أبطالي المغمورون.. موسى بن أبي الغسان بطل لا يؤخر السقوط
كان سقوط غرناطة، آخر ممالك المسلمين، في الأيام الأولى من شهر يناير عام 1492م بمثابة طعنة نافذة في جسد الإسلام وتاريخه، ما زلنا نبكي عليها حتى الآن
كان سقوط غرناطة، آخر ممالك المسلمين، في الأيام الأولى من شهر يناير عام 1492م بمثابة طعنة نافذة في جسد الإسلام وتاريخه، ما زلنا نبكي عليها حتى الآن
الاثنين - 11 أغسطس 2014
Mon - 11 Aug 2014
كان سقوط غرناطة، آخر ممالك المسلمين، في الأيام الأولى من شهر يناير عام 1492م بمثابة طعنة نافذة في جسد الإسلام وتاريخه، ما زلنا نبكي عليها حتى الآن.. رغم أن لا أحد تعمق فيها ودرس أسبابها الحقيقية.. الغريب أن غرناطة لم تسقط لضعف المدينة، فلقد كانت واحدة من أقوى مدن أوروبا وأحصنها.. ولم تسقط لضعف جيشها، فالجيش الغرناطي كان جيشا مدربا محترفا ذا خبرة هائلة بالمعارك، كثير العدد، لأن كل مدينة تسقط من مدن الأندلس كان جيشها ينسحب لينضم إلى الجيش الغرناطي.. والغريب أن قيادة الجيش كانت لواحد من أعظم قادة الجيوش في التاريخ الإسلامي هو القائد العربي المسلم موسى بن أبي الغسان الذي كان قائدا لفرسان غرناطة.. واجتمعت جيوش أوروبا لتساعد الجيش الإسباني الذي كان أقوى جيوش العالم آنذاك، وأطبقت الحصار على آخر مدن المسلمين برا وبحرا، ووقفت سفنهم في مضيق جبل طارق لتمنع أية معونة من المغرب، وشيدت مدينة لتطبق الحصار على غرناطة من كل الجهات سماها الإفرنج سانتا في، أي مدينة الرب. واستمر الحصار ما يزيد عن سبعة أشهر وشح القوت ونضبت المياه وأصيب الناس باليأس، إلا الفارس العربي الباسل موسى بن أبي الغسان الذي كان يقود فرسانه خارج الأسوار ليرد الطلائع الإفرنجية، والغريب أن المؤرخين العرب والمسلمين تجاهلوا الفارس النبيل ولم تنصفه إلا المراجع الإسبانية التي أشادت ببطولاته وبأنه الصوت الوحيد الذي وقف ضد تسليم المدينة للملكين الكاثوليكيين فرناندوا وايزابيلا، ومن أقواله المأثورة «ليعلم ملك النصارى أن العربي قد ولد للجواد والرمح، وأنا خير لي قبر تحت أنقاض غرناطة في المكان الذي أدافع عنه عن أفخم قصور نغتنمها بالخضوع لأعداء الدين».. وفي حفل التوقيع على معاهدة التسليم كان الصوت الوحيد الذي ارتفع بالرفض، وكان مما تذكره المراجع الإسبانية أنه قال «لتقاتل العدو حتى آخر نسمة، وأنه خير لي أن أحصى بين الذين ماتوا دفاعا عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها».
ونفذ البطل الشهيد وعده، فمع بداية التسليم ودخول طلائع الجيش القشتالي، ذهب ابن أبي الغسان إلى منزله فلبس لباس الحرب واخترق شوارع غرناطة وخرج من أحد أبوابها وهناك قابل سرية من الفرسان الإفرنج فاشتبك معهم، وقتل عددا كبيرا منهم وأصيب وسقط جواده صريعا وظل يقاتل بخنجره.. وعندما أيقن أنهم قد يأسرونه رمى بنفسه في نهر غرناطة واختفى. ويقول المؤرخون الإسبان إنهم وجدوا جثته بعد ذلك على ضفاف النهر.. رحم الله الشهيد البطل الذي حاول أن يؤخر سقوط راية الإسلام في الأندلس.. ولكن قدر الله كان نافذا.