الصهوة السوداء المكان الآمن للجريمة في وضح النهار
عندما كان ظل كل شيء تحته، والنور لا يمكن أن يكون أكثر منه أو أقل، بين جبال تتعالى على الأصوات مهما علت، تنقطع وسائل الاتصال والتواصل في الصهوة على طريق جعرانة في العاصمة المقدسة، حيث لا تصلها أبراج الهواتف المحمولة وتغيب عنها الهواتف الثابتة، مثلما يغيب مجمل الخدمات ما عدا الطريق العام، والذي لم يكن يخدم الصهوة على وجه الخصوص
عندما كان ظل كل شيء تحته، والنور لا يمكن أن يكون أكثر منه أو أقل، بين جبال تتعالى على الأصوات مهما علت، تنقطع وسائل الاتصال والتواصل في الصهوة على طريق جعرانة في العاصمة المقدسة، حيث لا تصلها أبراج الهواتف المحمولة وتغيب عنها الهواتف الثابتة، مثلما يغيب مجمل الخدمات ما عدا الطريق العام، والذي لم يكن يخدم الصهوة على وجه الخصوص
الخميس - 12 فبراير 2015
Thu - 12 Feb 2015
عندما كان ظل كل شيء تحته، والنور لا يمكن أن يكون أكثر منه أو أقل، بين جبال تتعالى على الأصوات مهما علت، تنقطع وسائل الاتصال والتواصل في الصهوة على طريق جعرانة في العاصمة المقدسة، حيث لا تصلها أبراج الهواتف المحمولة وتغيب عنها الهواتف الثابتة، مثلما يغيب مجمل الخدمات ما عدا الطريق العام، والذي لم يكن يخدم الصهوة على وجه الخصوص.
على بعد عدة كيلو مترات من بداية طريق جعرانة المتفرع من طريق مكة ـ المدينة، تقع الصهوة شبه الخالية من السكان، ما عدا مصانع الصلب والحديد، ومقاطع الطوب، والكسارات، ولولاها لعم السكون المكان وغرق في الصمت ما خلا صوت الأنفاس.
مظاهر الحياة القليلة والبطيئة، لا تكاد تدب إلا على جانبي الطريق العام، يقطعها صوت مرور السيارات بين فترة وأخرى، وبمجرد أن تتجاوز المزارع المهجورة والمصانع المغلقة، والمسير على «جلد» لا يحتمل، تغيب مظاهر الحياة تماما، وكل ما هناك جبال جرداء اكتست لون الرماد، وأجذاع نخل خاوية، وقليل من شجر الطلح الذي كاد يقتله الظمأ لولا أن أودع خصائص الحياة في الظروف القاسية.
تضاريس وعرة، ولا مكان للاختباء إلا في مكان مكشوف ميزته الوحيدة أن لا أحد يصل إليه، إلا راع يتتبع بأغنامه حشائش وكلأ المزارع المهجورة، أو تائه اختلطت عليه المشارق والمغارب.
المكان موحش وتكثر فيه المزارع وآبارها العميقة والمصانع الضخمة المهجورة، المهيأة سلفا لارتكاب الجرائم والمخالفات، يساعد على ذلك قلة عدد السكان، وغياب المحلات التي يمكن أن تتوقف عندها السيارات العابرة للطريق.
والصهوة السوداء كما أسماها بعض سكان العاصمة المقدسة، نسبة إلى أنها شهدت تفاصيل اثنتين من أبشع الجرائم التي شهدتها مكة المكرمة، الأولى قضية النجمي والتي راح ضحيتها على يد ثلاثة من أقرانه الذين قتلوه ثم دفنوه هناك، والأخرى جريمة قتل ارتكبها أيضا ثلاثة شبان قتلوا واحدا من أقرانهم اغتصب أحدهم كما زعموا، وأحرقوا جثته قبل أن يدفنوها هناك.
منيف الخديدي من سكان الصهوة القليلين، قال: من الغريب أن تسأل عن التواجد الأمني، فالمنطقة تخلو من أبسط الخدمات كافة، ولا نشاهد هنا أي دوريات أمنية أبدا، وإن كانت الصهوة قليلة السكان، ففيها عدد من المصانع والمزارع والمستودعات، وتشهد حركة أعلى كثافة نسبيا في النهار، كما أن هناك قرى ومواقع قريبة تشهد كثافة سكانية عالية كجعرانة وحي النوارية القريب، وطالما تحضر فيها الدوريات الأمنية فما المانع من تواجدها هنا والمرور على الصهوة، وهو أمر كفيل بمنع من تسول له نفسه ارتكاب أي مخالفة، أما فيما بين منازلنا فنحن نحرسها، كما نقتني كلاب الحراسة وهي متواجدة بكثرة في منازلنا ومزارعنا، لكن المنطقة في الداخل خصوصا كبيرة ولا يمكن ضبط كل من يخرج أو يدخل منها وإليها.