الاقتصادي لهايتي لم يتحسن بشكل فوري.

رابعا: انتشار الديمقراطية الغربية عالميا يمهد لتحالفات أمريكية مع عدد أكبر من الدول. مع أن أمريكا لديها حلفاء بين الدول التي لا تتبنى الديمقراطية الغربية، إلا أن معظم حلفائها من الأنظمة الديمقراطية الغربية. الدول الديمقراطية تميل إلى التحالف مع بعضها بعضا أكثر من ميلها للتحالف مع أنواع أخرى من الأنظمة. وهكذا فإن نشر الديمقراطية الغربية سيوجد مزيدا من الشركاء المحتملين للولايات المتحدة.

خامسا، انتشار الديمقراطية الغربية سيزيد من ثقة الولايات المتحدة بمؤسساتها الديمقراطية. الولايات المتحدة تعتقد أن نظامها الديمقراطي سيكون في وضع أفضل إذا تبنت دول أكثر أنظمة سياسية شبيهة به. هذا الاعتقاد يعكس القناعة بأن الأنظمة الديمقراطية ستكون أكثر قربا من الولايات المتحدة.

أخيرا، ستستفيد الولايات المتحدة من نشر الديمقراطية الغربية لأن مثل هذا النظام سيساعد على إيجاد شركاء اقتصاديين أفضل. الأنظمة الديمقراطية الغربية ستكون أكثر ميلا إلى تبني اقتصاد السوق، ولهذا فإن الولايات المتحدة تعتقد أنها ستكون أكثر ازدهار وانفتاحا من الناحية الاقتصادية، بالإضافة إلى أنها ستوفر المناخ المناسب للاستثمارات الأمريكية. الولايات المتحدة ستكون في هذه الحالة قادرة على إقامة علاقات تجارية أكثر فائدة مع هذه الأنظمة.

لكن التحدي الأيديولوجي الأهم الذي تواجهه الديمقراطية الغربية يأتي من شرق آسيا ويطلق عليه أحيانا اسم «السلطوية الناعمة» أو «القيم الآسيوية.» هذه المدرسة الفكرية تقول إن الدول يجب أن تحكم من قبل نخبة سلطوية حكيمة، وحقوق الفرد يجب أن يتم الحد منها أحيانا من أجل صالح المجتمع الأوسع، وأن الدولة يجب أن تلعب الدور الأكبر في التنمية الاقتصادية. أقرب الأمثلة على هذا النظام هو نظام الحكم في سنغافورة، لكنه يطبق جزئيا أيضا في دول أخرى مثل ماليزيا والصين وإندونيسيا. كثير من الدول الأفريقية معجبة بهذا النموذج في الحكم أيضا.

«السلطوية الناعمة» الآسيوية تستحق الاهتمام لسببين. أولا، أنها تأتي كأبرز وأشمل انتقاد للديمقراطية الليبرالية. ثانيا، الدول التي تتبناها كانت من بين أكثر الدول نموا من الناحية الاقتصادية. دول مثل سنغافورة وماليزيا والصين حققت معدل نمو اقتصادي سنوي وصل إلى 10% أو أكثر في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين. الاضطرابات الاقتصادية التي بدأت تعاني منها مؤخرا قد تكون موقتة، وأثر ذلك على الأسواق العالمية يبين أهمية هذه الدول الاقتصادية. النقاد الآسيويون يقولون إن نشر الديمقراطية الغربية بالقوة غير مرغوب به لأن هذا النوع من الديمقراطية يسمح بمجال كبير من الليبرالية التي قد تسبب انهيارا أخلاقيا واجتماعيا في بعض الدول. معدلات الطلاق في الولايات المتحدة والولادات خارج إطار الزوجية ومعدلات الجريمة جميعها أدلة على سوء استخدام الليبرالية. ثم إن الديمقراطية الغربية قد تؤدي إلى صراعات إثنية في الدول الآسيوية.

إن لكل مجتمع خصوصيته الثقافية والدينية ومجموعة خاصة من القيم، ولذلك فإن المنطق أن يختار كل مجتمع نظام الحكم الذي يناسبه ويحظى برضى وقناعة الغالبية العظمى من الشعب فيه.



* أكاديمي وكاتب صحفي (ديلي سن، بنجلادش)