محمد العقلا

حتى لا تسود ثقافة الإحباط

الخميس - 27 أكتوبر 2016

Thu - 27 Oct 2016

لا يخفى على الجميع خطورة ثقافة الإحباط على أي مجتمع لما لها من آثار سلبية على نفسية أفراده وتأثيرها البالغ على الإنتاجية ويمتد ذلك إلى الانتماء، فيتراجع كثيرا سواء كان ذلك للقطاع الذي يعمل به أو الوطن الذي ينتمى إليه.



وقد لاحظ الجميع تواصل استفزاز بعض المسؤولين من وزراء ونواب وزراء وأمناء مدن وأعضاء مجلس الشورى وغيرهم للمواطنين، وبطريقة تفتقر إلى أبسط قواعد اللياقة واللباقة، وأثارت تصريحاتهم تساؤلات كثيرة عن مدى كفاءتهم لتولي هذه المناصب القيادية، بل وصل الحال بكثير من المواطنين إلى المطالبة بإقالتهم ومن ثم محاسبتهم.



ومما يبعث على الحسرة والأسى والألم هو تحميل هؤلاء المسؤولين المواطن مسؤولية الإخفاق، وأنه السبب في محدودية نجاح مشروعات التنمية بسبب تدني إنتاجيته وتسيبه وإهماله، ونسي هؤلاء أو تناسوا ما قدمه أبناء الوطن الغالي من تضحيات وجهود كبيرة في سبيل تطور ورقي هذا الوطن والدفاع عنه، وكانوا مضرب المثل في الإخلاص والعطاء والولاء لولاة أمرهم ووطنهم.



وبعد صدور مجموعة من القرارات المتعلقة بإعادة النظر في أسعار المواد الأساسية مثل المحروقات والكهرباء والمياه وزيادة أسعارها ثم إلغاء كثير من البدلات للموظفين المدنيين والعسكريين واستثناء المرابطين على الحد الجنوبي من ذلك، انتظر الجميع ظهور بعض المسؤولين عبر وسائل الإعلام لكي يشرحوا ويوضحوا للمواطنين الأسباب المؤدية إلى ذلك ومن ثم تطمينهم على الأوضاع الاقتصادية للوطن، وتم بالفعل الإعلان عن لقاء مع كل من وزيري المالية والخدمة المدنية ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط. وكانت المفاجأة الأولى ظهورهم على قناة خاصة، وإن كانت محسوبة على الوطن، حيث كان الأولى أن يكون ظهورهم على إحدى القنوات الرسمية للدولة، ثم كانت المفاجأة الثانية، بل الطامة الكبرى، ما تحدث به اثنان من أقطاب اللقاء، كشفا من خلال ما تحدثا عنه عن ضحالة في التفكير وسوء في الطرح وافتقار إلى أبسط قواعد اللياقة واللباقة وحسن المنطق، حيث تحاملا على المواطن وحملاه مسؤولية الإخفاق وتدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب تسيبه وإهماله، والحقيقة أنهم السبب في ذلك وليس المواطن.



وقد تناقلت وكالات الأنباء وبعض القنوات الفضائية العالمية هذه التصريحات السلبية، وأخشى ما أخشاه أن يترتب عليها حدوث مزيد من الركود الاقتصادي، وتدفع بكل من المستثمر الأجنبي والمحلي إلى الاتجاه خارج المملكة بحثا عن فرص أفضل نتيجة لما صدر عنهم من تصريحات غير مدركين لخطورتها، فضلا عن الركود الاقتصادي الذي لم تشهده البلاد منذ زمن بعيد.



وما قاله هؤلاء المسؤولون يؤكد ما سبق وأشرت إليه في مقال سابق في هذه الصحيفة بعنوان «التخطيط الاستراتيجي الغائب المفقود»، فمنذ أكثر من 47 عاما ونحن نسمع عن خطط تنموية تهدف إلى تنوع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط، ومع ذلك وإلى يومنا هذا لم يتحقق شيء من هذا القبيل.



وكان من ثمار هذا اللقاء المؤلم ردة الفعل العنيفة والقوية من الغالبية الساحقة من المواطنين الذين استغربوا ما قيل من هؤلاء المسؤولين، وأخشى ما أخشاه أن تكون هذه المقابلة وما صدر عنها من تصريحات استفزازية وما سبقها من تصريحات لمسؤولين آخرين سببا أساسيا ورئيسيا في انتشار ثقافة الإحباط بين أبناء الوطن، وإلى الله المشتكى.



[email protected]