أوصيكم بالدَّهشة!

في البداية لا بد من التفريق بين الاستغراب والدهشة، فالاستغراب ردة فعل، ناتجة عن تلقي حواس الإنسان مؤثرات خارجية قد تكون غير مألوفة، وهو مسألة نسبية، تختلف بين الشعوب، ومن فرد لآخر، وحتى بين الأشقاء بل التوائم.!

في البداية لا بد من التفريق بين الاستغراب والدهشة، فالاستغراب ردة فعل، ناتجة عن تلقي حواس الإنسان مؤثرات خارجية قد تكون غير مألوفة، وهو مسألة نسبية، تختلف بين الشعوب، ومن فرد لآخر، وحتى بين الأشقاء بل التوائم.!

الثلاثاء - 10 فبراير 2015

Tue - 10 Feb 2015



في البداية لا بد من التفريق بين الاستغراب والدهشة، فالاستغراب ردة فعل، ناتجة عن تلقي حواس الإنسان مؤثرات خارجية قد تكون غير مألوفة، وهو مسألة نسبية، تختلف بين الشعوب، ومن فرد لآخر، وحتى بين الأشقاء بل التوائم.!

أما الدهشة أو الاندهاش، فهي شعور لا يخلو من جرعة تزيد أو تنقص من الاستغراب، وهي في معناها الأهم والأعم، حالة وجدانية تغمُر صاحبها بمشاعر لا متناهية، من السّعادة الممزوجة بالاستحسان وحتى الذهول أحيانا، لما تتلقاه الحواس الخارجية والداخلية.!

وهنا تتبادر للذهن أسئلة من قبيل: ما مدى الاستعداد ليكون الإنسان مُدهشا؟! وما مدى قابليته ليكون مُندهِشا؟! والسؤال الأصعب: هل يمكن أن يكون الإنسان مدهشاً ومندهشاً معا؟!

يبدو أنني قد ورطتُ نفسي، في الإجابات عن الأسئلة الشائكة أعلاه، وأخشى ما أخشاه أن أفتي وأنا بلا دهشة ولا اندهاش.!

ومع ذلك سأحاولُ الإجابة مجتهدا، من خلال رصيد تجربتي مع الدهشة والمدهشين وما أكثرهم.!

لنكون مدهشين أيها الأعزاء، على أحدنا أن يجلس مع نفسه (مع نفسه بالمعنى الفلسفي، وليس بالمعنى الشبابي المتداول.!) ويجيب عن هذه الأسئلة المهمة:

ماذا تعني لي هذه الحياة؟! وهل أنا أعيشها بالرضى والمحبة والعطاء؟! أم أنا دائم التذمّر كثير الجحود؟!

هل يلفتُ نظري شروق الشمس وغروبها كل يوم؟! أم أنني أنشغلُ فقط بحرارتها وقت الظهيرة؟!

لا شك أن الانهماك في النظر إلى الجانب المُظلم من القمر، وعدم الالتفات - ولو قليلا - لجانبه المضيء، هو أول موانع الدهشة والاندهاش، وهذا كله عكس التفاؤل، الذي يمنح صاحبه إشراقة الروح واتقاد الذهن وصفاء القلب.!

ومتى ما ظلّلت أشجارُ الإيمان والطمأنينة حياتَنا، زادتْ دهشتُنا وتزايد إدهاشنا، ومضينا في درب العمر نُدهش ونندهِش بلا توقف.!

تخيّلوا شكل الحياة بلا دهشة؟! إنها ستبقى مجرد أفعال وأقوال مكررة، نمارسها برتابةٍ وملل.! وللخروج من ذلك، لا بد أن نغير زوايا النظر إلى الأشخاص والمواقف والأشياء، حتى تتبدّى لنا الجوانب الجميلة والمدهشة، انظروا لبيوتكم وعائلاتكم نظراتٍ مختلفة وإيجابية، فتّشوا عما يدهشكم فيهم، واصنعوا ذلك مع أقاربكم وأصدقائكم وبقية الناس، غلّبوا حُسن الظن في كل الأشخاص والمواقف حتى يثبت العكس.!

لا تصدّقوا أن افتراض سوء الظن هو المقدَّم دائما.

يقول لي أحد الأصدقاء المدهشين: الاندهاش بداية التفكير الفلسفي، ويضيفُ ناصحاً: اندهش أكثر لتَفهم أعمق.!

وأنا بدوري أقول له ولكم: تعجبني الدهشة، ويُذهلني المدهشون، فعيشوا للدهشة وبالدهشة، وكونوا مدهشين مندهشين!