نكاتنا الاجتماعية.. ضحك كالبكاء!

هناك نكتة شعبية متداولة على هيئة خبر عاجل تقول: الأقمار الاصطناعية الغربية، ترصد كتلا سوداء كثيفة تتحرك بسرعة في أرجاء الوطن، والجهات المعنية تطمئن العالم: ما عليكم لا تخافون هذولي حريمنا الله يحفظهم يدوجون في الأسواق قبل العيد،

هناك نكتة شعبية متداولة على هيئة خبر عاجل تقول: الأقمار الاصطناعية الغربية، ترصد كتلا سوداء كثيفة تتحرك بسرعة في أرجاء الوطن، والجهات المعنية تطمئن العالم: ما عليكم لا تخافون هذولي حريمنا الله يحفظهم يدوجون في الأسواق قبل العيد،

السبت - 26 يوليو 2014

Sat - 26 Jul 2014



هناك نكتة شعبية متداولة على هيئة خبر عاجل تقول: الأقمار الاصطناعية الغربية، ترصد كتلا سوداء كثيفة تتحرك بسرعة في أرجاء الوطن، والجهات المعنية تطمئن العالم: ما عليكم لا تخافون هذولي حريمنا الله يحفظهم يدوجون في الأسواق قبل العيد، الوضع طبيعي جدا!

أما النكتة الأخرى فتحكي عن وضعنا المأساوي يوم العيد، فتقول: الخياطين زحمة، والأسواق زحمة، والحلاقين زحمة، وصالونات النساء، زحمة والشوارع زحمة، والمحلات زحمة، وآخر شيء بالعيد نايمين!

الطرفتان السابقتان تحكيان عن غياب ثقافة الشراء لدى الكثير من الأسر، والأخرى عن حالنا الكئيب يوم العيد، والذي يكون عادة لزيارة الأقارب والأصدقاء والجيران، ولكنه يتحول إلى يوم عالمي للنوم، فبعد العاشرة من صبيحة يوم العيد يدخل الشعب في غيبوبته السنوية التي تقتل الفرح وتغتال المباهج.

وفي الأغلب تعكس النكتة بشكل عام الكثير من الأنماط الاجتماعية المعاشة، فالنمط الاستهلاكي الكبير والعادة الشرائية غير الواعية، خصوصا في المناسبات – وكل السنة عندنا مناسبات – يتطلبان من المختصين الاقتصاديين تعزيز ثقافة الشراء لدى المواطن البسيط، الذي ينفض غبار محفظته بعد استلامه للراتب بأيام معدودات.

والنكتة عادة، وخصوصا الساخرة التي تحمل طابع الكوميديا السوداء، لا تنشأ من فراغ، بل عادة تتشكّل من أعماق الوجع الشعبي، ونبض الشارع الحقيقي الذي يصور المأساة الشعبية أو المعاناة الذاتية على هيئة طرفة تستدرج الضحك المرير، والألم اللذيذ!

وعادة تكون النكات المتداولة هي أشبه بحالة تشخيصية لأوضاع المجتمع، وهي صورة طريفة تعكس مرارات الحياة وعذاباتها ومكابداتها بلغة لطيفة تخفّف أسى القلب وأثقال الجسد، الذي ما زال يلهث ليل نهار في مسالك الحياة الرتيبة والاستهلاكية بشكل مفجع، مغيبا إشراقات الروح وتجليات النفس.

وتعليقا على مسألة النكات المتداولة خصوصا مع انتشار وسائل التواصل وأقنية الإعلام المختلفة، فقد انتقلت الطرفة المحلية من مرويات جحا وأشعب إلى النملة وبعض الحشرات إلى التندر على بعض القبائل والجنسيات العربية والأجنبية إلى النكتة الساخرة المصنوعة صناعة وطنية خالصة.

ففيما سبق كنا نستورد النكات من أكبر مصنع ومصنّع لها في الشرق الأوسط إن لم يكن في العالم، وهو في نظري شعب مصر الجميل الذي يملك حس الطرافة والظرافة، والذي كان يضحّكنا بضحك يشبه البكاء، وذلك في معمعة أزمته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولكن الآن في تصوري أننا تجاوزنا العالم في صناعة وتصدير النكتة إلى الشعوب الأخرى.. فمتى نتجاوزهم في صناعة ما هو أهم من الكلام؟! ويكفي.