نصوص الجهاد وعلاقتها بأفعال داعش!
لا أحد يستطيع أن ينكر دور الجماعات الإسلامية في الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، ولا أحد ينكر دور العامل الديني في تحريك هذا الصراع، ولعل الحديث عن هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة ومحاولة استقراء أفكارها يبدأ بمجموعة أسئلة عريضة وصريحة؛
لا أحد يستطيع أن ينكر دور الجماعات الإسلامية في الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، ولا أحد ينكر دور العامل الديني في تحريك هذا الصراع، ولعل الحديث عن هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة ومحاولة استقراء أفكارها يبدأ بمجموعة أسئلة عريضة وصريحة؛
الاثنين - 11 أغسطس 2014
Mon - 11 Aug 2014
لا أحد يستطيع أن ينكر دور الجماعات الإسلامية في الصراع القائم في منطقة الشرق الأوسط، ولا أحد ينكر دور العامل الديني في تحريك هذا الصراع، ولعل الحديث عن هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة ومحاولة استقراء أفكارها يبدأ بمجموعة أسئلة عريضة وصريحة؛ هل ما تقوم به هذه الجماعات وتحديداً داعش من قتل وتدمير وحرق، وقتل الأسرى، وجز الرؤوس، والتمثيل بهم له علاقة بالدين الإسلامي؟ أم إن الإسلام بريء مما تقوم به داعش؟ هل ما تقوم به داعش هو مجرد استنساخ لما قرأه أعضاؤها وأفرادها في السيرة، وفي الكتب التي تتحدث عن صدر الإسلام الأول؟ دعونا في البداية نحدد بعض العلاقة بين الدين وتصرفات هؤلاء الناس: إذا كان الشخص يربط بوعي بين تصرفاته والدين، يعني بأنه واع بما يفعله على أن له علاقة بالدين الذي يعتنقه، فداعش هنا واعية تماما بأن ما تقوم به هو تمثيل للإسلام كما جاء في فهمهم للنصوص التي تلقفوها عبر نصوص التراث الإسلامي.
العلاقة الثانية: إذا كان في الدين نصوص تأمر أو تحث على تلك التصرفات، وأحياناً هنا تكون النصوص مفهومة بشكل خاطئ وهذا ما يؤمن به غالبية المسلمين المناوئين لفكر داعش، وهنا نبحث عن العلاقة الثالثة، وهي: إذا كانت تفسيرات هذه النصوص تؤيد تلك التصرفات بمعنى أن تفسيرات الطبري وابن كثير، والقرطبي، والرازي تدعم تصرفات الداعشيين، فهنا يجب إعادة تنقيح هذه التفسيرات من الشوائب بشكل واضح وجلي، حتى نفك علاقة داعش بالإسلام.
ولنكن أكثر صراحة، داعش وأخواتها هي أنموذج لتطبيق مصغر للحشو الموجود في بعض كتب التفسيرات سواء للقرآن أو السيرة، وهي نفسها المقررات التي نحشو بها عقول النشء، والتي نردد فيها نفس القصص في البيوت والمدارس والمساجد، زرعنا لهم نماذج من عصر صدر الإسلام عبر بطولاتهم الجهادية دون تفسير صحيح لاعتبار اختلاف المرحلة ومتطلباتها، ثم إن هذه النماذج نُقلت لنا عبر رواةٍ كان وما زال الخلاف على ثقة بعضهم قائماً حتى هذه اللحظة.
لنأخذ على سبيل المثال مكالمة التهديد المسجلة للقاضي السعودي عيسى المطرودي بالقتل، نجد الشاب السعودي «الداعشي» وهو يهدد القاضي بجز رأسه يستدل بابن مسعود رضي الله عنه عندما قطف رأس أبي جهل وحمله إلى رسول الله لأنه يعدّ القاضي طاغوتا من الطواغيت، وهنا نتساءل عن الطريقة والمناسبة التي انساقت فيها تفاصيل هذه القصة لهذا الشاب؟ بل أدعوك عزيزي القارئ إلى العودة بذاكرتك، وأسألك كم مرة رُويت لك قصة «جز ابن مسعود لرأس أبي جهل» في المسجد، والمدرسة، وحتى في البيت دون تفسير لاختلاف المرحلة وانقضائها؟ بالتأكيد مرات عديدة!أيضا هناك نصوص كثيرة في باب الجهاد يجب ألا تساق وتذكر على طريقة تحضير «الوجبات السريعة» كما جاء في صحيح مسلم، كتاب الإمارة باب «ذم من مات ولم يغزُ، ولم يحدث نفسه بالغزو» فسياق هذا الحديث وتكراره كثيراً من قبل خطباء المساجد دون تفصيل لشروط باب الجهاد وأركانه المغلظة هو تأسيس خطير لفكر ينتمي إلى هذه الجماعات المتطرفة، فهذه نصوص عميقة تحتاج إلى تفصيل وتدقيق.
للأسف يجب أن نعترف أن التاريخ الإسلامي حاضر بثقله في هذه الأزمة، داعش وأخواتها يستدلون من قرآننا ومن سنة رسولنا، ومن كتب علماء التفسير التي يجب إعادة النظر في بعض محتوياتها، غير المسلم بدأ يصدق أن الإسلام يدعو إلى العنف والقتل وانتهاك حقوق البشر.
نحن في أزمة تاريخية حقيقية تحتاج إلى منقذ إلهي للخروج منها.