تلفزيون رمضان.. بدون هجاء
أصبح مشاهد اليوم يتعامل مع البرامج أكثر من القنوات بصورة محددة، حيث تتيح التقنية متابعة البرامج الناجحة في أي وقت وأي مكان
أصبح مشاهد اليوم يتعامل مع البرامج أكثر من القنوات بصورة محددة، حيث تتيح التقنية متابعة البرامج الناجحة في أي وقت وأي مكان
السبت - 26 يوليو 2014
Sat - 26 Jul 2014
أصبح مشاهد اليوم يتعامل مع البرامج أكثر من القنوات بصورة محددة، حيث تتيح التقنية متابعة البرامج الناجحة في أي وقت وأي مكان. ومع توفر مساحات كبيرة للنقد والتعليقات من الجمهور ارتفعت ذائقة المشاهد كثيرا.. فلم يعد يتقبل الكثير مما يقدم من أعمال، وأصبح رأيه في حالات كثيرة مقاربا لرأي النقاد، وقد يتفوق عليهم لأن الناقد تصطدم رؤيته أحيانا بإشكالية العلاقات والمجاملات.
يستهدف أصحاب القنوات الفضائية شهر رمضان لأنه يبدو أفضل فرصة سنوية لهم، إن لم يكن الوحيد.. ولهذا تكثف كل الأعمال السنوية له. في هذا الشهر يمكن معرفة أوقات الذروة وبرنامج المشاهد اليومي ونوعية الجمهور، وهذا لا يتحقق عادة في الأيام الأخرى. فالمشاهد لديه ساعات كثيرة تبدو فيها مشاهدة التلفزيون هي الخيار المتاح له.. في أوقات الإفطار والأكل الليلية.. أو بعض ساعات الخمول النهارية.
يبدو أن الدراما السعودية تعيش مأزقا مزمنا منذ سنوات طويلة، وحتى الإغراق في الكوميديا لم ينقذها، وأصيبت بمرض «طاش» في سنواته الأخيرة. إفلاس في جوانب كثيرة.. بالرغم من ضخامة بعض الأرقام المالية. فقدت الكوميديا السعودية شخصيتها الأولية التي تشكلت مع الرواد. كتب كثير من النقاد آراءهم عن ما يقدم.. منذ سنوات مضت، وأصبحت مفردة «التهريج» وصفا شائعا لها.. بالرغم أنها ليست دقيقة، فالتهريج أعلى مستوى منها، فلم تنجح حتى في التهريج! فقر المحتوى والأفكار والنصوص.. أهم ما يشير إليه النقاد، وبالرغم من معرفة منتجي هذه الأعمال هذه الحقيقة كل عام إلا أنهم يكررونها.. لسيطرة الجشع التجاري. هم لا يريدون أن يدفعوا مبالغ على الأفكار والنصوص.. فلم يبحثوا ولم يطلبوا ممن لديهم قدرة، ولم يستعينوا بمثقفين. فأصبحت الأفكار كلها إعادة إنتاج عشوائي لما تطرحه الانترنت من قضايا.. سنوية. مونديال كأس العالم في البرازيل أنقذ الكثير من الجمهور للاستغناء عن رداءة كثير مما يعرض، وأنقذ بعض المنتجين في توفير الأعذار لفشلهم.
حول البرامج الحوارية كانت المفاجأة الأكثر حضورا لبرنامج «يا هلا رمضان»، كسر فيها الروتين الذي تقدم فيه هذه البرامج، واستطاع أن يلفت الأنظار في توقيت ليلي ناجح، وضيوف من الوزن الثقيل.. لكن نوعية الضيوف أخذت تضعف في مرات عديدة. برنامج في الصميم.. حافظ على وهجه في وقت العصر الرمضاني، بالرغم من الظروف التي مرت في البرنامج العام الماضي، وأصبح يسير باستراتيجية «حبة فوق وحبة تحت».
في البرامج الاجتماعية حافظ برنامج خواطر على حضوره السنوي، واستطاع الشقيري أن يفرض احترامه، لأن الجهد المبذول في محتوى البرنامج بمعلوماته، والأماكن التي يزورها يستحق التقدير. هناك الكثير من النقد الذي يمكن التوقف عنده منذ سنوات.. لكن البرنامج يبدو مناسبا لفئة معينة، وليس للنخب التي تنتقده. من الخطأ تصنيف البرنامج في إطار الوعظ بالمفهوم السائد. وبالرغم من أن البرنامج في سنته العاشرة، إلا أن فكرته التي سار عليها.. تجعله لا يشيخ.. وقابل للتجدد مع تغيرات العصر، بعرض بعض المعلومات من تجارب وأماكن حضارية متعددة.
«في خاطري شيء» لتركي الدخيل، استطاع أن يشكل إضافة مختلفة بالرغم من الدقائق القصيرة جدا، والتي يمكن أن يفوتك نصف البرنامج أثناء تعديل جلستك. إخراج ناجح وشاشة مريحة للمشاهد، ومحتوى معد بعناية يفرض احترامه.. لتناسب زمنا بين الأربع والخمس دقائق.
تعرضت برامج الدعاة والوعاظ في رمضان لتحولات في السنوات الأخيرة.. مع أحداث الربيع العربي، فقد أثرت المتغيرات السياسية على كثير من البرامج والشخصيات التي فقدها المشاهد. عمرو خالد من أبرز الغائبين هذا العام.. وكان آخر ما قدمه العام الماضي قصة الأندلس، بإعداد ومحتوى مميز مع زيارة الأماكن التاريخية نفسها. غياب بعض المشاهير منذ العقد الماضي عن بعض القنوات من المفترض أن يكون فرصة لدعاة آخرين.. وحتى الآن لم تبرز شخصيات جديدة.
التلفزيون السعودي بقنواته المختلفة يعيش محاولات جادة للتغيير وكسب المشاهد، وبالرغم من قسوة النقد العشوائي والانطباعي المستمر عليه.. من كثير من الإعلاميين والجمهور الذي بدأ يستكثر على التلفزيون المحلي أي تحسن بسبب الذاكرة الجماعية، وطول العهد بمرحلة الجمود والتقليدية، وهذا النوع من النقد بحد ذاته بحاجة لرؤية أخرى في مقال آخر.